بنوك عربية
أشار صندوق النقد الدولي إلى أن جائحة كوفيد-19 المستجدة قد أثرت على بعض التحويلات النقدية للمهاجرين في بعض المجتمعات أكثر من غيرها، وكان للفيروس تأثيرا سلبيا مفرط على العمالة المهاجرة بالتحديد.
ولفت صندوق النقد الدولي في بحث جديد حول “دعم المهاجرين وتحويلاتهم النقدية مع استمرار تفشي جائحة كوفيد-19″، صادر أمس الثلاثاء 15 سبتمبر، إلى أن تحويلات العاملين في الخارج، أي تدفق الأموال التي يرسلونها إلى أوطانهم، قد ظلت صامدة في كثير من الأحوال رغم التجربة المريرة التي مر بها العاملون المغتربون أثناء الجائحة الوبائية، مؤكدا أن هذا الاتجاه قد يتخذ مسارا عكسيا فيما بعد.
ووفقا للبحث برز المأزق الذي تعرض له العمال المهاجرون في الأشهر القليلة الماضية الحاجة الملحة أكثر من أي وقت مضى لدعمهم ودعم أسرهم المقيمة في بلدانهم الأصلية.
كما قدّم صندوق النقد الدولي في البحث الذي أنجزه كل من سعد نور قيوم، اقتصادي في إدارة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة بصندوق النقد الدولي ورولاند كانغني كبودار، نائب رئيس وحدة في إدارة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة بصندوق النقد الدولي، مجموعة إقتراحات للحدّ من آثار جائحة كوفيد-19 المستجدة.
اقتراحات صندوق النقد الدولي
إستعرض صندوق النقد الدولي بعض الاقتراحات للحدّ من تداعيات الأزمة الوبائية على المهاجرين، إذ يمكن للبلدان المضيفة ضمان حصول كل المهاجرين على الرعاية الصحية والسلع والخدمات الأساسية وقد اتُخذت بعض الخطوات الإيجابية في هذا المجال، فكل المهاجرين وطالبي اللجوء منحوا حقوق المواطنة بصفة مؤقتة في البرتغال وأعلنت إيطاليا خططا لمنح تصاريح عمل مؤقتة لأكثر من نصف مليون مهاجر ممن لا يحملون وثائق رسمية وتعتبر خدماتهم ضرورية في جني المحاصيل ورعاية كبار السن.
وقامت ولاية كاليفورنيا الأمريكية، حسب ماورد في بحث صندوق النقد الدولي بتقديم مساهمة قدرها 75 مليون دولار أمريكي لصندوق يحوي 125 مليون دولار أمريكي بهدف إتاحة 500 دولار أمريكي على سبيل الدعم لكل عامل لا يحمل وثائق رسمية.
وتطرّق البحث إلى إمكانية السلطات في البلدان الأصلية التي ترسل عمالة إلى الخارج أن تعزز دعمها للأسر الأشد احتياجا، وخاصة في البلدان التي سجلت تحويلات العاملين إليها هبوطا أكثر حدة، فمع نضوب هذه التحويلات، يمكن أن تكون التحويلات النقدية والمعونات الغذائية الموجهة بدقة إلى المستحقين وسيلة مفيدة للغاية في حماية الأسر الفقيرة، والأسر المعرضة لخطر السقوط في هوة الفقر.
وشدد بحث صندوق النقد الدولي على الاستفادة من التكنولوجيا أيضا بما يفيد العمال المهاجرين وأسرهم، مبينا أن متوسط تكلفة إرسال التحويلات من الخارج قد بلغ حوالي الـ 7.0 في المائة في الربع الأول من العام الحالي، كما سيؤدي تخفيض هذه التكلفة إلى إتاحة قدر كبير من الأموال التي يمكن توجيهها للفقراء.
وتستطيع الحكومات تعديل قواعدها التنظيمية لتيسير التدفقات مع الحد من مخاطر استغلالها، وحسب ذات المصدر، فإرخاء القيود على الحدود القصوى للأموال التي يمكن تحويلها رقميا من خلال الهواتف المحمولة على سبيل المثال) يمكن أن يكون مفيدا في هذا الصدد.
ومن الخطوات الذكية التي إقترحها صندوق النقد الدولي، تقديم حوافز ضريبية لمقدمي خدمات تحويل الأموال بغية تعويض الانخفاض في رسوم الخدمة، كما فعلت باكستان أثناء الأزمة المالية العالمية، كذلك يمكن دعم تدفق التحويلات باستخدام خطط كالتي طبقتها بنغلاديش لرد نسبة 2.0 في المائة من المبلغ للقائمين بالتحويل.
وبين صندوق النقد الدولي أن تحويلات المهاجرين قوية ولم تُؤثر جائحة كوفيد-19 المستجدة كثيرا على تحويلات العاملين في الخارج.
تذبذب أداء التحويلات
رغم جائحة فيروس كوفيد- 19 المستجد وتأثيره المرجح على تحويلات العاملين في الخارج، فإن الصورة ليست قاتمة تماما، فحسب صندوق النقد الدولي، غالبا ما تظل هذه التحويلات متماسكة أمام الصدمات المعاكسة في البلدان المتلقية، وهو ما يفسر سبب صمودها بصورة تدعو إلى الدهشة في كثير من البلدان خلال النصف الأول من العام ويوضح الرسم البيان أدناه تدفقات تحويلات العاملين في الخارج.

وأظهر بحث صندوق النقد الدولي أنه وبالرغم من التنوع الكبير في أوضاع البلدان بهذا الصدد، فقد تراجعت تحويلات العاملين في الخارج إلى حد كبير بدء من شهر مارس، ثم بدأت تستقر في مايو قبل أن تعاود الارتفاع من جديد. وكان هذا النمط متسقا بشكل عام مع صرامة سياسات احتواء الفيروس في البلدان المتقدمة حيث وُضِعت إجراءات حازمة في شهر مارس وبدأ تخفيفها ببطء في شهر مايو.
ومن الممكن إرجاع انتعاش تحويلات العاملين في الخارج إلى زيادة الحاجة لإرسال أموال إلى أسرهم نظرا للمعاناة التي تمر بها البلدان المتلقية للتحويلات في مواجهة الجائحة وانهيار الطلب الخارجي، وحسب ماورد في البحث يوضح هذا ما تقوم به التحويلات من دور مضاد للتقلبات الدورية.
ويبين الرسم البياني التالي الروابط بين جائحة كوفيد-19 وتحويلات العاملين في الخارج.
وفي المقابل، وحسب ماورد في البحث فإذا كان المهاجرون يستعينون بمدخراتهم الضئيلة لدعم أسرهم في بلدانهم الأصلية، فقد لا يكون ذلك مستداما مع مرور الوقت، وخاصة إذا طال أمد الركود في الاقتصادات المضيفة. فعلى سبيل المثال، إذا شهدت الاقتصادات المضيفة موجة ثانية من تفشي فيروس كوفيد-19 المستجد في أواخر العام، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة المخاطر التي تهدد تدفق هذه التحويلات.
التحويلات.. مصدرا رئيسيا للتمويل الخارجي
تعتبر التحويلات التي يرسلها العاملون في الخارج مصدرا رئيسيا للتمويل الخارجي ففي 57 بلدا، تجاوزت هذه التحويلات الـ 5.0 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في العام الماضي، وذهب معظمها إلى الأسر ذات الدخل المنخفض وعلى خلفية الأزمة الصحية الراهنة، أصبحت الحاجة ماسة لهذا الدخل.
وفي أبريل الماضي، قدرت مجموعة البنك الدولي أن تحويلات العاملين في الخارج ستتراجع بمقدار 20 في المائة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
ويتسق هذا إلى حد كبير مع التوقعات المستمدة من تطبيق مرونة تحويلات العاملين في الخارج تجاه النمو – الملاحظة أثناء الأزمة المالية العالمية في عام 2008 على تنبؤات يونيو 2020 الواردة في تقرير صندوق النقد الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي.