حذر صندوق النقد الدولي، من أن العالم العربي يخاطر “بعقد ضائع” آخر، إذا فشلت الحكومات في الاستثمار في التكنولوجيا وتنفيذ الإصلاحات لتسريع انتعاش الاقتصادات التي تضررت من الوباء.
ودعا جهاد أزعور، مدير الصندوق في الشرق الأوسط، لصحيفة فايننشال تايمز، القادة العرب لاتخاذ الإجراءات الاقتصادية قبل المخاطرة بخسارة عقد جديد من الزمن.
كما حثهم على تسريع الاصلاحات وجهود تنويع الاقتصاد في وقت تواجه المنطقة الغنية بموارد الطاقة تحديات غير مسبوقة بسبب انتشار فيرس كورونا.
وقال أزعور في مقاله:”إن حكومات المنطقة التي تتصارع مع نقص الموارد وارتفاع الديون وتفشي البطالة بين الشباب، يجب أن “تتعلم من الماضي”.
وأضاف أزعور، وهو وزير المالية اللبناني السابق: “بعد الأزمة المالية العالمية، استغرق الأمر من بلدان المنطقة وقتاً أطول بكثير من متوسط الاقتصاد الناشئ لاستعادة مستواها السابق من النمو”.
واعتبر أزعور:“الخطر الآن هو أن هناك بلدانا لن تتمكن من استعادة مستوى إنتاجيتها لعام 2019 حتى عام 2022، وبعضها لن يصل إليه لمدة خمس سنوات”.
ولفت أزعور إلى أنه وحتى قبل تفشي الفيروس التاجي، كانت البلدان الأكثر فقرا المستوردة للنفط في المنطقة، قد فشلت في التصدي لارتفاع معدلات الفقر والعوز والبطالة، وذلك خلال العقد الذي دام منذ أن أدت المظالم الاجتماعية والاقتصادية إلى تأجيج الانتفاضات العربية على حد وصفه.
وتابع أزعور:”وقد أدى الوباء إلى تفاقم المشكلة عن طريق إغلاق صناعة السياحة الحيوية للعمالة وحصائل العملات الأجنبية، وإلحاق الضرر بقطاعات أخرى، والتي تحتاج إلى زيادة الاستثمار الاجتماعي بالطرق الصحيحة، من خلال الإنفاق على التعليم والصحة ومن خلال منحه لمستحقيه”
و نوه أزعور، إلى ما ترددت أصداؤه في (ثورة) 2011 على حد وصفه، حيث عبروا عن إحباطهم من البطالة والافتقار إلى الآفاق، مشيرا إلى أنه “لتسريع الانتعاش وتجنب فقدان عقد من الزمن، يجب أن يبدأ العمل الآن على الاستثمار عالي الجودة في البنية التحتية الخضراء، والبنية الرقمية.
وقال:”إن الأولوية قصيرة الأجل بالنسبة للحكومات يجب أن تكون تطعيم السكان ضد الفيروس التاجي ودعم النظم الصحية الهشة، وعلاوة على ذلك، تحتاج الحكومات إلى معالجة أعباء الديون الثقيلة وتحفيز النمو عن طريق تحويل الإنفاق العام بعيدا عن الإنفاق المبذر -مثل الإعانات المالية -إلى الصحة والتعليم والتكنولوجيا والقطاعات التي تؤدي إلى خلق فرص العمل والنمو الشامل”.
وأوضح:“عندما نقول ضبط المالية، لا يجب أن يعني ذلك التقشف”، “يمكن القيام بذلك من خلال مراجعة النظام الضريبي وتقاسم العبء بشكل مختلف، الأمر يتعلق بتركيز دعم الدولة إلى أين يجب أن تذهب”.
وتابع: “مع كل الإنفاق الاجتماعي في المنطقة فإنه لا يزال دون مستوى منافسيها، ما يجب أن يلفت الإنتباه إلى شيء هام، وهو أننا بحاجة إلى زيادته بالطرق الصحيحة، من خلال الإنفاق على التعليم والصحة وإعطائه لمن يحتاج إليها”.
واعتبر أزعور أن ذلك يطرح على الحكومات تحدي إيجاد سبل لتحقيق التوازن بين دعم الانتعاش الاقتصادي والقدرة على تحمل الديون، نظرا لضيق الحيز المالي في ميزانياتها.
واشار أزعور، إلى أن تأثيرات الوباء أصابت البلدان المستوردة للنفط والبلدان المصدرة للنفط على حد سواء، والتي كانت تقليديا أفضل حالا حيث واجهت هبوط أسعار النفط الخام، كما تقلصت اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 3.8% في عام 2020، وفقا لصندوق النقد الدولي، مبينا أن تونس، هي البلد العربي الوحيد الذي يعتبر أنه حقق انتقالا ديمقراطياً ناجحا في أعقاب الانتفاضات العربية.
واستشهد أزعور بما أوردته مجلة FT العقد الضائع، التي أشارت إلى أصوات الربيع العربي وحول ما حدث بعد ذلك، حيث انكمش اقتصاد المنطقة بنسبة 8.2% في عام 2020، مع ارتفاع الفقر والبطالة على حد سواء، وارتفعت نسبة البطالة بين الشباب إلى 36.5% وفقا لتقديرات منظمة العمل الدولية.
واختتم أزعور بأن شحة الموارد الاقتصادية وتراكم الديون مع فوائدها تكون عبا ثقيلا باهظا على الحكومة والشعب، وتعود بالضرر على التعليم والصحة والبنية التحتية، في حال لم تتبنى السلطة إصلاحات جذرية وسريعة كما يحذر الخبير الاقتصاد.