بنوك عربية
أفاد عاملون في قطاع القروض المصرفية الدولارية إلى أن تكلفة التمويل “الخاصة بخطوط التمويل” عادت إلى مستويات ما قبل الجائحة خلال الفترة القليلة الماضية، الأمر الذي يسهم في خفض تكلفة التمويل للشركات الخليجية والجهات السيادية لهذا العام.
ووفقا لصحيفة الاقتصادية فأن وضع سوق الإقراض الدولاري في الخليج خلال العام الجاري، يلخص بكونه يحمل سيولة فائضة لدى البنوك وعدد قليل من الصفقات.
وبعد تعرض سوق القروض الدولارية المجمعة لهزة أثناء الوباء في 2020، استعادت سوق القروض الخليجية نشاطها إثر عودة النمو الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط وتقدم الجهود في التطعيم لمواجهة كوفيد – 19.
وبلغ إجمالي القروض المجمعة في دول الخليج منذ بداية 2021 حتى نهاية أغسطس من العام نفسه، 80.3 مليار دولار، مقارنة بنحو 52.7 مليار دولار للفترة نفسها من 2020، وذلك بارتفاع 52.3%.
في حين بلغ عدد الصفقات لقروض مجمعة تم إغلاقها منذ بداية 2021 حتى نهاية أغسطس من العام نفسه، 47 صفقة، مقارنة بنحو 52 صفقة للفترة نفسها من 2020، وذلك بانخفاض 9.6 %.
وخلال 2020 شهدت القروض ارتفاع تكلفة التمويل على المستندين ولجوء المقترضين لسوق السندات، في حين شهد 2021 تصحيحا للهوامش الائتمانية على خطوط التمويل بالعملة الدولارية.
وأشارت بيانات مالية لـ”ديل أوجيك” إلى أن سوق القروض الدولارية في منطقة الشرق الأوسط استحوذت على 87% من سوق الإقراض المصرفية لشركات الأسواق الناشئة خلال الأعوام الخمسة الماضية.
ولوحظ توجه من بعض الشركات السعودية إلى تمويل التزاماتهم طويلة الأجل بقروض مصرفية “متوسطة إلى طويلة” الأجل، وهذه خطوة إيجابية تسهم في إحداث مواءمة بين الالتزامات والأنشطة التمويلية.
وشهد العام الماضي، تركيز معظم المقترضين الخليجيين على إعادة تمويل قروضهم والتفاوض من أجل الحصول على شروط تمويلية أفضل وتمديد التسهيلات البنكية لفترات أطول.
وأظهر التقرير أن سوق الإقراض البنكي المقوم بعملة الريال، وسع دائرة منتجاته لتشمل تقديم القروض الخضراء للشركات السعودية، وذلك لأول مرة خلال 2021.
واستند التقرير حول تقصي أوضاع سوق الإقراض الخليجي على بيانات منصة “ريد” المتخصصة بالتحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت بالأسواق الناشئة.
القروض الخضراء
وخلال الربع الثالث من 2020، أصبحت السعودية أول جهة إصدار سيادية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحصل قرضا ممزوجا بهيكلة تمويلية رائدة دوليا تجمع بين مبادئ التمويل الخضراء المدعومة من وكالة ائتمان الصادرات، وجاء ذلك في إطار استراتيجيتها لتوسيع مصادر التمويل وزيادة قاعدة المستثمرين لها.
ورغم توافر مصادر تمويل سريعة ويسيرة إلا أن السعودية اختارت مزيجا نادرا من القروض يعزز مبادئ “التمويل المستدام الصديق للبيئة”، وجاء القرض الأخضر المدعوم من وكالة ائتمان الصادرات بقيمة 258 مليون دولار.
وعلى صعيد الشركات، لدى “شركة الكهرباء” تجربة تعد رائدة، حيث تمكنت من إصدار أول صكوك خضراء سعودية بالنصف الثاني من 2020، فضلا عن حصولها على تسهيلات ائتمانية خضراء خلال 2021 وكلاهما مقومان بالعملة الدولارية.
وعلى صعيد التمويل الأخضر المقوم بالعملة المحلية، هناك شركة البحر الأحمر للتطوير، التي حصلت في 2021 على تسهيل ائتماني أخضر من بنوك سعودية بقيمة 14.1 مليار ريال.
تكلفة التمويل
وعن تكلفة التمويل، تعد هذه الظروف فرصة نادرة للجهات الخليجية من أجل الذهاب مع خيار القروض المصرفية المجمعة أو الثنائية في ظل التوقعات المستقبلية بارتفاع أسعار الفائدة خلال الفترة القادمة، الأمر الذي يسهم في تخفيض كلفة التمويل على تلك الجهات.
وبخلاف التكلفة المتدنية، التي توفرها البنوك الدولية لعملائها الخليجيين من أصحاب التصنيفات الائتمانية من الدرجة الاستثمارية، فإن بعض الجهات الحكومية قد تميل لخيار الاستدانة الدولارية عبر القروض من أجل عدم مزاحمة القطاع الخاص على السيولة المحلية لكون القروض في تلك الحالة ستكون مقومة بالعملات المحلية.
وفي 2019 عندما كانت تتضاءل صفقات “القروض المجمعة” خارج منطقة الشرق الأوسط، أصبحت البنوك الأوروبية والأمريكية تمارس أنشطة الإقراض في الخفاء، وتتعمد عدم إشراك بنوك أخرى في عمليات الإقراض الصغيرة أو الأقل من المتوسطة (لتعطي بذلك ظهرها لتقاليد وأعراف القروض المجمعة التي تنضوي على إشراك عدة بنوك في عمليات الإقراض).
ومن أجل زيادة نمو محفظة الإقراض، تقوم تلك البنوك الدولية بالهيمنة قدر الإمكان على أكبر نسبة من القرض.
وبحسب التحقيق الذي نشرته “جلوبال كابيتال” البريطانية حينها، فإن تعطش بعض البنوك الأوروبية لصفقات القروض جعلها تبدو أكثر شدة في التنافس للفوز بخطابات التفويض، لدرجة إقدامها على تخفيض هوامش الفائدة للقرض، وهذه الاستراتيجية ستساعدها على تحمل هوامش الفائدة الضئيلة، مقابل تحقيق نمو في محفظة الإقراض الخاصة بها.
توطيد العلاقة
ومن ناحية أخرى، نجحت البنوك، التي وطدت علاقاتها التجارية مع عملائها القدامى من الشركات، في تزويدهم بخطوط ائتمانية تنافسية، كانت فيها تكلفة القروض البنكية مقبولة بفضل “بنوك العلاقات”، مقارنة بالاستدانة الخارجية الدولارية المرتفعة.
وتعمد البنوك إلى إقامة العلاقات مع العملاء أو توطيدها عن طريق تقديم تمويل رخيص نسبيا على أمل الفوز بمزيد من الأعمال في مجالات مثل تمويل التجارة وأسواق المال والأسهم.
وبعبارة أخرى، أظهرت الجائحة وفاء “بنوك العلاقات العملية” مع عملائها القدامى، وذلك عبر تطبيق مفهوم “إقراض لإقامة علاقة تجلب أنشطة تجارية بالمستقبل من العميل”، وهذا يزيد تقدير العملاء لتلك المؤسسات المالية التي تقف إلى جانبهم.
القروض المجمعة والتفاوض
ومع القروض المجمعة، يتم تحديد بضعة بنوك كبرى، ويتم توزيع حصص التغطية عليهم، وفي المرحلة الثانية يقوم كل بنك بتخصيص حصة أصغر لبنوك أخرى.
وإحدى الطرق، التي تستخدمها الشركات الخليجية مع البنوك الدولية تدور حول أن البنوك، التي ستشارك في القروض المجمعة ستكون لديها فرصة أكبر لاختيارها من أجل ترتيب الإصدار القادم من أدوات الدين.
وبمعنى آخر أن على كل بنك يرغب بأن يكون مرتبا لإصدار السندات أو الصكوك الدولية، أن يقدم أرخص تسعير للقرض، حيث تنظر البنوك الدولية إلى مثل هذه العمليات كوسيلة لتعزيز العلاقات مع العملاء الخليجيين.
ومع العلم أن العملاء الخليجيين ذوي الملاءة المالية العالية يدخلون مفاوضاتهم مع البنوك الدولية تحت مبدأ “الحصول على قروض بتكلفة زهيدة” مقابل منح الأفضلية للبنوك الأكثر ولاء خلال الصفقات المستقبلية .
إطالة أجل القروض
وكانت “الاقتصادية” قد نشرت تحليلا في 3 يونيو 2020 أشارت فيه إلى ازدياد وتيرة الشركات الخليجية التي تفضل إطالة أجل القروض البنكية التي اقتربت من دنو أجل استحقاقها، وبخلاف فائدة تحسين التدفقات النقدية وقائمة المركز المالي، ومن شأن تلك الخطوة أن تقود إلى تخفيض تكلفة الاستدانة، مقارنة بخيار توقيع قرض جديد أو إعادة تمويله.
وأسهم وجود بنود قانونية بالعقود الموقعة سابقا في تسهيل حصول بعض المقترضين على هذا الخيار القانوني الذي يجنبهم دفع هوامش ائتمانية مرتفعة.
ويقصد بخيار إطالة أمد الاستحقاق أن بعض القروض البنكية يتم توقيعها لأجل عام واحد على سبيل المثال، لكن ضمن بنود العقد أن المقترض يملك خيار إطالة أجل الاستحقاق لعام آخر، وفق شروط تمويلية قريبة من الشروط الأصلية السابقة.
أكبر قروض هذا العام بالخليج
وفي الربع الأول من 2021، قال صندوق الاستثمارات العامة السعودي، إنه وقع اتفاقية تسهيل ائتماني متجدد متعدد العملات بقيمة 15 مليار دولار مع مجموعة من 17 بنكا.
وأضاف أن التسهيل “سيوفر للصندوق سيولة إضافية يمكن استخدامها متى دعت الفرصة لذلك”، والقرض المتجدد هو قرض يمكن سحبه وسداده ثم سحبه مجددا خلال فترة الإقراض المتفق عليها.
وبدأ صندوق الاستثمارات العامة الاقتراض من البنوك في 2018 بتسهيل قيمته 11 مليار دولار، تلاه في 2019 قرض قيمته عشرة مليارات دولار سدده العام الماضي.
وقال الصندوق في بيان إن القرض الجديد مقدم من 17 بنكا في آسيا والشرق الأوسط وأوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
ويتبع صندوق الاستثمارات العامة استراتيجيتين متشعبتين هما بناء محفظة دولية من الاستثمارات تزامنا مع الاستثمار المحلي في مشروعات ستساعد على خفض اعتماد المملكة على النفط.
أهمية الليبور مع تسعير القروض
ويولي العاملون في أسواق النقد القصيرة الأجل (وكذلك مصرفيو القروض) أهمية بالغة لحركة الليبور (سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن)، وكما هو الحال مع السايبور، يعبر الليبور عن متوسط سعر الفائدة على المدى القصير.
ويتم تسعير معظم القروض الدولاية، وفقا للفائدة المتغيرة، التي تعتمد على حركة مؤشر الليبور الذي تتفاوت معدلاته، وفقا لآجال متفاوتة.
ويتم اختيار الفائدة المتغيرة مع القروض المجمعة بشكل عام، فهامش تكلفة التمويل ثابت لكن الذي يتغير هي الفائدة الخاصة بمؤشر القياس، بحيث تزداد أو تنخفض الدفعات الدورية مع كل إعادة تقييم لليبور، التي ستتم خلال أعوام استخدام القرض.
وعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من القروض المجمعة تكون بفائدة متغيرة، إلا أن هناك نسبة ضئيلة من القروض المجمعة تكون بفائدة ثابتة.
ومعلوم أن رصد الصحيفة بالشراكة مع ماكروبوند يفيد بأن الليبور منذ الاستخدام الرسمي له في 1986 لم يكسر حاجز الـ0.15 في المائة إلا في النصف الأول من 2021.
ومن شأن الهبوط القياسي لـ”مؤشر تكلفة الاقتراض الدولاري” أن يعجل بخطط الشركات السعودية والخليجية نحو التوجه للقروض المجمعة والثنائية المقدمة من البنوك الأمريكية والأوروبية والآسيوية.
ويتم تسعير معظم القروض الدولاية، وفقا للفائدة المتغيرة، التي تعتمد على حركة مؤشر الليبور، الذي تتفاوت معدلاته، وفقا لآجال متفاوتة.
وجاء الهبوط القياسي لـ”مؤشر تكلفة الاقتراض الدولاري” ليعني بأن الليبور قد سجل أدنى مستوياته منذ أكثر من 35 عاما، بحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة “الاقتصادية” وذلك بالشراكة مع محللين منصة “ماكرو بوند” السويدية المتخصصة في استعراض بيانات الاقتصاد الكلي.
وتمثل هذه الظروف فرصة نادرة للجهات الخليجية من أجل الذهاب مع خيار القروض المصرفية المجمعة أو الثنائية.
القروض مقابل أدوات الدين
ولطالما شكلت مسألة تفضيل الاقتراض عبر “القروض المصرفية” أو عن طريق طرق باب “أسواق الدين” جدلا بين مديري الخزانة بالشركات السعودية، حيث إن الخيار الأفضل يعتمد على ظروف السوق.
ومثلا اللجوء لأدوات الدين في الوقت الحالي يمنح المصدرين السعوديين والخليجيين تكلفة تسعيرية مرتفعة (في حال تدني درجة التصنيف الائتماني للجهة المستدينة)، إلا أن أدوات الدين تتميز بأفضلية “تثبيت أسعار الفائدة”.
وكذلك إطالة آجال الاستحقاقات لتصل إلى أكثر من عشرة أعوام، مقارنة بالقروض المجمعة، التي تصل معظم آجالها في الخليج إلى عام واحد أو بالكثير خمسة إلى ثلاثة أعوام في حال كان القرض المجمع مقوما بالعملة الدولارية، فضلا عن كون المدفوعات الدورية تتغير قيمتها بحكم كونها مسعرة بالفائدة المتغيرة، وفقا لنوعية أجل المرجع التسعيري.
ويعود عدم قدرة معظم المصارف تقديم قروض بآجال استحقاق أطول إلى القيود التنظيمية، التي فرضتها المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة، ولا سيما من المعيار التاسع، الذي يتطرق للمعالجة المحاسبية الخاصة بالقروض وكيفية التطرق للمخاطر الناجمة منها.