النقد العربي يبحث الموجة التضخمية العالمية: المسببات والانعكاسات على الاقتصادات

بنوك عربية

طرح صندوق النقد العربي العدد الرابع والعشرين من سلسلة موجز سياسات بعنوان “الموجة التضخمية العالمية: المسببات والانعكاسات على الاقتصادات العربية”، الذي يناقش الموجة التضخمية العالمية الراهنة من حيث تحليل أسبابها، ومؤشراتها، وآثارها الاقتصادية وتداعياتها على توجهات السياسة النقدية العالمية، وكذلك الوقوف على انعكاساتها على الاقتصادات العربية، فيما ينتهي الموجز ببعض التوصيات على صعيد السياسات.

وسلط هذا العدد من موجز السياسات الضوء على أن العالم قد شهد خلال العام المنقضي موجة تضخمية امتدت آثارها لتشمل العديد من الاقتصادات المتقدمة والنامية، ففي ظل تعافي الاقتصاد العالمي للخروج من أسوأ ركود اقتصادي ألم به منذ تسعين عاما جراء جائحة كوفيد-19، أقرت العديد من دول العالم حزم للتحفيز المالي لتمكين الأفراد والشركات من تجاوز التداعيات الناتجة عن الجائحة، خاصة في الاقتصادات المتقدمة التي قامت حكوماتها بضخ التريليونات من الدولارات في الأسواق لدعم النمو الاقتصادي.

كما ساهمت هذه الحزم إلى زيادة كبيرة نسبيا في مستويات الطلب العالمي على السلع والخدمات وحدوث نشاط ملموس في حركة التجارة الدولية، في الوقت الذي لم يزل فيه جانب العرض الكلي مقيدا نتيجة الإجراءات الاحترازية المفروضة لاحتواء الجائحة بما حال دون سلاسة استجابة جانب العـرض الكلي للزيادة المتسارعة في مستويات الطلب الكلي، وهو ما شكل في مجمله ضغطا على الموارد الاقتصادية وبالتالي ظهور العديد من الضغوطات التضخمية التي طالت العديد من الأسواق وأدت إلى ارتفاعات لأسعار العديد من السلع، ونقص في مستويات التوريد لعدد من السلع الأساسية.

وتفاوتت حدة هذه الضغوطات من دولة إلى أخرى بحسب اختلاف طبيعة اقتصاد كل دولة والتطورات التي تمر بها، حيث إزدادت في بعض الدول، بما يعكس الأوضاع الاستثنائية التي شهدتها خلال العام المنقضي.

ومن المنتظر أن يكون لهذه الموجة التضخمية انعكاسات على توجهات السياسة النقدية في العديد من الاقتصادات المتقدمة والنامية في حال ما إذا اسفرت عن ضغوطات تضخمية أكثر استمرارية، حيث ستفرض على بعض البنوك المركزية في هذه الدول العودة المبكرة لمسارات السياسة النقدية التقليدية، وهو ما قد يؤثر على فرص التعافي الكامل للاقتصاد العالمي، كما أن هذه الموجة التضخمية سوف تنعكس بلا شك على مستويات الفقر العالمية، وسوف تدفع بالمزيد من الأشخاص على مستوى العالم تحت خط الفقر، وتزيد من صعوبة المهمة الملقاة على عاتق حكومات دول العالم لتحقيق عدد من أهداف التنمية المستدامة.

وبخصوص مسببات هذه الموجة التضخمية، أشار موجز سياسات صندوق النقد العربي إلى أن أهمها يتمثل في تسارع وتيرة الطلب العالمي في ظل حزم التحفيز التي تم إقرارها في عدد من الاقتصادات المتقدمة، وتذكر تقديرات صندوق النقد الدولي إلى ضخ حزم تحفيز في الاقتصاد الأمريكي بمفرده بقيمة 1.8 تريليون دولار أمريكي بنسبة 08.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية في هذا العام 2021.

إضافة لما سبق، أقر الإتحاد الأوروبي في إطار ما يعرف “بخطة الجيل القادم” حزم للتحفيز المالي بقيمة 750 مليار يورو، من جانب آخر، ساهم تسارع تنفيذ برامج التلقيح الوطنية في إعادة فتح الاقتصادات عبر العالم، والسماح بعودة تدريجية للأنشطة الاقتصادية، وهو ما دعم مستويات الطلب على العديد من السلع والخدمات لا سيما تلك التي لا تقوم على أساس الاتصال المباشر، في هذا الإطار، تشير الإحصاءات إلى تلقيح نحو 49 في المائة من سكان العالم بجرعة واحدة على الأقل من لقاحات مكافحة الفيروس، بإجمالي 7 مليار جرعة (بواقع 23.6 مليون جرعة يوميا) وفق الموقف المسجل بتاريخ 29 تشرين الأول الجاري .

جاءت تلك الزيادة في جانب الطلب الكلي المسجلة في العام الجاري في الوقت الذي لا يزال فيه جانب العرض الكلي وسلاسل الإمداد العالمية متأُثرة بالقيود المفروضة لاحتواء جائحة كوفيد-19، ومن ثم أسفرت التطورات السابقة في مجملها عن ارتفاع للأسعار في عدد من الأسواق تمثلت أبرز مؤشراتها في ارتفاع الأسعار العالمية للنفط بنسبة 65 في المائة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2021 مقارنة بمستويات الأسعار المسجلة في عام 2020 وفق بيانات منظمة الأوبك.

كما نما أسعار الغذاء بحسب مؤشر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بنسبة تقارب 33 في المائة خلال شهر سبتمبر من عام المنقضي بما يمثل أعلى مستوى لأسعار الغذاء خلال عقد كامل. علاوة على ارتفاع الأسعار العالمية للغاز الطبيعي بنسبة 78 في المائة على أساس سنوي خلال شهر تشرين الأول الحالي من العام المنقضي، وارتفاع أسعار المعادن بنسبة 48 في المائة خلال عام 2021، وزيادة أسعار الشحن بما يتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أضعاف مستوياتها المسجلة العام الماضي.

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو