بنوك عربية
توقع خبراء في إدارة الأصول، نمو حجم سوق مصادر التمويل البديلة، وخصوصا الدين الخاص في أسواق الإمارات والمنطقة عموما، وذلك بالتزامن مع ارتفاع تكاليف الاقتراض التقليدي من البنوك بصفة عامة، بسبب تداعيات جائحة «كوفيد-19»، فيما يتوقع أن يصل حجم سوق الدين عالميا، إلى 1 تريليون دولار هذا العام، وفقا لتقرير نشرته وسائل إعلام.
وكشفت دراسة حديثة لشركة «آي كيو-إي كيو» IQ-EQ لخدمات الاستثمار، أن 95% من المستثمرين ومدراء الأصول في الشرق الأوسط يتوقعون استمرار نمو سوق الدين الخاص خلال السنوات الثلاث المقبلة، والذي بلغ حجم أصوله بنهاية العام الماضي أكثر من 800 مليار دولار بحسب شركة «إيرنست أند يونغ».
وأدى التأثير السلبي لجائحة كوفيد-19 على الاقتصاد العالمي، إلى قيام العديد من البنوك التقليدية بتخفيف عمليات الإقراض بسبب مخاوف التخلف عن السداد وارتفاع نسبة المخاطر، وهو ما فتح باب الفرص أمام صناديق الدين الخاص – كمصدر بديل للدين – لسد فجوة الإقراض في البنوك التي باتت تؤثر على عمليات النمو والتوسع في الشركات على اختلاف أحجامها.
وعلى الرغم من أن تكلفة رأس المال ورسوم الاكتتاب في أدوات الدين الخاص أكثر تكلفة نسبيا (تتراوح من 8-25%) بالمقارنة مع البنوك، فإن الشركات تعتبر أن الدين الخاص هو طريقة مبتكرة لاقتراض رأس المال خارج البنوك التقليدية.
وقالت ناتاشا حنون رئيسة قسم حلول الاستثمار في «شعاع كابيتال»، تلعب مصادر التمويل البديلة دورا متصاعد الأهمية على المستوى العالمي، بالنظر إلى قدرتها على تلبية احتياجات بيئات الأعمال المتغيرة باستمرار، ومن المتوقع استمرار هذا التوجه، لاسيما في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي».
وأوضحت حنون أنه عند حدوث الأزمات، عادة ما تكون أسواق رأس مال الدين – كالسندات أو الصكوك – هي الخيار الثاني، ولكن تعتبر هذه العمليات طويلة وتخضع لطلب المستثمر وقت الإصدار. ولذا يمكن للشركات اليوم المضي نحو خدمات التمويل البديلة التي تمكّن الشركات من الوصول إلى موارد الدين الخاص بسرعة وكفاءة ومرونة من مصادر خارج المنظومة المصرفية التقليدية وهيكلية أسواق رأس المال المعهودة، وهي بالتالي «خيارات بديلة» تقدّم للشركات القدرة على الوصول إلى موارد رأس المال، بأسلوب يكون غالباً أكثر سرعة من الوسائل التقليدية ودون الحاجة للخوض في بعض من أكثر المتطلبات صرامة، بما يشمل التعهدات المصممة حسب الطلب وهيكلية القروض المرنة«.
وحول الأسباب التي قد تمنع الشركات من الاستفادة من مزايا الدين الخاص، قالت حنون:»إن الإجابة تكمن في سوء الفهم المنتشر بين ملاك الشركات حول مصادر التمويل تلك، إذ يعتقدون أنها أكثر تكلفة وتنطوي على مخاطر مرتفعة، ومناسبة فقط للشركات ذي «الائتمان السييء». إلا أن الحقيقة لا تمت لهذه المعتقدات بصلة، فمزودو خدمات التمويل البديلة هم عملياً مؤسسات مالية معروفة وتتمتع بالقدرة على تقييم الفرص بسرعة، ومعاينة المتطلبات الفردية للمقترضين وتزويدهم بحلول مصممة حسب الطلب تمنحهم المرونة المالية التي يحتاجونها، تزامناً مع حماية مصالح الجهة المقرضة.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الصفقة التي أبرمتها «شعاع» في قطاع الضيافة بدبي، فقد احتاج المطور حينها تمويلا إضافيا مع وصوله نسبة استكمال مشروعة إلى 85%، وهو أمر رفضه المقرض الرئيسي.
وبسبب نقص الضمانات المطلوبة، عجز المطور عن الاقتراض من مصادر أخرى كون الأصل المطلوب للضمان كان قيد الإنشاء، وبالتالي لم يتمكن المطور من تلبية تقييم مقبول لحقوق الملكية.
غير أن «شعاع» تمكنت من تلبية هذه المتطلبات المعقدة للعملية عبر أداة حقوق الملكية المفضلة، بحد أدنى للعائد عند الاستحقاق، بما سمح باستكمال عمليات إنشاء المشروع بنجاح دون التأثير على التسهيلات التي يحصل عليها المطور من مصرفه ودون تخفيض حصص المساهمين. وبعد استثمارنا المذكور بفترة قصيرة، بدأ الفندق عملياته، وتمكن الملاك من إعادة تمويل هيكل رأس المال بأكمله، وسداد الدين، واسترداد حقوق الملكية الكاملة، وتوزيع بعض الأرباح على المساهمين.
من جانبه قال فادي خوري المدير العام الإقليمي لشركة «بيمو» لإدارة الأصول، التابعة لمجموعة «بنك أوف مونتريال» إنه يمكن للشركات إيجاد مصادر التمويل البديلة التي تمثل في واقع الأمر أداة مثلى للحصول على السيولة المالية المطلوبة بأسلوب أكثر سرعة ومرونة من البنوك ودون تعقيدات إصدار السندات، وفي الوقت نفسه، تقدم للمستثمرين إمكانية اغتنام فرص الأعمال القيمة، ومنخفضة المخاطر مقارنة بحقوق الملكية، مع عائدات جذابة.
وأضاف فادي خوري: «نعتقد أن هنالك فرصا كذلك في سوق الدين الخاص أو Private Debt، والدين الخاص هو التمويل الخاص أو القروض التي تقدمها مؤسسات غير مصرفية للشركات الخاصة (غير المدرجة) أو عملية شراء تلك القروض في السوق الثانوية، فاليوم هنالك الكثير من المستثمرين ممن لديهم سيولة من جهة، وهنالك شركات ترغب في الاقتراض خارج البنوك لتمويل مشاريعها من جهة أخرى.
وهنا يأتي دور شركات إدارة الأصول التي تكون صلة الوصل بين المستثمرين وتلك الشركات التي ترغب بالتمويل وذلك من خلال إطلاق صناديق الدين الخاص التي تركز على الإقراض المباشر أو شراء الديون (المتعثرة) والتمويل الوسيط (متوسط المخاطر) mezzanine، وتمويل العقارات والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة وغيرها، إن جميع هذه العوامل تجعل من خيارات التمويل البديلة خياراً جذاباً وفعالاً، ولذلك نرى إمكانات واعدة لهذه الخيارات في خضم الأزمة الراهنة، نظراً لقدرتها على دعم التعافي والانتعاش الاقتصادي في المنطقة».