“النقد الدولي” يحدد الاستجابات الملائمة للسياسات المالية

بنوك عربية

حدد صندوق النقد الدولي، إطار تحليلي اقتصادي كلي جديد، يمكن الاسترشاد به في إصدار الاستجابات الملائمة على صعيد السياسات، لمساعدة البلدان على التعامل مع تدفقات رؤوس الأموال المتقلبة العابرة للحدود.

ويعكس ذلك، تطور الفكر فيما يتعلق بالسياسة الاقتصادية الكلية، ويساهم في مراجعة الصندوق القادمة لرؤيته المؤسسية بشأن تحرير تدفقات رؤوس الأموال وإدارتها، وهي الرؤية التي يسترشد بها حاليا في إسداء المشورة وإجراء التقييمات لسياسات البلدان الأعضاء.

وتنطوي تدفقات رؤوس الأموال الدولية على منافع كبيرة للتنمية الاقتصادية، ولكنها يمكن أن تؤدي أيضا إلى خلق صدمات أو تضخيم ما يقع منها، وهي المعضلة التي لطالما وضعت تحديات أمام صناع السياسات في كثير من الاقتصادات المفتوحة.

وبينما يمكن لأسعار الصرف المرنة، أن تكون بمثابة أداة مفيدة لامتصاص الصدمات في مواجهة تقلب تدفقات رؤوس الأموال، فإن هذه الآلية لا تحقق الوقاية الكافية في كل الأحوال، ولا سيما حين تتعطل إمكانية النفاذ إلى أسواق رأس المال العالمية أو يكون عمق الأسواق محدودا.

ووفقا لمقال نشره الصندوق، يسعى كثير من صناع السياسات إلى إيجاد مزيج من أدوات السياسة، يكون مكملا لسياسة سعر الفائدة عند التعامل مع تدفقات رؤوس الأموال، وتتضمن هذه الأدوات الإجراءات الاحترازية الكلية، والتدخل في سوق الصرف الأجنبي، وإجراءات إدارة تدفقات رؤوس الأموال.

وقد استخدمت هذه المناهج المتنوعة أيضا أثناء أزمة كوفيد-19، مع فروق كبيرة بين استجابات البلدان.

ورغم الاستخدام واسع الانتشار لهذه الأدوات المتنوعة، فلا يوجد حتى الآن إطار نظري واضح يمكن الاسترشاد به في استخدامها بشكل متكامل.

وأطلق الصندوق دراسة جديدة بعنوان “نحو إطار متكامل للسياسات (IPF)، لسد الثغرة القائمة، حيث تجمع بين دفتيها مختلف الرؤى التي تعبر عنها النماذج الجديدة، وكذلك العمل التجريبي ودراسات الحالة، وتنشئ إطارا متماسكا لاستخدام أدوات متعددة من أجل تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي الكلي، وفقا للصندوق.

وأشار الصندوق في المقال المنشور: يشير تحليلنا إلى أنه لا توجد استجابة موحدة تصلح للجميع في مواجهة تقلب تدفقات رؤوس الأموال، ولا يمكن تناول المسألة من منظور أن “أي شيء يؤدي الغرض” أو أن كل السياسات فعالة بنفس القدر.

فالسياسات المثلى، وفقا للصندوق، تعتمد على طبيعة الصدمات وخصائص البلدان، وعلى سبيل المثال، في بلد أسواقه المالية أقل تطورا وعليه ديون كبيرة بالعملات الأجنبية، قد تختلف استجابة السياسات الملائمة عن مثيلاتها في البلدان التي لا توجد في ميزانياتها العمومية تفاوتات في أسعار العملات، أو التي يمكنها الاعتماد على أسواق أكثر تطورا (عميقة وسائلة).

وأضاف الصندوق، أنه وعلى وجه العموم، في البلدان ذات أسعار الصرف المرنة، والأسواق العميقة، والنفاذ المتواصل إلى الأسواق، يظل من الملائم تعديل سعر الصرف بالكامل بما يتناسب مع الصدمات.

غير أنه إذا كان البلد المعني يعاني من مواطن ضعف معينة، مثل الأسواق الضحلة أو الدولرة أو توقعات التضخم غير الثابتة، فإن أسعار الصرف المرنة تظل ذات نفع كبير، لكن هناك أدوات أخرى يمكن أن تساهم بدور فعال أيضا، وعلى وجه التحديد، يمكن للإجراءات الاحترازية الكلية، والتدخل في سوق الصرف الأجنبي، وإجراءات إدارة تدفقات رؤوس الأموال، أن تعزز استقلالية السياسة النقدية حتى تتمكن من التركيز بالشكل الملائم على احتواء التضخم وتشجيع النمو الاقتصادي المستقر، وباستخدام نفس الأدوات – بما في ذلك الإجراءات الاحترازية المطبقة قبل وقوع الصدمات لإدارة تدفقات رؤوس الأموال الوافدة، ويمكن المساعدة أيضا على الحد من المخاطر التي يتعرض لها الاستقرار المالي.

ولا تبرر نتائجنا، وفقا للصندوق، استخدام الأدوات عشوائيا، وعلى سبيل التحديد، ينبغي عدم استخدام أدوات إطار السياسات المتكامل للحفاظ على سعر صرف مفرط أو منقوص.

وبالإضافة إلى ذلك، فبينما تساعد أدوات إطار السياسات المتكامل في تجاوز الصدمات، فإنها لا تستطيع معظم الوقت تحييد الأثر الناجم عن مواطن الضعف الأساسية. ومن ثم فهي ليست بديلا للأسواق العميقة، والميزانيات العمومية السليمة، والمؤسسات القوية، وتظل الجهود الرامية إلى تشجيع تطور الأسواق والمؤسسات مكملا مهما للسياسات الاقتصادية الكلية السليمة.

واعتبر الصندوق، أن الإطار الجديد يمثل تقدما كبيرا في الفكر المتعلق بالتوقيت الذي ينبغي أن تستخدم فيه الأدوات المختلفة، والذي ينبغي ألا تُستخدم فيه، وكيف يمكن لها أن تعمل معا لتحقيق نتائج أفضل.

وركز خبراء الصندوق على مجالات متعددة لاستكمال التحليل، أهمها الآثار طويلة الأجل، حيث اشار التحليل إلى أنه ينبغي الموازنة بين المنافع التي تحققها أدوات إطار السياسات المتكامل وما قد يترتب عليها من تكاليف، مثل تباطؤ التطور السوقي وزيادة الإقبال على المخاطرة.

ذلك أن الاعتماد على بعض الأدوات لفترة مطولة قد يتسبب في استدامة نفس مواطن الضعف التي تبرر استخدامها، فعلى سبيل المثال، قد تتسبب التدخلات المستمرة في تغذية شعور (زائف) بالأمان من تطورات سعر الصرف المستقبلية، مما يؤدي بالشركات أو الأسر إلى تحمل المزيد من الدين بالعملات الأجنبية، ومن ثم تزداد مواطن الضعف في الميزانية العمومية.

وبالنسبة للجوانب المالية العامة، فيشير الصندوق إلى أن موقف المالية العام ومستويات الدين العام، يؤثر على مدى تعرض البلدان للصدمات، في حين أن سياسة المالية العامة ذاتها غالبا ما تكون أقل ملاءمة من أدوات إطار السياسات المتكامل في إدارة تدفقات رؤوس الأموال، وسيتم توسيع نطاق النماذج المستخدمة حتى تتيح النظر بصورة أعمق إلى التفاعل بين مختلف سياسات المالية العامة وأدوات إطار السياسات المتكامل.  

أما الاعتبارات متعددة الأطراف، فوفقا للصندوق، يعتمد مزيج السياسات الأمثل في أي بلد أيضا على إجراءات البلدان الأخرى والمؤسسات العالمية، وقد يكون لأدوات إطار السياسات المتكامل آثار إيجابية، وخاصة إذا كانت تعزز الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي، وتعمل على تيسير التجارة، غير أنها قد تتسبب في تداعيات سلبية أيضا. فعلى سبيل المثال، قد تؤدي إجراءات إدارة تدفقات رؤوس الأموال إلى تحويل هذه التدفقات إلى بلدان أخرى حيث يمكن أن تساهم هذه التدفقات في تقييم العملة بصورة مبالغ فيها وإحداث فورة في النشاط الاقتصادي.

وبالنسبة لمجال الضمانات الوقائية والمقاييس، في “إطار السياسات المتكامل”، يقصد باستخدام الأدوات تحقيق أهداف محددة بوضوح للاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي، غير أن هذه الأدوات قد يساء استخدامها في الواقع العملي وقد تدعم أسعار الصرف المنقوصة أو المفرطة، أو تحل محل التكيف الاقتصادي الكلي المبرر، أو تعوق استكشاف الأسعار والمنافسة، وللتمييز بين التطبيق الملائم وغير الملائم لأدوات إطار السياسات المتكامل، يتعين وضع مقاييس ملائمة لتقييم استخدامها.

وسيؤدي العمل في كل من هذه المجالات إلى تحقيق تقدم في الفترة القادمة، وينتظر أن يسفر عن إرشادات أفضل بشأن السياسات الملائمة للبلدان التي تواجه تدفقات رؤوس أموال متقلبة، وفقا للصندوق.

منشورات ذات علاقة

البنوك الكويتية تعطل أعمالها غداً بمناسبة رأس السنة الهجرية

المركزي الأردني يطرح إصداراً جديداً من أذونات الخزينة

المركزي اليمني يعقد مزاداً لبيع 30 مليون دولار أمريكي