بنوك عربية
توقع عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي إنتعاشا في أداء الاقتصاد العالمي خلال عامي 2021 و 2022، ينعكس في تحقيق معدل نمو يقدر بنحو 06.0 في المائة و 04.4 في المائة للعامين على التوالي.
كما نوه في كلمة له في القمة المصرفية العربية الدولية لهذا العام أن التعافي الاقتصادي يواجه في المقابل عدد من المخاطر، أبرزها إحتمالات تعذر إحتواء فيروس كوفيد-19 المستجد، وإحتمالات نشوب أزمة مديونية عالمية مع التوقع بإستمرار السياسات المالية والنقدية التوسعية لدعم مرحلة التعافي، مشيرا في هذا الصدد إلى ارتفاع الدين العالمي بنحو 24 تريليون دولار أمريكي، ليصل إلى ما نسبته 355 في المائة من الناتج العالمي مع نهاية عام 2020.
وفيما يتعلق بالدول العربية، أشار عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي إلى أن توقعات صندوق النقد العربي تظهر تحقيق معدل نمو يصل إلى نحو 02.8 في المائة عن العام الحالي ويرتفع إلى نحو 03.6 في المائة عن العام المقبل.
كما طرح الحميدي أهم التداعيات والتحديات على القطاع المصرفي في هذه المرحلة لدعم التعافي، التي من أبرزها أهمية المحافظة على الاستقرار المالي وسلامة ونزاهة المعاملات المالية والمصرفية، وتعزيز التنسيق بين السياسة الاحترازية الكلية والسياسات الاقتصادية، وتسريع التحول المالي الرقمي وتطوير خدمات مالية ومصرفية مبتكرة، ومواجهة تداعيات تغيرات المناخ والمتطلبات من المؤسسات المالية والمصرفية، وتعزيز التمويل المسؤول والمسؤولية الإجتماعية للمؤسسات المالية والمصرفية لخدمة التنمية المستدامة، إلى جانب الإرتقاء بمنظومة وأدوات تسوية المدفوعات محليا وعبر الحدود.
كما بين الحميدي أهمية التحول الرقمي خلال جائحة كوفيد-19، لافتا إلى أن التقنيات المالية الحديثة ساهمت من جهة في استمرار الخدمات المقدمة من القطاعين العام والخاص، ومن جهة أخرى في الحد من المخاطر الصحية، مؤكدا على أهمية تعزيز البنية التحتية الرقمية للقطاع المالي، وتشجيع التحول الرقمي، وإيجاد فرص تطويرية واستثمارية في مجالات التقنيات المالية محليا، منوها بالفرص الكبيرة الكامنة في تطوير الخدمات الرقمية.
وأوضح عبدالرحمن الحميدي أن صناعة الخدمات المالية الرقمية تشهد نموا في المنطقة العربية، مبينا مساهمة الأنشطة الرقمية بنحو 04.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية. كما أشار إلى النمو الملحوظ في عدد شركات التقنيات المالية الحديثة، الذي اقترب من نحو 500 شركة في العام المنقضي أكثر من نصفهم شركات ناشئة، مقابل 167 شركة قبل خمسة أعوام و62 شركة فقط قبل عشر أعوام.
كما أكد الحميدي على الحاجة للمزيد من العمل لخلق البيئة التشريعية والتنظيمية المحفزة والبنية التحتية المشجعة على نمو صناعة وخدمات التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية. فعلى سبيل المثال، عكس مؤشر التقنيات المالية الحديثة لصندوق النقد العربي (FINXAR) الاهتمام والجهود التي قامت به السلطات في الدول العربية في الأعوام الثلاث الماضية خاصة العام الماضي، نحو الارتقاء بفرص نمو التقنيات المالية وتوظيفها، حيث يظهر المؤشر تحسن بيئة الخدمات المالية الرقمية وتنفيذ برامج وأنشطة وطنية للتحول الرقمي في الدول العربية. ويبرز المؤشر عدد من التحديات التي تتطلب المزيد من الجهود، خاصة على صعيد تسهيل وصول مزودي خدمات التقنيات المالية الحديثة ورواد الأعمال والشركات الناشئة إلى التمويل، ومتابعة تطوير التشريعات والبنية التحتية المالية المحفزة.
وبين الحميدي ضرورة التعاون لمواجهة مخاطر تغيرات المناخ والحاجة لتطوير الخدمات المالية والمصرفية في هذا الشأن، إذ أن الخسائر المرتبطة بالأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية والتغير بالمناخ تضاعفت أربع مرات منذ الثمانينيات، حيث ارتفعت من 50 مليار دولار أمريكي سنويا في الثمانينيات إلى نحو 200 مليار دولار أمريكي خلال العقد الماضي، الأمر الذي يشير أهمية وضع خطة استراتيجية لعملية التحول التدريجي للمنتجات الصديقة للبيئة بالتنسيق والتعاون بين المصرف المركزي والقطاع المصرفي والجهات الرسمية المعنية بموضوع التغيرات المناخية والبيئية، وذلك للحد من مخاطر التحول. إضافة إلى تبني القطاع المصرفي لبرامج دعم للمشاريع صديقة البيئة، بتمويل بأسعار فائدة وآجال مناسبة، وتعزيز التمويل المستدام والمسؤول، وتقديم الحوافز للبنوك التجارية وأصحاب المشاريع الصديقة للبيئة بشكل مدروس.
وأوضح الحميدي أن التمويل المسؤول يعد أحد أهم العناصر التي تساهم في الحد من أثر تغيرات المناخ على الاستقرار المالي، مشيرا في هذا الصدد إلى المسؤولية الإجتماعية للقطاع المصرفي في دعم المشاريع الصديقة للبيئة ذات الانبعاثات “منخفضة غاز الكربون”، وأخذ الجوانب البيئية في الاعتبار قبل منح الائتمان، ذلك بهدف تعزيز التمويل المسؤول.
وأشار الحميدي إلى أن جهود المصارف المركزية في العديد من الدول في مجال التمويل المسؤول، أسفرت عن زيادة في عدد وقيمة القروض التجارية التي قدمتها البنوك للمشاريع الصديقة للبيئة، مشيرا إلى تبنى القطاع المصرفي في عدد من الدول العربية تقديم منتجات تحد من تداعيات تغير المناخ، تشمل القروض المسؤولة الخضراء وتمويل المشاريع والمنتجات المالية المختلفة والصناديق الاستثمارية الخضراء. داعيا السطات الاشرافية بالتعاون مع القطاع المصرفي لدعم هذه التوجهات.
كما لفت إلىالاهتمام الكبير الذي يحظى به موضوع تطوير نظم الدفع عبر الحدود من قبل مجموعة العشرين، سعيا وراء تعزيز كفاءة وسلامة معاملات الدفع والتحويل بما يخدم أغراض تعزيز التدفقات المالية ودعم النزاهة والإستقرار، مشيرا إلى أن منصة “بُنى” للمدفوعات العربية، التي أنشأها الصندوق مؤخرا بدعم وتعاون المصارف المركزية العربية ومشاركة المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية العالمية، تمثل نموذجا للتوافق مع إرشادات مجموعة العشرين.