بنوك عربية
أطلق صندوق النقد الدولي تحذيرات بشأن المؤشرات الاقتصادية في الجزائر، إذ بلغت درجة الخطورة في ضوء تراجع صادرات النفط، الذي يمثل 60% من موازنة الدولة، نسبة 41% في عام 2020 بالإضافة إلى الأزمة السياسية التي قد تعقبها أزمة اقتصادية واجتماعية.
وأشار تقرير نشره موقع “فرنس أنفو”، إلى أنه في حين عانت السلطة الجزائرية من عزوف قياسي عن التصويت خلال الاستفتاء على تعديل الدستور، فإن التوقعات على الجبهة الاقتصادية ليست جيدة وفقاً لصندوق النقد الدولي الذي توقع انخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.5% في عام 2020.
كما أن التوقعات الخاصة بالعجز الخارجي الحالي ليست مطمئنة للغاية حيث يتوقع البنك توازناً سلبياً بنسبة 17% هذا العام، ما يجعل “جميع أضواء الاقتصاد حمراء”.
وقال التقرير: إن “هذه الأرقام السيئة أثرت بالفعل على مشروع قانون تمويل 2021 الذي صدر في نهاية أكتوبر الماضي، ولأول مرة فإن حجم عوائد الضرائب الحكومية البالغ نحو 5328.1 مليار دينار (41,32 مليار دولار) بالكاد يغطي نفقات التشغيل العادية.
وتتراجع عوائد تصدير النفط والغاز بسبب انهيار الاقتصاد العالمي المرتبط بالأزمة الصحية، فالمعضلة واضحة إذن إن متوسط السعر يبلغ 50 دولاراً لبرميل النفط، تغطي عوائد صادرات البلاد 75% فقط من الواردات، لكن أسعار النفط تذبذبت في الأشهر الأخيرة، لتصل إلى 42 دولاراً، ويجب بعد ذلك سد هذا العجز في الميزان التجاري باحتياطيات النقد الأجنبي التي سيتم استنفادها قريباً.
ويبين التقرير أنه بعد محاولة تعزيز شرعيته من خلال استفتاء دستوري تمت مقاطعته إلى حد كبير، سيتعين على الرئيس عبد المجيد تبون الآن معالجة إصلاحات مؤلمة.
ويواصل صندوق النقد الدولي تحذيره من نقاط الضعف في الاقتصاد الجزائري والتي تفاقمت بسبب الوباء العالمي، مثل فنزويلا أو ليبيا، حيث تظل المشكلة الأساسية الاعتماد المفرط على الهيدروكربونات، لعدم تطوير اقتصاد متنوع بحسب التقرير.
ولتمويل الاستثمارات تبدو الحكومة الجزائرية مترددة في الاقتراض من الأسواق الدولية ولا تريد السلطات أن تعود إلى صندوق النقد الدولي بسلسلة من الإصلاحات الهيكلية وعواقبها الاجتماعية الجسيمة
ويمكن لصندوق النقد الدولي بالفعل أن يطلب من الجزائر تخفيض وظائف القطاع العام بشكل حاد وخفض التحويلات الاجتماعية والدعم للمنتجات الأساسية، حيث يتم تخصيص 25% من الموازنة (حوالي 14 مليار دولار) كل عام لدعم العديد من المنتجات الأساسية والطاقة والنقل والمساعدة في الإسكان والتعليم والرعاية الصحية المجانية.
ويقول الرئيس الجزائري إنه يفضل “الاقتراض من المواطنين وليس من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي” فيما تم استبعاد استخدام طباعة النقود في الوقت الحالي من أجل عدم تعميق نسبة التضخم.
وتدرس الدولة جميع السبل التي يمكن أن تمكنها من تجنب المزيد من الغرق، ويحاول الرئيس عبد المجيد تبون العمل في إطار منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) من أجل رفع أسعار النفط، حيث دعا إلى إعادة تقييم اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تأمل الجزائر في زيادة صادراتها من الغاز إلى القارة الأوروبية.
وختم التقرير بالقول: “حان وقت اتخاذ قرارات صعبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لكن يبدو أن الحراك الشعبي والهشاشة السياسية للنظام تجعله يتردد، فالامتناع الهائل عن التصويت خلال الاستفتاء يبدو عاملا غير ملائم”.