بنوك عربية
أكد عبدالرحمن بن عبد الله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، في كلمة على هامش افتتاح أعمال ورشة العمل رفيعة المستوى حول تحسين كفاءة إدارة الدين في الدول العربية أن الدين العام الإجمالي العالمي شهد إرتفاعا ملحوظا ووصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث بلغ نحو 289 تريليون دولار أمريكي بنهاية الربع الأول من عام 2021، مقارنة بنحو 188 و258 تريليون دولار أمريكي بنهاية 2019 و2020 على التوالي، ما يعادل 360 في المائة تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنهاية الربع الأول من العام، مقابل 226 في المائة و331 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنهاية عامي 2019 و2020 على التوالي.
وفي نفس السياق، أكد الحميدي أن الدين العام يشهد إرتفاعا ملموسا على مستوى الدول العربية بسبب إستمرار إرتفاع مستويات العجز المالي على خلفية تداعيات الظروف الخارجية غير المواتية، وتباطؤ عملية ضبط أوضاع المالية العامة، وتقلبات النمو الاقتصادي، إضافة إلى التحديات التي شهدتها الأوضاع المالية بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19، والحزم التحفيزية التي تبنتها السلطات في الدول العربية، مبيّنا في هذا الصدد إلى تبني الدول العربية حزم تحفيزية ناهزت 344 مليار دولار أمريكي، تمثل نحو 14.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بنهاية أغسطس السابق.
وشارك في الورشة كبار المسؤولين المعنيين بقضايا الدين العام من وزارات المالية في الدول العربية، إلى جانب صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي ووزارة المالية في جمهورية تشيلي.
ولفت الحميدي إلى الأهمية المتزايدة لتطوير عمليات إدارة الدين العام وتنمية أسواق الدين المحلية والإرتقاء بإستراتيجيّات إدارة الدين العام على المدى المتوسط، لتعزيز المساهمة في توفير إحتياجات التمويل المتنامية اللازمة للقيام بالأنشطة الإقتصادية ودعم فرص التعافي والإستقرار الإقتصادي والمالي.
ونبه الحميدي من الزيادة المتنامية في مستويات المديونية العالمية، الأمر الذي من شأنه أن يعزز من هشاشة أوضاع الأسواق المالية، مبينا في هذا الإطار أن تزايد المديونية العالمية في الوقت الراهن يفرض تحديات على السلطات نتيجة إرتفاع حجم احتياجات تمويل الموازنة ومتطلبات التمويل الخارجي، وإن تباينت مستويات هذه المخاطر بين الدول. إذ يتطلب مواجهة هذه المخاطر وتداعياتها، إلى جانب الإستمرار في سياسات الضبط المالي والإصلاحات الداعمة للنمو، تعزيز قدرات الدول في مجال إدارة الدين العام وتعزيز الأطر الإحترازية الكلية.
وأشار المصدر ذاته أنه في ضوء إرتفاع عجز الموازنات وزيادة الاحتياجات التمويلية، إتجهت الدول العربية للتمويل من خلال طرح أدوات الدين محليا ودوليا، مبيّنا أن السلطات في العديد من الدول العربية تعمل على رفع كفاءة عمليات إدارة الدين العام، بهدف تأمين احتياجات الموازنة من التمويل بأفضل التكاليف الممكنة وبمستوى مقبول من المخاطر، مشيرا إلى أهمية تطوير أسواق التمويل المحلية في الدول العربية، لتوفير قنوات تمويل مُستدامة مع تخفيض تكلفة الإصدار.
كما نوه أن السلطات في الدول العربية سعت لتحسين إدارة الدين العام، لديها، سواء على مستوى إجراءات ضبط المالية العامة، أو على مستوى ممارسة إدارة أنشطة الدين العام، خاصة على صعيد إستكمال الأطر المؤسسية لإدارة الدين، والتشريعات الخاصة بإصداره، ومباشرة برامج لتنمية أسواق التمويل المحلية، إضافة لتعزيز التقارير ونشر المعلومات، وتبني إستراتيجيات إدارة الدين العام. إلا أنه مع ذلك، هناك حاجة للمزيد من الجهود على كافة الأصعدة لوضع مسارات الدين العام على أسس مستدامة. كذلك أبرز معاليه، الحاجة إلى تطوير آليات التنسيق وتفعيل التواصل بين مديري الدين العام في الدول العربية، بما يتيح الفرصة لمناقشة قضايا الدين العام، ويدعم نقل المعرفة وتبادل التجارب والخبرات.
وأبرز دور إصدارات الدين العام في المساهمة في دعم جهود مواجهة تحديات تغيرات المناخ وتمويل المشاريع صديقة البيئة، حيث تلعب أدوات التمويل المستدام والمسؤول دورا مهما في توفير قنوات تمويل إضافية لتمويل المشروعات التي تراعي البيئة وذات أثر إجتماعي، إضافة إلى دورها في توفير التمويل لمواجهة تحديات تغيرات المناخ.
وبين الحميدي أن صندوق النقد العربي يولي أهمية كبيرة لتعزيز المشورة الفنية والتدريب في مواضيع تحسين إدارة الدين العام، مبيّنا أن الصندوق يوفر الدعم الفني من خلال مبادرة تطوير أسواق أدوات الدين بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. كذلك أشار معاليه أن الصندوق ينظم دورات تدريبية بصورة مستمرة حول إدارة الدين العام بالتعاون مع البنك الدولي، إلى جانب تكثيف الصندوق لأنشطته في مواضيع إدارة الدين العام، من خلال تنظيم ورش العمل وإعداد الدراسات والإسهامات البحثية.