وزير المالية الأردني: أزمة كورونا عصفت بالاقتصاد

بنوك عربية

قال محمد العسعس وزير المالية الأردني في حوار له نشره صندوق النقد الدولي، إن أزمة كورونا كان لها تأثير كبير على الاقتصاد الأردني، ما جعلها تحتاج الى التمويل السريع للحد من تداعياتها ودفع عجلة الاقتصاد من جديد.

وفي حوار أجراه فريق “بلدان في دائرة الضوء”، في صندوق النقد الدولي، استعرض محمد العسعس وزير المالية الأردني الآثار الاقتصادية لجائحة كوفيد-19 على بلاده، والسياسات التي يحرصون على تنفيذها للحد من التداعيات وحماية الفئات الضعيفة، ودور التمويل السريع من الصندوق في التخفيف من وطأة الجائحة وإفساح المجال للحكومة للاستثمار في المجالات الحيوية أثناء الأزمة.

كيف أثرت جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد الأردني؟

ووفقا لصندوق النقد الدولي، قال محمد العسعس، وزير المالية الأردني إن توقعات الصندوق تشير إلى انكماش الاقتصاد الأردني في عام 2020 لأول مرة منذ عقود، وهو ما يدعو للقلق خاصة أن الأردن استطاع من قبل أن يحقق نموا بمتوسط قدره 2 في المائة رغم ما تعرض له الاقتصاد من صدمات إقليمية ودولية مطولة على مدار العقد الماضي بلغت 44 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وحتى أثناء تنفيذ استراتيجية ضخمة لضبط أوضاع المالية العامة، وبالتالي فإن هذا الانكماش هو دليل واضح تماما على ضخامة أثر الجائحة.

وأضاف العسعس أنه من المتوقع كذلك أن يكون تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي عقبة أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحويلات العاملين في الخارج، والتجارة، والسياحة حيث كانت هذه الأخيرة تشكل 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في فترة ما قبل الجائحة، إضافة الى أن الأردن لديها أكثر من 250 ألف عامل من عمال المُياومة تضرروا بسبب الإغلاق العام، فضلا على منشآت الأعمال التي تواجه ضائقة نقدية.

وأشار وزير المالية الأردني الى أن الأردن استطاع تحويل هذه المحنة إلى منحة، حيث استجاب لهذه الأزمة بتدابير عاجلة على مستوى السياسة المالية العامة والسياسة النقدية، وإذ اقترنت هذه التدابير بقوة الاساسيات الاقتصادية بما فيها استدامة القدرة على تحمل الدين وسلامة النظام المالي، فقد استطاع الاردن تعزيز الثقة في الاقتصاد، وهذا ما أدى إلى إصدار ثنائي الشريحة من سندات اليوروبوند التي تجاوز الإقبال على المشاركة فيها كل التوقعات وبأسعار فائدة تنافسية بلغت 4.95 في المائة للسندات بأجل استحقاق خمس سنوات و5.85 في المائة للسندات بأجل استحقاق عشر سنوات.

وبين العسعس أن الاقتصاد الاردني استطاع أن يتكيف بشكل جيد مع الأوضاع، فعلى سبيل المثال، يمكن الاستعانة بالشركات المبتدئة المتألقة في مجال التكنولوجيا لتيسير النشاط الاقتصادي في المنطقة وسط القيود على السفر عبر الحدود، إضافة الى أن الأردن يدخل حاليا في سلاسل الإمداد العالمية، حيث أن الأمر لا يقتصر على أن الأردن لا تتمتع بالاكتفاء الذاتي في إنتاج الأقنعة الوقائية، بل تقوم أيضا بتصديرها.

ما الإجراءات التي اتخذتموها حتى الآن للتصدي للجائحة وحماية الفئات الأكثر ضعفا؟

وردا على هذا السؤال قال وزير المالية الأردني إن استجابة الأردن لجائحة فيروس كورونا تأتي متماشية مع المبدأ العام المعتمد، وهو إعطاء الأولوية لسلامة الإنسان، فبعد ظهور عدد قليل من حالات الإصابة بالعدوى، كان الأردن من أوائل البلدان التي طبقت الإغلاق العام الصارم، وكرّس جهوده لإجراء اختبارات الفحص بأسعار معقولة وعلى نطاق واسع، كما قامت الدولة بتوزيع  الأغذية والمستلزمات الأساسية على الأسر، وخفضت ضريبة المبيعات على أهم المعدات الوقائية، ونتيجة لذلك، أصبح لدى الأردن واحد من أدنى معدلات الإصابة بفيروس كورونا للفرد في العالم، وبالتالي استطاع أن يعمل على إعادة فتح الاقتصاد بالتدريج.

وأضاف العسعس أن الأردن عجلت كذلك بإنشاء صندوق لتغطية المصروفات الطبية الطارئة لضمان توافر الأموال الضرورية لوزارة الصحة الأردنية، وفي نفس الوقت قدمت الدولة للشركات مساعدات مؤقتة لتخفيف أعباء التدفقات النقدية وذلك بالسماح بتأجيل مدفوعات ضرائب المبيعات والرسوم الجمركية، وتأجيل مدفوعات خدمات المرافق، وتخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي بصفة مؤقتة، كما قدمت الدعم للفئات الهشة من عمال المُياومة عن طريق برنامجها المعني بالتحويلات النقدية، وهو “صندوق المعونة الوطني”.

وأشار وزير المالية الأردني الى أن “صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي” الأردني قام بتشريع مجموعة كبيرة من السياسات، شملت التحويلات والمزايا العينية للعاطلين وأصحاب المهن الحرة، وعلى جانب السياسة النقدية، خفَّض البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة الأساسية، كما قام بضخ السيولة عن طريق تخفيض الحد الأدنى للاحتياطي الإلزامي للودائع محددة الأجل، وخفف من شروط برامج التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. إضافة الى اعلان الحكومة التزامها بتعويض المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص، وهو ما يجري حاليا التعجيل بتنفيذه.

كيف سيُستخدم الاتفاق الجديد مع الأردن الذي يغطي أربع سنوات في إطار تسهيل الصندوق الممدد بقيمة 1.3 مليار دولار أمريكي لدعم الاقتصاد في فترة الازمة الحالية؟

 قال وزير المالية الأردني، في اجابته على هذا السؤال، إن البرنامج الاقتصادي في إطار “تسهيل الصندوق الممدد” هو وليد لجهود الشراكة بين السلطات الأردنية وخبراء الصندوق، ويركز على النمو، والوظائف، وشبكات الأمان الاجتماعي، وسوف تُخصص الأموال لتمويل بنود الميزانية العامة بما في ذلك الصحة، والتعليم، والدعم الاجتماعي، ورغم أن جائحة كوفيد-19 دفعت الدولة لإعادة ترتيب أولويات الإنفاق من الميزانية، الا أنها لا تزال ملتزمة بأهداف برنامجها الاقتصادي الوطني.

وبيّن العسعس أن الدولة ستستمر في المرحلة القادمة في تمويل النفقات الرأسمالية الضرورية لتنشيط الاقتصاد (وإن كان بدرجة أقل)، والحفاظ على مستوى أجور القطاع العام، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، والأهم من ذلك، أن الدولة لا تزال ملتزمة بتقديم الدعم للاجئين السوريين الذين تستضيفهم، وأخيرا، فإن قرض الصندوق يسمح للأردن بتخفيض تكاليف خدمة ديونها، مما سيساعدها على إفساح حيز مالي إضافي لتمويل المجالات ذات الأولوية الملحة.

وافق الصندوق مؤخرا أيضا على مساعدة طارئة قدرها 396 مليون دولار بموجب “أداة التمويل السريع لمكافحة كوفيد-19، فكيف تستخدمون هذه الأموال، وكيف ستكفلون استخدامها على نحو يتسم بالشفافية والمساءلة؟

 في هذا الاطار قال وزير المالية الأردني إنه وفي مثل هذه الأوقات العصيبة العالمية تتجلى سمات الشراكة الحقيقية، واستجابة الصندوق الفورية لأزمة كوفيد-19 هي دليل على صدق مبدأ سياسات من أجل الصالح العام، والسياسة المالية الصالحة، على السواء، حيث انخفضت إيرادات الاردن المحلية نتيجة الإغلاق العام على الرغم من ازدياد احتياجات الإنفاق بلا هوادة، وعلى الرغم من أن القطاع المصرفي المحلي وصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يتمتعان بسلامة أوضاعهما ولديهما القدرة على الإقراض لمواجهة هذه الاحتياجات، فقد ازدادت احتياجات منشآت الأعمال والمستهلكين للاقتراض على نحو مماثل تماما لازدياد متطلباتنا للحصول على القروض، حيث كان من الضروري في هذا الوضع أن تسعى الحكومة للحصول على التمويل الخارجي لتجنب مزاحمة ائتمان القطاع الخاص.

وأضاف العسعس أنه يجري حاليا إنفاق الأموال المتاحة بموجب أداة التمويل السريع من حساب الخزانة الوطني على نحو يتفق مع الممارسات الدولية المثلى في إدارة الأموال العامة، وبالنسبة للشفافية، أنشأ الاردن لهذا الغرض خطوطا محددة في الميزانية العامة لرصد الإنفاق المرتبط بالأزمة والإبلاغ ببياناته، وربطت الدولة حسابات صندوق الطوارئ ضمن “حساب الخزانة الموحد”، حيث وسيقوم “ديوان المحاسبة الأردني” كذلك بعمليات التدقيق اللاحق لكل التدفقات الداخلة والنفقات لأغراض تخفيف حدة الأزمة، وسيتم نشر نتائجها.

في غمار جهودكم للتصدي لجائحة كوفيد-19، ما التحديات الاقتصادية أو الصحية أو الاجتماعية التي تقلقكم أكثر من سواها في المرحلة القادمة؟

إجابة على هذا السؤال، قال محمد العسعس، إنه ليس هناك من هم أكثر تأثرا بتراكم هذه الأزمات من الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذين يمثلون جيلا عانى من الفرص الضائعة من حيث فرص العمل والتعليم، حيث أنه من الضروري أن استقطاب طاقات الشباب في المعرفة التكنولوجية والابتكار في ظل الحاجة التي نشأت حديثا للعمل من بُعد.

وأشار وزير المالية الأردني الى أنه لا بد من صرف مخصصات الدعم الاجتماعي بلا تمييز على غرار عدم التمييز في توزيع اللقاح حتى يمكن منع تفشي الآثار الاجتماعية السلبية قبل الاضطرار إلى معالجة أعراضها، حيث يرى أنه من أهم بواعث القلق أن يدع المجتمع الدولي التحديات العالمية كأزمة اللاجئين السوريين في عداد اهتمامات الماضي، رغم أنها لا تزال تشكل واقعا يوميا بالنسبة للأردن.

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو