بنوك عربية
أفاد بنك الكويت الوطني بأنه على الرغم من أن العجز المالي لموازنة الدولة في النصف الأول من السنة المالية 2020 /2021 جاء إلى حد ما أقل من توقعات البنك، إلا أن الحكومة الجديدة ستواجه خيارات صعبة في ما يتعلق بجهود الإصلاح، نظراً لحجم العجز المقدر للسنة المالية بأكملها وانخفاض أسعار النفط وتزايد الضغوط على الإنفاق، خاصة في ظل جائحة كورونا.
ولفت «الوطني» في تقرير سابق له ، بأنه لم يتبق سوى مليار دينار فقط من الأصول السائلة في صندوق الاحتياطي العام المستخدم لتمويل العجز، والذي قد يغطي من حيث المبدأ شهراً أو شهرين آخرين من احتياجات التمويل الحكومية، مبيناً أن الإصلاحات تعتمد أيضاً على العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة.
وأضاف «بينما نرى إمكانية توفير المزيد من الأموال السائلة إذا لزم الأمر، إلا أنه لا يبدو أن هناك بديلاً جاداً عن إقرار قانون الدين العام في أقرب وقت»، منوهاً إلى أنه على الرغم من ذلك، يجب ألا تأتي زيادة الدين على حساب الإصلاحات المالية الجادة، لا سيما في ظل ضعف آفاق نمو أسعار النفط.
وأوضح التقرير أنه إلى جانب إمكانية الاستفادة من مصادر جديدة للإيرادات بما في ذلك إدخال ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية، ستحتاج الحكومة إلى التركيز على ترشيد النفقات الجارية وتوجيه الإيرادات الجديدة الناتجة عن الاقتراض نحو تمويل المشاريع التنموية ومشاريع البنية التحتية الجديدة، ما قد يساهم في تعزيز النمو وخلق فرص العمل.
واستبعد التقرير أن يكون أداء هذا العام قوياً بالنسبة للنفقات الرأسمالية، إذ تم خفض المخصصات الرسمية في الموازنة عن السنة المالية بأكملها بنحو مليار دينار إلى 2.3 مليار، مشيراً إلى أنه من الممكن أن ترتفع بنهاية السنة المالية.
وذكر أنه على الرغم من أن متوسط معدل تنفيذ المشاريع المتعلقة بالنفقات الرأسمالية المدرجة في الموازنة يصل تاريخياً إلى 80 في المئة، إلا أن المعدل المتوقع للسنة المالية 2020 /2021 والبالغ 70 في المئة سيفسح المجال لزيادة النفقات الرأسمالية بحلول مارس 2021، مستبعداً أن تصل النسبة إلى 80 في المئة، والتي ستعادل إنفاق نحو 1.8 مليار دينار نظراً للأوضاع غير المستقرة التي فرضتها الجائحة، والحاجة إلى خفض النفقات في ضوء القيود التمويلية التي تواجه الموازنة.
وأشار التقرير إلى أحدث البيانات التي أعلنت عنها وزارة المالية، والتي كشفت عن تسجيل عجز مالي أقل من المتوقع قدره 1.9 مليار دينار خلال النصف الأول من السنة المالية 2020 /2021 (أبريل – سبتمبر)، والذي يعادل 12 في المئة من القيمة التقديرية النسبية للناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بفائض ضئيل بلغ0.1 مليار عن فترة النصف الأول من السنة المالية 2019 /2020.
وفي حين انخفض إجمالي الإيرادات بنحو 48 في المئة إلى 4.6 مليار دينار على خلفية انهيار أسعار النفط في وقت سابق من العام الحالي، كما تراجعت النفقات أيضاً بنحو 25 في المئة إلى 6.5 مليار، إلا أن «الوطني» يرى أن ذلك التراجع لا يمثل انعكاساً حقيقياً للأوضاع بسبب توقيت تسجيل بعض المعاملات.
وتابع التقرير«تشير التوقعات إلى تزايد حجم العجز الحقيقي، وفي ظل أسعار النفط الحالية، نتوقع أن يصل العجز إلى نحو 10 مليارات دينار للسنة المالية بأكملها»، مبيناً أن الإيرادات النفطية تراجعت بـ51 في المئة، على أساس سنوي، إذ بلغت 3.9 مليار دينار، نتيجة انخفاض سعر خام التصدير الكويتي بنحو 47 في المئة ليصل في المتوسط إلى 34.6 دولار للبرميل، بالتزامن مع تراجع إنتاج النفط إلى 2.36 مليون برميل يومياً (12.7 في المئة) وذلك في إطار الالتزام بخفض حصص الإنتاج وفقاً لاتفاقية «أوبك وحلفائها».
ونوه التقرير إلى أنه رغم ذلك التراجع، فإن الإيرادات النفطية تخطت التقديرات الواردة في الموازنة لتصل إلى ما نسبته 69 في المئة من الإيرادات المتوقعة للسنة المالية بأكملها، وذلك نظراً لأن السعر الفعلي لبرميل النفط تخطى حتى الآن السعر الافتراضي المتحفظ في الموازنة والبالغ 30 دولاراً للبرميل.
ومن جهة أخرى، أوضح تقرير «الوطني» أن الإيرادات غير النفطية كانت ضعيفة نظراً لانكماش النشاط الاقتصادي الناجم عن تداعيات الجائحة، إذ تراجعت بنسبة 12.2 في المئة على أساس سنوي إلى 0.7 مليار دينار، ما يعادل 36 في المئة من تقديرات ميزانية السنة المالية بأكملها، نتيجة لانخفاض الضرائب والرسوم والإيرادات الأخرى بـ17.4 و7.2 في المئة على التوالي.
وبيّن التقرير أن النفقات شهدت تراجعاً حاداً بنحو 25 في المئة إلى 6.5 مليار دينار في الستة أشهر الأولى من العام المالي الحالي، عازياً ذلك بصفة رئيسية لانخفاض النفقات الجارية، والتي تشكل نحو 94 في المئة من إجمالي النفقات، بـ23 في المئة، كما أدى هذا أيضاً إلى وصول النفقات الجارية إلى مستويات أدنى بكثير، مقارنة بمستوياتها منذ بداية العام حتى تاريخه، خلال الفترات المماثلة من السنوات المالية السابقة، إذ شكلت 32 في المئة فقط من إجمالي مخصصات الميزانية للعام المالي بأكمله.
وأفاد التقرير بأنه على الرغم من وضوح مساعي الحكومة للحد من مستويات الإنفاق لاحتواء اتساع فجوة العجز، إلا أن خفض النفقات يعكس أيضاً عوامل أخرى غير الضبط المتعمد للنفقات، مشيراً إلى أن تعويضات العاملين، والتي تشكل 25 في المئة من النفقات الجارية، بلغت 1.6 مليار دينار، متراجعة 43 في المئة على أساس سنوي لتمثل 20 في المئة فقط من إجمالي مخصصات موازنة العام المالي الحالي.
وعزا «الوطني» هذا التراجع في الأغلب إلى تأخر تسجيل تلك البنود، متوقعاً أن يرتفع هذا الرقم بنهاية العام الحالي. ولفت إلى فئة أخرى مهمة انخفض الإنفاق عليها، هي السلع والخدمات بنسبة 18.9 في المئة إلى 1.1 مليار دينار، مبيناً أن هذا التراجع قد يعكس تأثير انخفاض أسعار النفط والغاز على شراء وزارة الكهرباء والماء وقود تشغيل المحطات، ويعتبر هذا في واقع الأمر خفضاً لقيمة التحويلات بين الهيئات الحكومية وبعضها البعض، وليس له تأثير يذكر على مستويات الطلب.
وبالانتقال إلى فئة مصروفات وتحويلات أخرى، التي تشمل المنح الدراسية وأجور أعضاء النظام القضائي، لحظ «الوطني» تراجعها بنحو 15.7 في المئة، لافتاً إلى أن هذا البند قد يصل إلى قيمة أعلى من تلك المسجلة في السنة المالية 2019 /2020 بنهاية السنة المالية الحالية، نتيجة لتخصيص 0.5 مليار دينار لمواجهة تفشي جائحة كوفيد-19.
وذكر «الوطني» أن قيمة المنح التي تشمل التحويلات إلى الجهات المستقلة (مثل الهيئة العامة للقوى العاملة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية)، استقرت عند المستويات المسجلة نفسها عن الفترة المماثلة من السنة المالية 2019 /2020.
ولفت التقرير إلى تراجع النفقات الرأسمالية، إذ كانت وتيرتها أبطأ من المعتاد خلال هذه الفترة من العام، وبلغت 0.4 مليار دينار، أي ما يعادل 17.1 في المئة من مخصصات ذلك البند بالموازنة السنوية، فيما سجلت تراجعاً بنحو 47 في المئة على أساس سنوي، مشيراً إلى أن انخفاض النفقات الرأسمالية قد يكون مرتبطاً بتداعيات الجائحة على النشاط الاقتصادي. كما يعزى أيضاً لإجراءات إلغاء أو تأجيل أو خفض التكاليف في ضوء تزايد مستويات العجز.
أوضح التقرير أن الدعوم انخفضت بنحو 43 في المئة في 6 أشهر على أساس سنوي، متراجعة إلى ثلث قيمة مخصصاتها في ميزانية السنة المالية 2020 /2021، منوهاً إلى أن تراجع دعوم وقود تشغيل المحطات قد يعكس أيضاً انخفاض أسعار النفط؟ وذكر أن الإعانات الاجتماعية، التي تشمل الخدمات الصحية في الخارج، شكّلت نحو 32 في المئة فقط من مخصصات الموازنة، فيما يتوقع أن تظل قيمة الدعم الصحي محدودة خلال السنة المالية، إذ عادة ما تتسم البنود الأخرى بقيمة صغيرة نسبياً، إلا أنها غالباً ما تكون متقلبة، ولذلك فإنه من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات عن اتجاهات الانفاق.
ذكر التقرير أن نسبة الإيرادات غير النفطية كانت منخفضة، إذ وصلت مساهمتها لنحو 15 في المئة فقط من إجمالي الإيرادات، وإن كان من الممكن أن ترتفع خلال النصف الثاني من العام المالي بدعم من تحسن النشاط الاقتصادي وعودة الأنشطة التجارية للعمل.
وأشار «الوطني» إلى أنه نظراً لانخفاض أسعار النفط، فإن الرصيد المتبقي من المدفوعات التي أقرتها لجنة تعويضات الأمم المتحدة عن الأضرار الناجمة عن الغزو العراقي بقيمة 2.4 مليار دولار (0.7 مليار دينار)، والذي كان من المقرر تسديده في عام 2021، من المتوقع أن يتأجل سداده حتى عام 2022.