بنوك عربية
كشفت هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية ومحافظ جمهورية مصر العربية لدى مجموعة البنك الإسلامي للتنمية أن تفشي جائحةِ كوفيد-19 نتج عنه معاناةُ الدولِ النامية من فجوةِ تمويلِ قدرها تريليون دولار أمريكي مقارنة بما يتمُّ إنفاقُه في الدول المتقدمة، فضلا عن نقص في التمويل الذي تحتاجه تلك الدولُ في العام الماضي لإبقائِها على المسارِ الصحيحِ لتحقيقِ أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 قدره 1،7 تريليون دولار أمريكي، وهو ما انعكس على انخفاضِ مؤشرِ التنميةِ البشريةِ بشكلٍ ملحوظٍ في العام الماضي لأولِ مرة منذ بدءِ قياسِه في عام 1990.
وأكدت أن قضية تمويل وتعبئة الموارد اللازمة للتنمية تعد أحد أهم المحددات لمدى قدرة الدول على السير قدما في تنفيذ برامج ومشاريع التنمية المستدامة، مضيفه أن ذلك يقتضي تكثيف العمل وعقد الشراكات الفاعلة بين الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية لتوفير الاحتياجات التمويلية المتزايدة.
جاء ذلك في كلمة لها على هامش افتتاح الاجتماع السنوي السادس والأربعين لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية والمنعقد خلال الفترة من يوم الأربعاء مطلع سيتمبر ولغاية يوم السبت الرابع من سبتمبر بمدينة طشقند بجمهورية أوزبكستان.
وأشارت هالة السعيد إلى ما يشهده العالم حاليا من متغيرات سياسية، واقتصادية، واجتماعية متسارعة وشديدة الدقة ألقت بظلالها على الاحتياجات والتحديات التنموية في مختلف دول العالم، وفي مقدمتها الدول الأعضاء في مجموعة البنك، مؤكدة ضرورة الإقرار بصعوبةِ ما يشهدُه العالمُ حاليا من أزمة متفاقمة، لا تزال مستمرة، نتيجة لتفشي فيروس كوفيد-19 وظهور متحورات جديدة لهذا الفيروس.
كما بينت أن التحرك السريع من قِبَل مجموعة البنك الإسلامي للتنمية لمواجهة هذه الأزمة من خلال شراكة تنموية مثمرة مع عدد كبير من المنظمات والمؤسسات الدولية، متابعه أن البنك وضع البرنامج الاستراتيجي للتأهب والتصدي بتمويل قدره 2،3 مليار دولار أمريكي، والذي يهدف إلى دعم جهود الدول الأعضاء للوقاية من تداعيات فيروس كوفيد-19 سواء ما يتعلق بالتأهب والاستجابة للطوارئ الصحية أو دعم القطاعات الاقتصادية وانعاشها، مؤكده أهمية تلك الخطوة لجميع الدول الأعضاء خصوصًا مع التأثر الشديد لأغلب القطاعات الاقتصادية في الدول الأعضاء، وفي مقدمتها القطاع الصحي.
كما طالبت السعيد مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والتي تتميز بتنوع وتكامل أنشطتها التنموية، لمواصلة جهودها واستمرار العمل من خلال النهج التشاركي الذي تتبناه والذي يمثل النهج الأمثل للتعاون مع المؤسسات المالية الأعضاء في مجموعة التنسيق العربية، ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية الأخرى، وذلك لتوفير تمويلات مشتركة للاحتياجات التمويلية الضخمة التي تتطلبها جهود الدول الأعضاء لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة كوفيد-19، إلى جانب استمرار مشاريع التنمية الأخرى، خاصة مشاريع البنية التحتية اللازمة لتحقيق الربط الإقليمي وتيسير التجارة البينية والاستثمار المشترك بين الدول الأعضاء وتحقيق النمو المستدام.
كما لفتت أن الدولة المصرية تعمل بجَهدٍ حثيث لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة من خلال استراتيجية وطنية وطموحة متمثلة في رؤية مصر 2030، والتي تتسق مع الأبعاد التنموية الأممية الثلاثة البُعد الاقتصادي، والبُعد الاجتماعي، والبُعد البيئي، متابعه أن الدولة تواصل استكمال التطبيق الناجح للبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي.
وأشارت السعيد، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي تضمن إجراءات للإصلاح الهيكلي لبعض القطاعات، وفي مقدمتها قطاع الطاقة، وتنويع الهيكل الإنتاجي بتحفيز القطاعات التي تُحقق قيمة مضافة عالية، وتخلق فرص العمل اللائق والمُنتِج وترتبط بعلاقةٍ تشابكيةٍ قويةٍ مع باقي القطاعات ومنها الصناعة، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
ولفتت إلى أن البرنامج تضمن كذلك اتخاذ العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية بإصدار حِزمة من القوانين والتشريعات التي تهدف جميعها إلى تبسيط إجراءات إقامة المشاريع، وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تنفيذ المشاريع، متابعه أن الدولة المصرية تعمل لتحفيز استثمارات القطاع الخاص وتحقيق النمو المستدام من خلال تكثيف الاستثمارات العامة في مشروعات البنية التحتية وتحسين جودتها بتنفيذ عدد من المشاريع القومية الكبرى ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
وأكدت السعيد إلى ما حققته الإصلاحات الاقتصادية الجادة التي نفذتها الدولةُ المصرية في الأعوام الأخيرة والتوسع في شبكاتِ وبرامج الحماية الاجتماعية من طفرةِ إيجابية قد شهدها الاقتصاد المصري، حظيت بإشادة المؤسسات الدولية، وعززت قدرته على الصمود في مواجهة جائحة كوفيد-19، موضحة أن قبل هذه الأزمة بلغ معدلُ النموِ الاقتصادي حوالي 05،6 في المائة في النصف الأول من العام 19/2020 وانخفض معدلُ البطالةِ إلى أقل من 08.0 في المائة، وانخفض متوسطُ مُعدلِ التضخمِ إلى أقل معدل له منذ نحو 15 عامًا.
كما أعلنت السعيد أن أزمة كوفيد- 19 فرضت على دول العالم أجمع سرعة التحرك لمواجهة الجائحة والتعافي من تداعياتها، وكذلك مضاعفة الجهود للاستمرار في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكده أن في هذا الإطار تحرّكت الدولة المصرية سريعًا باتخاذ سياساتٍ استباقيةٍ، اعتمدت على خُطةٍ واضحةٍ ومدروسةٍ، تحقق التوازن بين الحفاظ على صحةِ المواطن وضمان حقوقه الأساسية وبين استمرارِ عجلة النشاطِ الاقتصادي، وتستهدف جميع الفئات والقطاعات المتضررة من أجل التخفيف من آثار الجائحة بما يشمل تطبيق سياسات نقدية ومالية تحفيزية لدعم هذه الفئات والقطاعات.
وبينت أن مصر قامت بترتيب أولوياتها في ظل الجائحة الوبائية، بالتركيز على الاستثمار في رأس المال البشري وزيادة المخصصات لقطاعي الصحة والتعليم، وإيلاء الاهتمام بالقطاعات التي تتسم بالمرونة والقدرة على التعافي السريع، وكذلك القطاعات الواعدة التي تُمثّل ركيزة أساسية لدفع النمو الشامل والمستدام، مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والصناعة التحويلية، والزراعة، وكذلك المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى دمج القطاع غير الرسمي، وتعزيز الشمول المالي، ودعم البنية التحتية للرقمنة في إطار تعزيز التوجه نحو التحول الرقمي، والتوسع في مشاريع الطاقة الجديدة والمتجددة، والتعافي الأخضر.