سلطة النقد تصدر مذكرة حول تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد الفلسطيني

بنوك عربية

أصدرت سلطة النقد الفلسطينية، مذكرة بعنوان “الآثار الاقتصادية المتوقعة لأزمة فايروس كورونا على الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2020”.

وأشارت المذكرة، التي أعدتها دائرة الأبحاث والسياسة النقدية، إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعمل في ظل بيئة شديدة المخاطر والتحديات تسببت خلال السنوات الماضية بمجموعة من الأزمات والصدمات، السياسية والاقتصادية، على حد سواء، كان آخرها أزمة إيرادات المقاصة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي في العام 2019.

وأضافت المذكرة أن العام الحالي لم يكن استثناء، فقد تعرض الاقتصاد الفلسطيني في نهاية شهر فبراير إلى أزمة جديدة ذات صبغة عالمية متمثلة بفيروس كورونا، وتعتبر الأولى من نوعها التي تتعرض لها فلسطين في تاريخها المعاصر، ومن المتوقع أن يكون لها العديد من التداعيات على مستوى بعض الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، وعلى مستوى الاقتصاد الكلي.

وتناولت المذكرة التطورات الاقتصادية العالمية في ظل أزمة كورونا، حيث أكدت أن الاقتصاد العالمي سيعاني من أثر الصدمات الكبيرة التي تلقتها حركة التجارة والإنتاج في الاقتصادات الكبرى، لا سيما ما تركز في قطاعات السياحة والسفر والنقل والخدمات الأخرى.

تأثير التطورات العالمية

وفيما يتعلّق بتأثير التطورات العالمية على الاقتصاد الفلسطيني في ظل أزمة كورونا، فمن المتوقع أن تتضمن التعاملات المالية للاقتصاد الفلسطيني مع المؤسسات والأسواق المالية الإقليمية والعالمية (على الرغم من محدوديتها) بعض المخاطر المحتملة، التي يتفاوت تأثيرها تبعا لمصدرها ونوعها.

وفي هذا السياق، رصدت المذكرة خمسة مصادر رئيسية لمخاطر محتملة يمكن أن تنتقل للاقتصاد الفلسطيني بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص من خلال تعامله مع المؤسسات والأسواق الخارجية، وهي الاستثمارات الخارجية، معدلات الفائدة، أسعار الصرف، أسعار النفط والمواد الأولية، وتدفقات الدخل والتحويلات الجارية في ميزان المدفوعات.

وبالنسبة إلى الاستثمارات (الأصول) الخارجية، توقعت المذكرة أن تشهد قيمة هذه الأصول انخفاضا متفاوتا إما لتوجه المقيمين لتسييل بعض استثماراتهم في الخارج أو تبعا لتقلبات الأسواق العالمية والإقليمية.

كما تتوقع المذكرة أن تتراجع التوظيفات الخارجية للقطاع المصرفي الفلسطيني نظرا لانخفاض ربحية الأصول، وزيادة مخاطرها الائتمانية المحتملة خاصة في ظل انخفاض أسعار الفائدة عالميا.

وبخصوص معدلات الفائدة، أشارت المذكرة إلى أنه بالنظر إلى تخفيض الفائدة على الدولار الأمريكي والدينار الأردني، فإن المصارف العاملة في فلسطين ستواجه انخفاضا في معدلات الفائدة خلال العام الحالي على العملتين، مما سيؤثر سلبا على إيراداتها ومن ثم على مستوى أرباحها.

وفيما يتعلّق بأسعار الصرف، أكدت المذكرة أن التغيرات والتقلبات ستؤثر في سعر الصرف على أكثر من جانب في الاقتصاد الفلسطيني والنظام المالي.

وفي هذا السياق، فسرت المذكرة أن هذه التغيرات تؤثر على مالية الحكومة جراء حصولها على منح ومساعدات خارجية بعملات كالدولار واليورو، والتي تشكل حوالي 17 في المائة من إيراداتها.

كما تؤثر هذه التقلبات على أصول القطاع المصرفي، والتي تحاول المصارف باستمرار مواءمة أصولها وخصومها بالعملات المختلفة، والتحوّط لمثل هذه المخاطر.

وبالنسبة إلى تدفقات الدخل والتحويلات الخارجية، توقعت المذكرة أن تنخفض قيمة تدفقات دخل الاستثمار في الخارج، والتي تقدر بنحو 243 مليون دولار سنويا.

وتوقعت المذكرة ارتفاع التحويلات الموجهة للقطاع الحكومي على شكل مساعدات خارجية في ظل الأزمة الحالية وما توفره المؤسسات الدولية من دعم للدول المتضررة، مقابل انخفاض تحويلات القطاع الخاص تبعا لانخفاض مداخيل هؤلاء الأفراد أو فقدانهم لوظائفهم إذا ما استمرت الأزمة الحالية طويلا.

سناريوهين اثنين لتداعيات كورونا

وتطرقت المذكرة إلى حجم الضرر المتوقع على الاقتصاد الفلسطيني جراء تداعيات انتشار هذا الفيروس، وفقا لتقديرات سلطة النقد بالاستناد إلى سيناريوهين اثنين، الأول استمرار الأزمة لمدة أربع شهور، والثاني استمرارها لمدة ستة شهور.

وبالنسبة إلى السيناريو الأول، توقعت المذكرة تراجع النمو الاقتصادي بنحو 3.7 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي نتيجة تراجع الاستهلاك بـ 4.5 في المائة والاستثمار 7.0 في المائة.

ونتيجة لهذا التراجع، من المتوقع أن تنخفض الإيرادات الحكومية بنحو ملحوظ، حيث توقعت تراجع إيرادات ضريبة القيمة المضافة على الواردات خلال الربع الأول بنحو 13 في المائة والرسوم الجمركية بنحو 8 في المائة.

وأكدت سلطة النقد في مذكرتها أنه وفقا لهذا السيناريو، يتوقع أن تزداد حدّة الأزمة خلال الربع الثاني من العام الحالي نتيجة زيادة حدّة الإجراءات والتدابير المتخذة من قبل الحكومة الفلسطينية.

وتوقعت تراجع النمو الاقتصادي بـ 8.9 في المائة خلال الربع الثاني 2020.

أما في السيناريو الثاني، توقعت المذكرة تراجع النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث بنحو 6 في المائة، وذلك على إثر تراجع الاستهلاك الخاص بـ 9 في المائة والاستثمار بنحو 12 في المائة.

وأكدت المذكرة أن الإجراءات التي قامت بها سلطة النقد ركزت على ضخّ مزيد من السيولة في الاقتصاد، للتخفيف من تداعيات الأزمة، وكذلك لتحفيز النشاط الاقتصادي.

وفي هذا السياق، أشارت المذكرة إلى أن الإجراءات التي اتخذتها سلطة النقد كانت ذات أثر فعال، وأسهمت في التخفيف من حدّة ووقع أثر هذه الأزمة على الاقتصاد الفلسطيني.

وأضافت أن التقديرات تشير إلى أن هذه الإجراءات قد أسهمت في التخفيف من حدّة التراجع في الناتج المحلي الإجمالي وفق السيناريو الأول بنحو 8.9 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى نحو 3.4 في المائة.

وتوقعت المذكرة أن يظهر أثر هذه الإجراءات بشكل أكثر وضوحا على معدلات النمو خلال الربع الثالث  من العام الحالي.

أما بالنسبة إلى السيناريو الثاني، من المتوقع أن تسهم الإجراءات في تخفيف وطأة التراجع في النمو إلى نحو 3.7 في المائة مقارنة بتراجع بنحو 6 في المائة دون هذه الإجراءات.

وأشارت سلطة النقد الفلسطينية إلى أن النتائج التي توصلت إليها المذكرة لا تزال أولية وغالبا ما سيتم تعديلها في ضوء تطورات ومجريات الأوضاع، وتأثيراتها المتوقعة على السيناريوهات المتعلقة بالنمو الاقتصادي المتوقع ومدى تراجعه.

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو