بنوك عربية
رجح صندوق النقد الدولي أسباب ارتفاع السلع والمواد الغذائية على مستوى دول العالم، خلال الفترة الماضية لارتفاع مؤشرات معدلات التضخم( أي ضعف القوة الشرائية)، حيث من المتوقع أن يواجه المستهلكون على مستوى العالم موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار في العام المقبل مثلما حدث خلال العام الماضي، منبها من زيادة وشيكة جديدة في تلك الأسعار.
وأرجع صندوق النقد الدولي أسباب الزيادة في أسعار السلع الغذائية إلى فرض رسوم جمركية، وزيادة تكاليف شحن السلع الغذائية الأولية، وتجهيز وتعبئة وتسويق المواد الغذائية، وتكاليف التوزيع النهائية مثل تكاليف النقل، حيث ارتفعت تكاليف الشحن البحري مرتين إلى ثلاث مرات خلال العام الماضي، كما أدى ارتفاع أسعار الوقود ونقص سائقي الشاحنات في بعض المناطق من العالم إلى ارتفاع تكلفة الخدمات البرية، ومن ثم زيادة الأسعار للسلع الغذائية الاستهلاكية.
وبين التقرير أن هناك ثلاثة عوامل رئيسة وراء الارتفاع الأخير في أسعار المنتجين، يتمثل الأول في الطلب المتزايد على المواد الغذائية الأساسية للاستهلاك البشري وعلف الحيوانات، لا سيما من الصين، إذ قامت الدول بتخزين احتياطات غذائية بسبب المخاوف المتعلقة بوباء كوفيد-19. ويتعلق السبب الثاني في أزمة المناخ التي تسببت في وجود طقس جاف في البلدان الرئيسة المصدرة للأغذية، بما في ذلك الأرجنتين والبرازيل وروسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة، وقد أدى ذلك إلى خسائر هائلة المحاصيل الزراعية.
ويتعلق السبب الثالث بالطلب القوي على الوقود الحيوي الذي أدى إلى زيادة الطلب على المضاربة من قبل التجار، إضافة إلى قيود التصدير المرتبطة بالاحترازات الوقائية.
وبالرجوع لهذه المعطيات، فمن المرجح أن يرتفع تضخم أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية مرة أخرى في الفترة المتبقية من عامي 2021 و2022. وبالفعل، بدأت الزيادة الحادة الأخيرة في أسعار المواد الغذائية الدولية، إذ من المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية الدولية بنحو 45 في المائة خلال العامين الحالي والمقبل، منها 25 في المائة خلال العام الحالي، و20 في المائة خلال العام المقبل، ويعني ذلك زيادة تضخم أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية بنحو 3.2 نقطة مائوية و1.75 نقطة مئوية في المتوسط خلال عامي 2021 و2022، كما يمكن إضافة نقطة مائوية واحدة إضافية إلى التضخم العالمي للغذاء الاستهلاكي لعام الجاري من خلال ارتفاع أسعار الشحن.
ولفت التقرير إلى أن الأزمة سوف تختلف من بلد إلى آخر، إذ يمكن أن يشهد المستهلكون في الأسواق الناشئة زيادات أعلى بسبب زيادة الاعتماد على الواردات الغذائية، مثل بلدان في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما أن التحول من أسعار المنتجين إلى أسعار المستهلك يميل إلى أن يكون أكبر بالنسبة إلى الأسواق الناشئة. وبالنسبة إلى البلدان منخفضة الدخل التي تعاني حتى الآن من تأثيرات وتداعيات جائحة كوفيد-19، قد تكون آثار زيادة تضخم أسعار الغذاء وخيمة وتهدد بتراجع الجهود المبذولة للقضاء على الجوع.
وفيما يخص الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، هناك عامل خطر إضافي يتمثل في انخفاض قيمة العملة مقابل الدولار الأمريكي، ربما بسبب انخفاض عائدات الصادرات والسياحة وصافي تدفقات رأس المال الخارجية، ونظرا إلى أن معظم السلع الغذائية تُتداول بالدولار الأمريكي، فقد شهدت البلدان ذات العملات الأضعف إرتفاعا في فاتورة الواردات الغذائية.
وأوضح تقرير منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة “فاو”، الذي أشار إلى ارتفاع أسعار السكر العالمية بارتفاع بلغ 1.8 نقطة (01.7 في المائة) عن مستواه في يونيو الماضي مسجلا، رابع زيادة شهرية له على التوالي، وأعلى مستوى له منذ مارس 2017، وقد كان الارتفاع في الأسعار الدولية للسكر مرتبطا بشكل بتأثير موجات الصقيع التي أصابت غلال المحاصيل مؤخرا في البرازيل، المصدّر الأكبر للسكر في العالم، والمتأثر سلبا أصلا جراء الظروف المناخية الجافة المطولة، كما ساهم ارتفاع اسعار الزيت الخام إلى لجوء البرازيل لاستخدام قصب السكر في إنتاج الإيثانول.
ولفت تقرير “الفاو” إلى أن التراجع الذي شهدته أسعار الحبوب خلال شهر يوليو الماضي، إلا أن معدلات أسعار الحبوب مازالت مرتفعة عن المتوسط السعري بنسبة 29 في المائة عن نفس الفترة من العام الماضي، مضيفا أن أسعار زيوت الصويا وبذور دوار الشمس قد انخفضت بنسبة 01,4 في المائة، معوضة الزيادة الكبيرة في أسعار زيوت النخيل، كاشفا التقرير على أن انخفاضا شهدته أسعار الألبان عالميا بنسبة 02,8 في المائة، إلا أن الأسعار مازالت مرتفعة عن أسعار العام الماضي بنسبة 14,5 في المائة.