قالت كريستالينا جورجييفا مدير عام صندوق النقد الدولي، بأن إعطاء دفعة للاستثمارات العامة الخضراء القوية والمنسقة من شأنه المساعدة في التعامل مع أزمة كورونا، وأزمة المناخ.
واضافت جورجييفا: “يبذل العالم جهودا مضنية لاستئناف النشاط الاقتصادي وإعادة الناس إلى العمل، وفي هذا السياق، التقى قادة العالم في منتدى باريس للسلام منذ بضعة أسابيع لمناقشة الخطوات القادمة، وتواصل هذا الحوار منذ بضعة أيام تحت مظلة قمة مجموعة العشرين، والفرصة سانحة أمامنا لاتخاذ قرارات ذكية ومنسقة – قرارات يمكن أن تحفز الاستثمارات الخضراء لإعطاء دفعة البداية للتعافي والحد من احتمالات حدوث كارثة مناخية وتقليص تأثيرها.
وأشارت جورجييفا في مقال نشرته على صفحة الصندوق: “لمواجهة الدمار الاقتصادي الناجم عن الجائحة، تعهدت اقتصادات العالم الكبرى بإنفاق أكثر من 12 تريليون دولار، من المالية العامة للتعافي من فيروس كورونا، وكثير منها يملك الإمكانات للقيام بأكثر من ذلك بكثير، وإذ تقوم هذه الاقتصادات باستثمارات جديدة، تظهر بوضوح أهمية التحرك المتزامن، فهناك دلائل قوية، منها ما استخلص من الأزمة المالية منذ عشر سنوات، والتي تشير إلى أن بلدان مجموعة العشرين إذا تحركت فرادى وليس بشكل جماعي فسوف تحتاج إلى إنفاق إضافي يتجاوز الثلثين من أجل تحقيق نفس النتائج.
وتابعت: “بدلا من الاستثمار في التكنولوجيا القائمة على الوقود الأحفوري، مثل المصانع التي تعمل بالفحم وتتسبب في تسريع وتيرة تغير المناخ، يمكننا اختيار طريق أفضل وأكثر خضرة، وتتضمن المشروعات الغنية بالوظائف زراعة الغابات وأشجار المنغروف، والانخراط في حفظ التربة، والتعديل التحديثي للمباني حتى تصبح أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
ولفتت إلى أنه: “من الضروري أيضا إنشاء بنية تحتية قادرة على تحمل تغيرات المناخ والتوسع في توفير وسائل النقل العام الخضراء، والطاقة المتجددة، وشبكات الكهرباء الذكية، ويؤدي الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة خارج الشبكة إلى توليد النمو عن طريق توصيل الكهرباء لنحو 3,5 مليار شخص لا يحصلون حاليا على الكهرباء الكافية”.
وأكدت جورجييفا على أنه: ” يجب على العالم أن يغتنم فرصة الابتكارات التكنولوجية الأخيرة، وقد بدأنا بالفعل رؤية تحرك واسع النطاق في هذا المجال، فقد تعهد الاتحاد الأوروبي بغنفاق أكثر من 640 مليار دولار أمريكي (550 مليار يورو) على المشروعات الخضراء على مدار عدة سنوات قادمة.
وتابعت أنه ايضا: “بدأت بلدان من الأسواق الصاعدة مثل إندونيسيا ومصر إصدار سندات خضراء. غير أن كل اقتصاد كبير، وكل مؤسسة دولية، وكل مؤسسة خيرية، وكل مستثمر خاص، يمكنه عمل المزيد. والواقع أن التوازن بين الإنفاق الأخضر وغير الأخضر لا يزال يميل كثيرا إلى جانب النوع الأخير، مثلما لاحظت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، مما ينطوي على خطر زيادة التدهور البيئي.
وأشارت إلى أنه، أثناء الأزمة المالية في عام 2008، تضافر قادة مجموعة العشرين تحت مظلة برنامج منسق للتعافي، ومن الممكن أن يؤدي تحرك مماثل في الأسابيع والشهور القادمة إلى تعبئة مصادر جديدة لرأس المال للبلدان التي تحتاج إليه، بما في ذلك البلدان منخفضة الدخل التي يجب أن تبذل جانبا كبيرا من جهود التكيف مع تغير المناخ. وبهذا تتمكن مجموعة العشرين من البناء على الإجراءات التي اتخذتها بالفعل لمساعدة البلدان منخفضة الدخل أثناء الجائحة، أي تعليق مدفوعات خدمة ديونها وتحديد إطار مشترك لتسوية الديون غير المستدامة على أساس كل حالة على حدة.
وبينت، أنه من الممكن أيضا أن تصوغ الحكومات سياسات تستطيع إطلاق رأس المال والابتكار لدى القطاع الخاص، مشيرة إلى أنه في الوقت الراهن، تحقق الاستثمارات الخضراء تناميا في العائدات في ظل تراجع التكاليف، ومع ذلك، فإن تسريع انتقال القطاع الخاص إلى استخدام مصادر أنظف للطاقة وتحقيق مزيد من الكفاءة في استخدام الطاقة يتطلب ارتفاعا تدريجيا في سعر الكربون أو غير ذلك من الإجراءات المعادلة.
وأوضحت، بأنه يمكن استخدام بعض الإيرادات في ضمان “انتقال عادل” يحمي الفقراء من ارتفاع أسعار الطاقة ويساعد العمال المسرحين، ومن شأن تنفيذ خطة للاستثمارات الخضراء الممولة بالديون، مصحوبة بتسعير الكربون، أن يعطي بالفعل دفعة للنمو الاقتصادي لعدة سنوات، مما ينشئ نحو 12 مليون وظيفة صافية جديدة حتى نهاية عام 2027.
واعتبرت جورجييفا: “إننا إذا قمنا بتحرك مستمر، بدءا من الآن، فسوف يتذكر التاريخ قاسما مشتركا آخر بين أزمة كوفيد-19 وأزمة المناخ، وهو أننا خرجنا منهما أقوى وأكثر صلابة”.