- ارتفاع الضرائب المباشرة على الدخل والأرباح بـ 40 في المائة من إجمالي الإيرادات الضريبية
أصدر صندوق النقد العربي، الثلاثاء، العدد التاسع من السلسلة البحثية “موجز سياسات” حول “العبء الضريبي” لشهر ديسمبر 2019.
وتناول هذا العدد الإصلاحات الضريبية الهادفة إلى توزيع العبء الضريبي بصورة عادلة والذي من شأنه أن يقلل من معدلات التهرب الضريبي وزيادة التحصيل الضريبي وبالتالي تعظيم الإيرادات الضريبية.
كما تطرق هذا العدد أيضا إلى عملية نقل العبء الضريبي من المكلف قانوناً بدفع الضريبة إلى شخصٍ آخر.
وأوضح صندوق النقد العربي في سلسلته البحثية أن عملية النقل تختلف من ضريبة إلى أخرى، فمثلاً بالنسبة إلى ضرائب التجارة الخارجية أو ما يُعرف بالتعريفة الجمركية، فإن المستورد يقوم بتحميل العبء الضريبي على سعر السلعة المستوردة وبالتالي تنتقل إلى المستهلك الأخير.
وبينت السلسلة البحثية أن تحمل العبء الضريبي يختلف بين الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة، وذلك حسب نوع السوق الذي تتم فيه ممارسة النشاط.
وبين هذا العددأن العبء الضريبي يختلف عن ما يعُرف بالجهد الضريبي حيث يشير المصطلح الأول إلى إجمالي ما يتحمله المكلفون من ضرائب خلال فترة زمنية معينة منسوباً إلى الناتج المحلي الإجمالي، في حين يعبر الجهد الضريبي عن إجمالي الضرائب المُحصلة فعلياً منسوبة إلى الطاقة الضريبية المٌقدرة أو “العبء الضريبي الأمثل”.
وتطرق العدد إلى المنهجيات المستخدمة في قياس العبء الضريبي مثل منحنى لورنز (Lorenz curve) لتوزيع العبء الضريبي، وكذلك منحنى لافر(Laffer curve) أو ما يعرف بمنهجية الضغط الضريبي.
كما استعرض الموجز عدد من المحاولات الدولية لقياس العبء الضريبي من بينها “مؤشر العبء الضريبي”لمؤسسةهيرتاج (Heritage Foundation) الذي تحتسبه المؤسسة في سياق إصدار مؤشر الحرية الاقتصادية الذي هو عبارة عن المتوسط الترجيحي لثلاثة مؤشرات فرعية تتمثل في معدل ضريبة الدخل على الأفراد، ومعدل ضريبة الدخل على الشركات، بالإضافة إلى العبء الإجمالي للضرائب المباشرة وغير المباشرة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
انخفاض متوسط مؤشر العبء الضريبي
ولاحظ صندوق النقد العربي أن متوسط مؤشر العبء الضريبي المتضمن في مؤشر الحرية الاقتصادية في قطاع المالية العامة، الصادر عن مؤسسة هيرتاج،بلغ نحو 87.6 في المائة في عام 2019، وهو ما يشير إلى انخفاض مستويات العبء الضريبي في الدول العربية مقارنة بالمتوسط العالمي.
وأشار العدد إلى أن أغلبية الدول العربية حققت معدلات تفوق المتوسط العالمي المقدر بـ 77.2 في المائة.
وفي هذا السياق، بين أن حجم العبء الضريبي في السعودية يبلغ 99.8، وقطر 99.7، والإمارات 99.2، وعمان 97.8، والكويت 97.7، ولبنان 91.8، والأردن 91، والسودان 86.3، ومصر 85.2، وموريتانيا 78.
في المقابل، حققت أربع دول عربية معدلات دون المتوسط العالمي وهي الجزائر 76.4، وجيبوتي 76.2، وتونس 74.4، والمغرب 72.2.
وقسم صندوق النقد العربي الدول العربية إلى ثلاث مجموعات وتضم المجموعة الأولى كل من جيبوتي وموريتانا والمغرب وتونس والجزائر حيث تفوق بها مستويات العبء الضريبي الـ 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتشمل المجموعة الثانية كل من مصر والأردن وجزر القمر ولبنان، حيث تتراوح فيها نسبة العبء الضريبي بين 14 و18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتضم المجموعة الثالثة كل من الإمارات وعمان والسودان وقطر والبحرين والسعودية والكويت، والتي تنخفض فيها نسبة العبء الضريبي دون مستوى الـ 9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار صندوق النقد العربي إلى انخفاض متوسط العبء الضريبي في الدول العربية (يقاس بنسبة الايرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي) مقارنة بالمتوسط العالمي ، حيث بلغ 9.1 في المائة في عام 2018 مقارنة بـ 14 في المائة للمتوسط العالمي، وفقا بيانات البنك الدولي.
وبين النقد العربي أن هناك علاقة عكسية بين قيمة المؤشر والعبء الضريبي، فكلما انخفضت قيمة المؤشر دل ذلك على كِبر حجم العبء الضريبي.
ويكمن الهدف من استخدام هذا المؤشر كأحد المؤشرات المستخدمة للتعرف على الحرية الاقتصادية للأفراد والشركات.
كما استعرضت السلسلة البحثية مؤشرات أخرى تُستخدم لقياس العبء الضريبي، مثل معدل الضريبة القانونية (Statutory Tax Rates) الأكثر شيوعاً بالأخص فيما يتعلق بمفاضلة الأعباء الضريبية بين الدول من أجل إتخاذ القرارات الاستثمارية.
وتناول العدد بعض التجارب الدولية والعربية في توزيع العبء الضريبي حيث أشار إلى أن بعض الدول العربية لجأت إلى تخفيض العبء الضريبي على الشركات الأجنبية بهدف تشجيع جذب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية.
ولاحظ صندوق النقد العربي وجود تحسن في توزيع كفاءة العبء الضريبي في الدول العربية وفق أحدث البيانات بما يعكس أثر الإصلاحات المالية التي تم تبنيها في الآونة الأخيرة.
ارتفاع الضرائب المباشرة على الدخل والأرباح
وفي هذا السياق، أشار الصندوق إلى ارتفاع الأهمية النسبية للضرائب المباشرة على الدخل والأرباح لتشكل في عام 2018 نحو 40 في المائة من مجمل الإيرادات الضريبية على مستوى الدول العربية كمجموعة مقابل نحو 27 في المائة فقط في عام 2014، في حين تراجعت الأهمية النسبية للضرائب غير المباشرة، التي تُفرض على مبيعات السلع والخدمات دون التفرقة بين المُكلفين حسب مستوى الدخل، حيث انخفضت نسبتها لتشكل 60 في المائة من مجمل هيكل الإيرادات الضريبية في عام 2018 مقارنة بنحو 73 في المائة في عام 2014.
وأوصى صندوق النقد العربي في سلسلته البحثية، بجملة من التوصيات في مجال السياسات الضريبية.
وفي هذا السياق، دعا الصندوق صناع السياسات الاقتصادية إلى الحرص على تعزيز الإجراءات الخاصة بتوسيع القاعدة الضريبية، مما يؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية المتاحة وبالتالي تمويل مشاريع البنية التحتية ودعم برامج شبكات الأمان الاجتماعي.
كما دعا أيضا إلى وضع نظام ضريبي مرن يُمكن من خلاله فرض عبئاً ضريبياً مقبولاً وفعالاً لضمان امتثال المكلفين بدفع الضريبة وعدم التهرب منها.
وأكد الصندوق أن هذه التوصيات تتطلب النظر في ثلاث محددات أساسية وهي إتساق العبء الضريبي مع أهداف التنمية المستدامة، وتقييم العبء الضريبي دورياً، بالإضافة إلى ضرورة مراعاة معايير الكفاءة، والمساواة، والشفافية.