صندوق النقد العربي يبحث صنع الإقتصاديات

بنوك عربية

طرح صندوق النقد العربي العدد الثامن والعشرين من سلسلة موجز سياسات بعنوان “التداعيات الاقتصادية الإقليمية والدولية للتطورات العالمية الراهنة”، الذي يُلقي الضوء على تلك التداعيات على عدد من الأصعدة، ويقدم التوصيات لصناع القرار فيما يتعلق بمزيج السياسات الذي من شأنه تعزيز مستويات قدرة الاقتصادات العربية، على التخفيف من حدة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن تلك التطورات.

وخلص الموجز إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد تحديات نتيجة للتطورات العالمية الراهنة التي تتسم باتساع نطاق تأثيراتها، وتعقد وتشابك مساراتها في ظل التطورات المتلاحقة الناتجة عنها والتي باتت تطال العديد من الدول والأسواق على مستوى العالم.

كما أشار الموجز إلى أن التطورات الراهنة تمارس تداعياتها على الاقتصاد العالمي من خلال العديد من القنوات لاسيما خمسة قنوات رئيسة بما يشمل تأثير كل من: العقوبات المفروضة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، واستمرار التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد العالمية، وتقلبات الأسواق المالية، وارتفاع مستويات المخاطر وعدم اليقين.

وبين الموجز أن تلك التطورات جاءت في الوقت الذي يكافح فيه الاقتصاد العالمي للتعافي من تبعات جائحة كوفيد-19، وأدت إلى ارتفاع لأسعار العديد من السلع الغذائية والصناعية ومواد الطاقة، ونتج عنها استمرار التحديات التي تواجه سلاسل الإمداد الدولية، بما يؤثر على مسارات النمو الاقتصادي العالمي المتوقع في عام 2022.

وتشير تقديرات المؤسسات الدولية إلى أن التطورات العالمية الراهنة سوف تؤدي إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي بما يتراوح بين 0.5 و01.0 نقطة مائوية، وإرتفاع معدل التضخم العالمي بما يٌقدر بنحو 02.5 إلى 03.0 نقطة مائوية في عام 2022.

كما أوضح الموجز أن الأثر الاقتصادي الأعمق لتلك التطورات يتأتى من الارتفاعات لأسعار السلع الأساسية والتحديات التي تواجه سلاسل الإمداد الدولية، مؤكدا أن الأثر مرشح للمزيد من الإرتفاع في ثلاث حالات تشمل طول أمد التطورات، واتساع نطاق العقوبات، وتأُثر إمدادات الغاز إلى أوروبا.

وبخصوص الاقتصادات العربية، بين الموجز أن التأثيرات واسعة النطاق للتطورات الراهنة على مستويات القوة الشرائية للمستهلكين في الدول العربية نتيجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وتأثر ملموس نسبيا على وجه الخصوص للمستهلكين في إحدى عشرة دولة عربية ينخفض بها متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي دون المتوسط العالمي.

كما كشف الموجز تباين تأثير التطورات العالمية الراهنة على معدلات النمو الاقتصادي للدول العربية بحسب هياكلها الاقتصادية، وففي حين من المتوقع ارتفاع معدلات نمو الدول العربية المصدرة للنفط في عام 2022 -التي تساهم بنحو 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية كمجموعة- كنتيجة لارتفاع كميات إنتاج النفط والغاز وأسعارهما في الأسواق الدولية حيث شهدت أسعار النفط ارتفاعاً بما يقرب من 40 في المائة خلال الربع الأول من العام، وسجلت أسعار الغاز إرتفاعا بنسبة 112 في المائة. 

وسوف تشهد الاقتصادات العربية المستوردة للنفط ضغوطات نتيجة للتطورات ستؤثر على توقعات معدلات النمو الاقتصادي الخاصة بها لهذا العام نتيجة الارتفاع المتوقع للعجوزات في الموازنات العامة وموازين المعاملات الجارية، ما سيضعف من قدرتها على توجيه المزيد من الإنفاق الداعم للنمو الاقتصادي.

بالإضافة إلى ما سبق، تطرق الموجز أيضا إلى تأثير التطورات الراهنة على مستويات التجارة الخارجية للدول العربية والاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفقات السياحة إلى المنطقة العربية، إضافة إلى تأثيراتها على أسواق الطاقة العالمية.

وفي ضوء ما سبق، وفي ظل نتائج التحليل الخاص بمدى تأُثر الاقتصادات العربية بالتداعيات الاقتصادية للتطورات العالمية الراهنة، يُمكن استخلاص بعض الدروس المستفادة والانعكاسات على صعيد السياسات وذلك على النحو التالي:

– تقوية المقدرات الوطنية لا سيما على صعيد تحقيق الاكتفاء الذاتي من أهم السلع الزراعية والصناعية، وفي هذا الإطار هناك دور مهم يُمكن أن تلعبه صناديق الثروة السيادية في تمويل هذه النوعية من المشاريع.

– مواصلة الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى زيادة مستويات المعروض من السلع والخدمات وإعادة الاعتبار للسياسات الهادفة إلى تقوية القطاعين الزراعي والصناعي.

– تنويع مصادر الإمدادات الخاصة بالواردات من السلع الأساسية، والاستفادة من فرص التكامل الاقتصادي العربي في تنفيذ مشاريع هادفة إلى تعزيز الأمن الغذائي.

– التوسع في استخدام العقود المستقبلية وعقود التحوط ضد مخاطر ارتفاع أسعار السلع الأساسية لتأمين الإمدادات الحيوية للدول العربية، وتعزيز المخزونات العربية من السلع الاستراتيجية.

– تبني آليات التحول نحو الإنتاج والاستهلاك المسؤول الذي يُعد واحدا من أكثر أهداف التنمية المستدامة أهمية بالنسبة للدول النامية على وجه الخصوص، وتبني سياسات للتقليل من مستويات هدر الغذاء عبر كامل حلقات الإنتاج والتوريد والإستهلاك.

– تقوية شبكات الأمان الاجتماعي بالاستفادة من الوفورات المحققة من برامج الانضباط المالي لحماية الفئات الهشة والأسر محدودة الدخل خاصة في أوقات الأزمات، وتبني إصلاحات من شأنها تعزيز الاستهداف الدقيق للمستحقين للدعم.

– تبني رؤى وطنية للاستفادة من الفرص التي يتيحها توجه أوروبا نحو تنويع مصادر الإمدادات من الطاقة في المدى المتوسط من خلال الاستثمار في مشاريع النفط والغاز والتفاوض مع الدول الأوروبية لإبرام عقود طويلة المدى لتأمين إمدادات الطاقة.

– الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لعدد من الدول العربية لاسيما مصر والسعودية والإمارات لتطوير شبكة من سلاسل الإمداد الإقليمية وإنشاء مدن لوجستية داعمة للتجارة الدولية.

– تبني نظم للإنذار المبكر ورصد أوجه الهشاشة الاقتصادية والمالية، والتركيز على الإصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى دعم المرونة الاقتصادية وتوسيع حيز السياسات بما يُمكن الدول العربية من مواجهة الصدمات الاقتصادية.

– الاستمرار في الاستفادة من أدوات السياسة النقدية غير التقليدية لدعم النمو الاقتصادي والتشغيل وتوفير الضمانات الملائمة لتشجيع نفاذ الأفراد والشركات إلى التمويل.

– مواصلة إصلاحات المالية العامة الهادفة إلى تعزيز الاستدامة المالية وتحقيق وفورات مالية من شأنها توسيع حيز السياسات المالي بما يُمكن من اللجوء إليها في أوقات الأزمات الاقتصادية.

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو