البنك الدولي: الجائحة الوبائية تُقيّد التمكين الاقتصادي للمرأة

بنوك عربية

خلصت مجموعة البنك الدولي في تقرير حديث إلى أن بلدان العالم تسعى إلى تحقيق قدر أكبر من المساواة بين الجنسين، لكن المرأة في جميع أنحاء العالم مازالت تواجه قوانين ولوائح تقيد الفرص والتمكين الاقتصادي The Economic Empowerment التي يمكن أن تسنح لها، حيث تخلق جائحة فيروس كوفيد-19 تحديات تهدد صحتها وسلامتها وأمنها الاقتصادي.  

وكشف تقرير “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021” أن تطبيق الإصلاحات، الرامية إلى إزالة العقبات التي تعترض الشمول الاقتصادي للمرأة، كان بطيئا في العديد من المناطق وغير متكافئ داخل كل منها. ولا تتمتع المرأة إلا بثلاثة أرباع الحقوق القانونية الممنوحة للرجل، في المتوسط. ويبين التقرير أن المرأة كانت بالفعل في وضع غير موات قبل تفشي الجائحة الوبائية، وكانت المبادرات الحكومية التي تستهدف الحد من بعض آثارها، وإن كانت مبتكرة، محدودة في العديد من البلدان.

و قال ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي تعقيبا على التقرير الحديث “يجب إشراك المرأة بالكامل في الاقتصاد من أجل تحقيق نتائج إنمائية أفضل… فعلى الرغم مما تحقق من تقدم في العديد من البلدان، حدثت إنتكاسات مثيرة للقلق في عدد قليل منها، بما في ذلك تقييد سفر النساء دون إذن من ولي أمرها. وأدت هذه الجائحة إلى تفاقم التفاوتات القائمة التي تضر بالفتيات والنساء، بما في ذلك الحواجز التي تحول دون الالتحاق بالمدارس والإحتفاظ بالوظائف. وتواجه المرأة أيضا زيادة في حوادث العنف المنزلي والمخاطر التي تحدق بصحتها وسلامتها. وينبغي أن تتمتع المرأة بما يتمتع به الرجل من إمكانية الحصول على التمويل وحقوق متساوية في الميراث، ويجب أن تكون في صميم جهودنا الرامية إلى التعافي من جائحة كوفيد-19.”

ويشار إلى أن تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021 يقيس القوانين واللوائح التنظيمية في ثمانية مجالات تؤثر على الفرص الاقتصادية للمرأة داخل 190 بلدا خلال الفترة من سبتمبر/أيلول 2019 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2020. وتقدم البيانات معايير موضوعية قابلة للقياس للتقدم العالمي نحو المساواة بين الجنسين في الموضوعات التي تتراوح من أساسيات الحراك داخل المجتمع إلى تحديات تواجه العمل وتنشئة الوالدين للطفل والتقاعد. ومع تفشي الجائحة الوبائية، فإن هذا التقرير يتناول أيضا بالبحث إستجابات الحكومات للجهود الرامية إلى مواجهة الجائحة وكيفية تأثير الجائحة على المرأة في العمل وفي المنزل، مع التركيز على رعاية الطفل، والوصول إلى العدالة، والصحة والسلامة.

ويوضح التقرير، بشكل عام، إلى أن العديد من الحكومات إتخذت تدابير لمعالجة بعض آثار الجائحة على المرأة العاملة. فأقل من ربع جميع الاقتصادات التي شملها التقرير، على سبيل المثال، تضمن قانونا للوالدين العاملين إجازة لرعاية الأطفال قبل تفشي الجائحة. ومنذ ذلك الحين، وفي ضوء إغلاق المدارس، قام ما يقرب من 40 اقتصادا إضافيا في جميع أنحاء العالم بتطبيق سياسات للإجازات أو الاستحقاقات لمساعدة الأبوين في رعاية الأطفال. ومع ذلك، فإن هذه التدابير غير كافية على الأرجح لمواجهة التحديات التي تواجهها بالفعل العديد من الأمهات العاملات، أو أزمة رعاية الطفل.

كما أظهر التقرير الأثر الاقتصادي والاجتماعي لجائحة فيروس كوفيد-19 والتي أدت إلى تعزز التفاوتات بين المرأة والرجل وتوسيع الفجوة الاقتصادية المقامة على النوع الإجتماعي.

الجائحة الوبائية تحُدّ التمكين الاقتصادي للمرأة

ووفقا للمصدر ذاته، قد أسهمت الجائحة أيضا في زيادة حدة وتواتر العنف القائم على نوع الجنس. وتظهر الأبحاث الأولية أنه منذ أوائل العام المنقضي، اتخذت الحكومات حوالي 120 إجراء جديدا بما في ذلك تعيين خطوط ساخنة، وتوفير المساعدة النفسية، وإتاحة ملاجئ لحماية النساء من العنف. وقامت بعض الحكومات أيضا بخطوات لإتاحة الوصول إلى  العدالة بعديد من السبل، من بينها إعلان أن بعض القضايا الأسرية عاجلة خلال الإغلاق والسماح بعقد جلسات عن بعد للمحاكم كي تستمع لمسائل أسرية.  ومع ذلك، لا يزال لدى الحكومات مجال لوضع تدابير وسياسات تهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية لهذا العنف.

وأكدت ماري بانجستو، المدير المنتدب بالبنك الدولي لشؤون سياسات التنمية والشراكات” في التقرير الحديث على أنه وفي حين أن اتخاذ عديد من البلدان خطوات إستباقية لمساعدة النساء على التغلب على الجائحة أمر يبعث على التفاؤل، من الواضح أن ثمة حاجة إلى بذل مزيد من الجهد، لا سيما فيما يتعلق بتحسين عطلة الوالدين لتنشئة الطفل والمساواة في الأجور…  إن البلدان المعنية بحاجة إلى خلق بيئة قانونية تعزز الشمول الاقتصادي للمرأة، كي تتمكن من إتخاذ أفضل الخيارات لنفسها ولأسرتها.”

كما أفاد التقرير بأن 27 اقتصادا في جميع مناطق العالم وفئات الدخل قام، على الرغم من الجائحة، بتطبيق إصلاحات في جميع المجالات وزيادة الممارسات الجيدة في التشريعات في 45 حالة خلال العام الذي غطاه التقرير. وكان أكبر عدد من إصلاح القوانين أو تعديلها يتعلق بالأجور واستحقاقات الأبوين.

وبالرجوع للتقرير، الذي شدد على أنه ورغم ذلك، فإن استحقاقات تنشئة الأبوين هي المجال الذي يتيح أكبر مجال للتحسين على الصعيد العالمي. ويشمل هذا التحسين عطلة الوالدين المدفوعة الأجر، وما إذا كانت الحكومة هي التي تدير الاستحقاقات، وما إذا كان يُحظر فصل المرأة الحامل. وثمة حاجة إلى إدخال إصلاحات لمعالجة القيود التي تواجهها المرأة وتتعلق بنوع الوظائف والمهام الموكولة إليها وساعات عملها وقصر عملها على وظائف أقل أجرا. وفي 100 إقتصاد، لا تقضي القوانين بأن يحصل الرجال والنساء على الأجر نفسه مقابل وظائف متساوية القيمة.

وحسب ماورد في التقرير، يتطلب تحقيق المساواة بين الجنسين جهودا مُنسقة تبذلها الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، على سبيل المثال لا الحصر. لكن إصلاح القوانين واللوائح التنظيمية يمكن أن يكون لها دور فعال في التحفيز على تحسين مستويات المعيشة للمرأة وأسرتها ومجتمعها. ويرتبط تحسين الأداء في المجالات التي يقيسها تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون بتضييق الفجوة بين الجنسين في نتائج التنمية، وزيادة مشاركة المرأة في القوة العاملة، وخفض العمالة غير المستقرة، وزيادة تمثيل المرأة في البرلمانات الوطنية.

وكشفت مجموعة البنك الدولي في التقرير أن مصر قد احتلت مراكز متقدمة في مؤشر رصد لقوانين واللوائح التنظيمية في ثمانية مجالات تؤثر على الفرص الاقتصادية للمرأة داخل 190 بلدا خلال الفترة من سبتمبر 2019 إلى أكتوبر المنقضي، مشيرا إلى الاجراءات الاستبلقسة التي إتخذتها جمهورية مصر لمنظومة الشمول المالي والتمكين الاقتصادي للمرأة.

مصر.. أنموذجا للتمكين الإقتصادي للمرأة

أفاد تقرير مجموعة البنك الدولي الصادر مؤخرا تحت عنوان “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021″، أن جمهورية مصر العربية تُسجل 45 نقطة من 100 في مؤشر WBL، الذي يرصد القوانين واللوائح التنظيمية في ثمانية مجالات تؤثر على الفرص الاقتصادية للمرأة داخل 190 بلدا خلال الفترة من سبتمبر 2019 إلى أكتوبر المنقضي.

كما لفت البنك الدولي إلى الخطوات الإيجابية التي إتخذتها جمهورية مصر العربية فى مجال الرعاية الصحية للمرأة وسلامتها لاسيما الصحة النفسية، خلال الفترة الأخيرة، وذلك فى تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون الصادر عن مجموعة البنك الدولى 2021 .

وحسب تقرير مجموعة البنك الدولي، ومع تفشي جائحة كوفيد-19 ، سجلت مصر أعلى نقطة في مؤشر المعاشات بواقع 100 نقطة يليه مؤشر ريادة الأعمال وبيئة العمل بواقع 75 نقطة، وبين التقرير دور القطاع الخاص في مصر في توفير بيئة عمل ملائمة للكوادر النسائية، في جميع القطاعات بصفة عامة وقطاع الطاقة بصفة خاصة.

واستعرض التقرير قصص نجاح لشركات تعمل في مجال الطاقة حرصت على تخصيص نصيب للمرأة ضمن مناصبها القيادية، وهو أمر غير المعتاد في مثل تلك الصناعة.

ومن جانبها، وحسب ما أورده التقرير، أكدت باكينام كفافي، مسؤولة بارزة بإحدى شركات توزيع الطاقة مدى نجاعة دور القطاع الخاص في تمكين المرأه والذي جاء بدعم من المساعي الحالية للدولة المصرية التي تسير بخطى حثيثة نحو تحقيق أهداف تمكين المرأة، حيث يتجسد ذلك جليا في عمل 50 في المائة من النساء العاملات بالقطاع العام نظير نسبة 20 في المائة من الرجال العاملين في القطاع ذاته.

وكشف البنك الدولي في تقريره أن بلدان العالم تسعى إلى تحقيق قدر أكبر من المساواة بين الجنسين، لكن المرأة في جميع أنحاء العالم مازالت تواجه قوانين ولوائح تقيد الفرص الاقتصادية التي يمكن أن تسنح لها، حيث تخلق جائحة فيروس كوفيد-19 تحديات تهدد صحتها وسلامتها وأمنها الاقتصادي. 

كما رصدت مجموعة البنك الدولي مبادارات جمهورية مصر العربية للحد من الفجوة بين الجنسين ودفع آلية الشمول المالي والتمكين الإقتصادي للمرأة.

خطة استباقية لمحفزات سد الفجوة الجندرية الاقتصادية

يذكر أن مصر أطلقت بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، خلال مايو من العام الماضي، مبادرة “صحتنا النفسية أولوية”، وذلك في إطار مواجهة التحديات التي تسببت فيها جائحة كوفيد-19 والضغوط النفسية التي عانت منها ملايين الأسر على مستوى العالم، وهي مبادرة توعوية تضم مجموعة من الإخصائيين النفسيين ومؤسسات الدعم النفسي، لدعم المرأة خلال الجائحة الوبائية.

وحسب تقرير البنك الدولي فقد أطلقت وزارة التعاون الدولي المصرية بالتعاون مع وزارة التضامن الإجتماعي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، برنامجا لدعم شبكة الهلال الأحمر المصري التي تضم 30 ألف متطوع، في إطار تعزيز التوعية المجتمعية بمنع انتشار جائحة كوفيد-19 والإجراءات الوقائية اللازمة، وبناء قدرة منظمة الهلال الأحمر للاستجابة للأزمات المستقبلية، مع منح الأولوية للدعم النفسي أثناء الجائحة، للمواطنين وكذلك العاملون في المنظمة ليكونوا قادرين على القيام بأدوارهم.

وفي نفس السياق، أطلقت وزارة التعاون الدولي والمجلس القومي للمرأة بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، الخطة التنفيذية لمحفز سد الفجوة بين الجنسين، لتصبح مصر أول دولة في قارة أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطلق هذه المنصة التي تستهدف تعزيز الجهود المشتركة بين القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني والشركاء الدوليين لتمكين المرأة اقتصاديا.

وأوضحت وزارة التعاون الدولي أنه من أهم ملامح الإجراءات التنفيذية المستهدف تطبيقها ضمن “محفز سد الفجوة بين الجنسين”، وبالرجوع لتقرير البنك الدولي تتضمن هذا الاجراءات دعم تمثيل المرأة في مجالس الإدارة وتقلد المناصب القيادية، والعمل على إقرار السياسات التي من شأنها التخفيف من التحديات التي تواجهها المرأة في الموازنة بين عملها ومسؤولية رعاية الأطفال، وتحفيز الإستثمار في القطاعين الحكومي والخاص في مجال رعاية الأطفال وكبار السن وإطلاق المبادرات للتوعية بأهمية المسؤوليات التي تقوم بها المرأة، بالإضافة إلى العمل على تزويد المرأة بالمهارات والخبرات وتصميم البرامج التي تمثل حافزا لتنمية مهارات المرأة في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعلوم والهندسة والرياضيات والذكاء الاصطناعي.

كما تحتوي الخطة التنفيذية، وفقا للبنك الدولي، تعزيز وتحفيز برامج الإرشاد وبرامج القيادة النسائية للشركات، وذلك من أجل تحسين سياسات الشركات في مجال المساواة بين الجنسين وتعزيز قيادة المرأة في مجالس الإدارة، وتنفيذ نماذج المساواة بين الجنسين من خلال بناء قدرات الجهات الحكومية المعنية لتوسيع الخدمات و السياسات المستجيبة للنوع الاجتماعي، وتطوير أدوات تحفيزية للقطاع الخاص، فضلا عن استخدام التسويق الرقمي من أجل مساعدة رائدات الأعمال والشركات الناشئة للوصول بشكل أفضل إلى الأسواق المحلية والعالمية.

والجدير بالذكر أن التقرير السنوي 2020 الصادر عن وزارة التعاون الدولي تحت عنوان “الشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة.. صياغة المستقبل في ظل عالم متغير”، تضمن فصلا كاملا عن تمكين المرأة والجهود التي قامت بها الدولة المصرية في هذا الإطار، فضلا عن الشراكات مع شركاء التنمية مُتعددي الأطراف والثنائيين، ووفقا لخارطة مطابقة التمويل التنموي مع أهداف التنمية المستدامة، فإن المحفظة الجارية للوزارة تضم 34 مشروعا لتحقيق المساواة بين الجنسين ودعم تكافؤ الفرص بقيمة 3.3 مليار دولار أمريكي، تمثل 13 في المائة من إجمالي محفظة التمويل التنموي.

للإطلاع على تقرير “المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2021 ” WOMEN،BUSINESS AND THE LAW 2021 كاملا لمجموعة البنك الدولي الصادر مُؤخرا والمُتاح باللغة الأنجليزية على الموقع الرسمي للبنك الدولي، الرجاء إضعط هذا الرابط.

التقرير السنوي 2020 الصادر عن وزارة التعاون الدولي المصرية تحت عنوان “الشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة.. صياغة المستقبل في ظل عالم متغير” مُتاح على الموقع الرسمي للوزارة، إضغط هذا الرابط للإطلاع عليه كاملا.

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو