بنوك عربية
توقع بنك قطر الوطني، أن يكون انخفاض الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020 أكبر من الانخفاض المسجل في عام 2009، مرجحا أن يكون تأثيره على تدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة أصغر.
ورجّح البنك، في تحليله الأسبوعي الصادر، اليوم السبت 15 أغسطس، أن يكون مستوى التدفقات بنهاية العامة أضعف بكثير مما كان عليه في عام 2019.
وأشار التحليل إلى أن انتشار وباء كوفيد – 19 قد أدّى إلى تخفيضات كبيرة في توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي. فعلى سبيل المثال، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لعام 2020 إلى 4.9- في المائة في يوليو، وذلك بانخفاض من 3.3+ في المائة في يناير.
تأثير سيء على الناتج المحلي الإجمالي العالمي
وأكد التحليل أن تأثير كوفيد- 19 على الناتج المحلي الإجمالي العالمي أسوأ بشكل ملحوظ من الأزمة المالية العالمية في عام 2009، عندما انخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -2.1 في المائة.
وأشار التحليل إلى أن كان من المرجح في بداية السنة الحالية أن تستمر تدفقات رؤوس الأموال بقوة إلى الأسواق الناشئة خلال 2020، لكن بعد ذلك، ضرب وباء كوفيد – 19 الاقتصاد العالمي، مما نتج عنه انعكاس مفاجئ في مسار التدفقات الرأسمالية.
وأضاف التحليل، لحسن الحظ، أتاح الدعم الهائل من خلال السياسات الخاصّة بالبنوك المركزية الرئيسية (على سبيل المثال، بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وأيضا بنك اليابان المركزي) المجال لانتعاش تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، حيث سجلت أسهم وسندات الأسواق الناشئة تدفقات واردة إيجابية للشهر الثاني خلال يوليو الماضي.
ثلاثة عوامل مؤثرة على التدفقات
وسلّط التحليل الضوء على ثلاثة عوامل تؤثر على تدفقات رؤوس الأموال.
أولا، تعتبر التخفيضات في أسعار الفائدة والضخ الهائل للسيولة من قبل البنوك المركزية الكبرى بمثابة عوامل مساعدة لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة. وعادة ما يشار إلى تخفيف السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية على أنه “عامل دفع” لتدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة. المنطق في ذلك بسيط، فعلى سبيل المثال، عندما يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض عوائد المودعين الذين يحتفظون بأموال في البنوك الأمريكية، الأمر الذي “يدفعهم” إلى الاستثمار في أصول وعملات أخرى ذات مخاطر أعلى، مثل سندات وأسهم الأسواق الناشئة.
ثانيا، يُعد التحسّن في معنويات السوق، مع تراجع ديناميكيات النفور من المخاطر والانتقال إلى الملاذات الآمنة، بمثابة رياح مساعدة لتدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة.
وأدّى خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة وضخ السيولة في الأسواق المالية، إلى جانب دعم السياسات الأخرى من الحكومات، إلى دعم وتحسين معنويات السوق. فقد اكتسب المشاركون في السوق الثقة في أن الأسواق ستستمر في العمل بسلاسة معقولة، مما يشجعهم أو “يدفعهم” إلى الاستثمار بشكل أكبر في أصول الأسواق الناشئة التي تتسم بمخاطر أعلى.
ثالثا، تُعد المخاوف بشأن مستوى العدوى الذي لا يزال مرتفعا في بعض الأسواق الناشئة وعودة ظهور الفيروس في بلدان أخرى بمثابة عوامل مثبطة لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة. ولا تزال العديد من البلدان في أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا تعاني من مستويات عالية من العدوى بالفيروس.
وتؤدي المستويات المرتفعة من الإصابة بالفيروس إلى إبطاء الاقتصاد إما بشكل مباشر عن طريق إبعاد العمال عن وظائفهم، أو بشكل غير مباشر من خلال تشديد إجراءات التباعد الاجتماعي وعمليات الإغلاق المحلية المطلوبة للسيطرة على انتشار الفيروس. ونتوقع أن يتحسن هذا الوضع مع الحد من انتشار الفيروس.
استمرار تعافي الاقتصاد العالمي
وأشار التحليل إلى أن توقعات البنك القطري الأساسية تفترض أن يتم الاستمرار في تقديم دعم كبير من خلال السياسات وأن تتم السيطرة على الفيروس تدريجيا في معظم البلدان. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى استمرار تعافي الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني من العام.
وبالنظر إلى العوامل الثلاثة التي تمّ ذكرها، نتوقع أن يكون تأثير العوامل المساعدة أقوى قليلا من تأثير العوامل المعيقة، وهي استمرار انخفاض أسعار الفائدة يمثل عامل مساعد مستمر، ومعنويات السوق الايجابية تشكّل أيضا عامل مواتي مستمر، وتراجع معدلات الإصابة بالفيروس يمثل تخفيفا في أحد العوامل المعيقة.
وتوقع التحليل أن تؤدي هذه العوامل الثلاثة مجتمعةً إلى دعم استمرار التدفقات الرأسمالية، ولكن بشكل معتدل، إلى الأسواق الناشئة خلال النصف الثاني من العام الجاري.
التدفقات الرأسمالية نحو الأسواق الناشئة