بنوك عربية
خسر المستفيدون من قرض البنك الدولي للبنان، نحو 70% من قيمة المساعدة، في ظل انخفاض سعر الليرة اللبنانية، والتضخم الحاصل في سعر المواد، وقرار لبنان منح المساعدة بالليرة اللبنانية،
وأصبح معلوما أن قرض البنك الدولي لبناء شبكة أمان اجتماعي في لبنان والبالغة قيمته 246 مليون دولار، سيخسر حوالى 30 في المئة من قيمته لأن الحكومة اللبنانية قررت ان يحصل المستفيدون على كل مساعداتهم النقدية بالليرة اللبنانية، وفقا لسعر صرفٍ يساوي 1.6 مرة سعر صرف منصة مصرف لبنان البالغة 3900 ليرة لبنانية لكل دولار أميركي (اي ما يعادل 6240 ليرة)، فإن القيمة الفعلية للقرض الذي ستستفيد منه الأسر المستهدفة ستصبح حوالى 174 مليون دولار بدلا من 246 مليونا، كما سيحصل مصرف لبنان على حوالى 72 مليون دولار ، ليس معلوما أو معلنا لغاية اليوم كيف سيتم استخدامها او استثمارها.
ووفقا للبنك الدولي، فإن الحفاظ على القيمة الحقيقية للمساعدات المقومة بالليرة اللبنانية سيتم تأمينه من خلال آلية تم وضعها لتعديل حجم المساعدات بشكل دوري في حال حصول أي زيادات في أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية المحلية قد تكون ناجمة عن انخفاض إضافي في سعر الصرف ومزيد من الارتفاع في نسبة التضخم.
وأشار البنك الدولي خلال حلقة نقاش حول القرض، الى انّ تسديد المساعدات الشهرية بالليرة اللبنانية يتماشى بشكل أفضل مع البرامج الحكومية والإنسانية الأخرى للدولة اللبنانية التي تدفع مساعداتها بالعملة المحلية، ما سيسمح بمواءمة وتوحيد او تنسيق تلك البرامج في المستقبل.
غير أن حجم الانتقادات التي أثارها موضوع تسديد قرض البنك الدولي بالليرة اللبنانية عند سعر صرف أدنى من السوق السوداء، قد يعيد خلط الاوراق من جديد، خصوصا أن البنك الدولي حدد شروطا معينة يجب على الحكومة أن تستوفيها تباعا للحصول على القرض المقسمة دفعاته على 4 أعوام، في حين طمأن أحد الدبلوماسيين الألمان أمس بأن أعضاء رئيسيين في البنك لدولي يعيدون البحث حاليا في هذا الموضوع.
وتجدر الاشارة إلى أن لبنان سيحصل على قرض البنك الدولي على دفعات، تبدأ الأولى منها في العام 2021 بقيمة 29 مليون دولار، والثانية بقيمة 147 مليون دولار في العام 2022 والثالثة بقيمة 64 مليون دولار في 2023 والرابعة بقيمة 6 ملايين دولار في 2024.
وستحصل كل مجموعة من الأسر المستهدفة على مساعدات شهرية لمدة عام، على أن يستمر البرنامج 4 اعوام ليطال كافة مجموعات الأسر المستهدفة تباعا.
في التفاصيل، أوضح الخبير الاقتصادي مايك عازار أن البنك الدولي سيقرض وزارة المالية 246 مليون دولار (منها 204 ملايين مخصصة للمساعدات المالية الشهرية للأسر)، وستقوم وزارة المالية بإيداع تلك الدولارات في حسابها لدى البنك المركزي ليقوم الأخير بشرائها بسعر صرف يبلغ 1.6 مرة سعر المنصة أي عند 6240 ليرة، لتعود وزارة المالية إلى تحويل تلك الاموال الى حسابات برنامج الأسر الأكثر فقرا التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في احد المصارف المحلية.
وقال عازر في تصريحات صحفية: بما أن المساعدات المالية سيتم تسديدها شهريا على فترة 4 أعوام، فإن معدل سعر الصرف المتفق عليه عند 6240 ليرة مقابل الدولار سيتم إعادة تقييمه بشكل دوري.
ومع افتراض أن الـ 204 ملايين دولار تعادل فعليا بالليرة اللبنانية 204 × 8800 ليرة، فإن نحو 70% فقط من قيمة القرض ستستفيد منها الفئة المستهدفة.
وأوضح عازار أن نسبة الـ 30% المتبقية ليست «ربحا» لمصرف لبنان في حال استخدم الأخير تلك الدولارات احتياطي لدعم الواردات. وبالتالي، فإن نسبة الـ30 في المئة ستساهم في مواصلة الدعم لفترة إضافية وستطال كافة مستهلكي السلع المدعومة، ومن بينهم الأسر الاكثر فقرا المستهدفين أساسا من قرض البنك الدولي، ولو أن إفادتهم بهذه الطريقة ستكون نسبتها ضئيلة جدا.
من جهة اخرى، رأى عازار أن المشكلة الأكبر تكمن في كيفية استخدام الـ204 ملايين دولار عند إيداعها في مصرف لبنان، حيث أن البنك الدولي مولج بمراقبة التحويلات المالية الشهرية بالليرة اللبنانية إلى الافراد المستفيدين، وليس كيفية استعمال مصرف لبنان لتلك الدولارات.
وفي حال تم استخدام تلك السيولة بالعملة الأجنبية لتمويل استيراد السلع المدعومة، اعتبر عازار أن هناك احتمالا على سبيل المثال ان يتم هدر 50 في المئة من تلك الدولارات نتيجة عمليات التهريب او التحويلات المالية غير المشروعة عن طريق الفواتير المضخمة، وبالتالي ستفقد المساعدة الفعلية الاساسية حوالى 50% من قيمتها.
ورأى عازار أن جدلية تسديد المساعدات المالية المباشرة بالليرة أو بالدولار تحوي إيجابيات وسلبيات في الحالتين، لافتا إلى أن النقطة الأهم في الحصول على قرض البنك الدولي تكمن بأنه بالعملة الاجنبية، وبالتالي فإن الإفادة القصوى منه رهن بكيفية استخدام تلك الدولارات بكفاءة لتمويل استيراد السلع التي يستهلكها الفقراء، لأن تسديد المساعدات المالية الشهرية بالليرة سيؤدي إلى ارتفاع حجم الاستهلاك المحلي، وبالتالي، ستزيد الحاجة إلى استيراد السلع، بما يجعل من المنطق إيداع دولارات القرض في البنك المركزي من أجل تأمين العملة الصعبة لمواصلة عميلة الاستيراد، في حال كانت تلك العملية شفافة وشرعية، وفي حال لم يتم ذلك، فإن وقع تسديد المساعدات بالليرة سيكون بمثابة طباعة المزيد من العملة المحلية وضخها في السوق.
من جهة أخرى، ذكر أن تسديد المساعدات المالية بالدولار قد تم الاستغناء عنه، ربما خوفا من أن تؤول تلك الدولارات إلى التخزين المنزلي بعد أن يعمد المستفيدون المباشرون منها إلى صرفها لدى اشخاص او صرافين يسعون إلى جمعها وتخزينها، ما سيفقد القرض أهميته ويمنع ضخ السيولة بالعملة الأجنبية في السوق.