لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.. قضايا المناخ تُعيد رسم الخريطة الائتمانية بالبنوك المصرية

بنوك عربية

تتبنى البنوك المصرية خططا طموحة لدعم وتمويل التنمية والعمل المناخي لتعزيز تحقيق أهداف التنمية المستدامة  .

وتعلق البنوك آمالا كثيرة على مؤتمر المناخ COP27 الذي انطلقت فعالياته منذ يومين بمدينة شرم الشيخ تحت عنوان “لحظة فارقة” والذي يعد أكبر قمة دولية في مجال التغيرات المناخية.

وأكد مصرفيون على المشاركة الإيجابية للبنوك المصرية في التمويل الأخضر ومراعاة الأثر البيئي لتمويل المشروعات البيئية مما ينعكس إيجابيا على الأداء المالي للبنك .

وتسعى البنوك لطرح منتجات صديقة للبيئة في توجه جديد لإعادة صياغة خططها التمويلية بما يتواكب مع الاحتياجات المناخية الراهنة .

وقال زكريا صلاح الخبير المصرفى المصري في تصريحات لـ”بنوك عربية” أن العالم وحكومات الدول يتطلعا إلى مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27، معلقين آمال عريضة على إيجاد حلول تخفف من التأثير السلبى للتغيرات المناخية حيث أصبحت المخاطر البيئية والمناخية كالفيضانات وبعض الظواهر الجوية مثل موجات الحر والبرد الشديدة، تشكل خطرًا على الدول على البنوك فيما يخص محافظها الائتمانية والاستثمارية على المدى الطويل.

وشدد على ضرورة أن يكون تقييم وفهم المخاطر المادية لتغير المناخ أحد أولويات وظيفة إدارة المخاطر بالبنوك حيث أصبحت مخاطر التغيرات المناخية نوع أخر من المخاطر التي يجب أن تحددها وتدرسها البنوك وأن يتم أخذ عنصر التأثير على البيئة عند إجراء الدراسات الائتمانية وإتخاذ القرار الائتمانى وكذلك تضمينها الى سيناريوهات إختبارات الضغوط وان تقوم البنوك ببناء قواعد بيانات تتعلق بكل ما يرتبط بعوامل التغيرات المناخية وتأثيراتها وتحديد القطاعات ذات التأثير البيئي والبحث عن أدوات التخفيف من المخاطر .

ونوه إلى قيام البنوك بتمويل مشروعات مثل الطاقة المتجددة ومشروعات تحلية المياه كتوجه للحفاظ على البيئة ، وقد أقر البنك المركزى المصرى فى هذا الصدد مبادرة لتمويل الطاقة المتجددة بسعر عائد منخفض ولمدد طويلة لتشجيع البنوك المصرية على التوجه إلى تمويل المشروعات صديقة للبيئة.

وأضاف : يقع على البنوك ضرورة التأكد من حصول المشروعات على موافقات الجهات المعنية بالحفاظ على البيئة قبل البت فى عمليات التمويل ويجب أن يتوافر بالبنوك فى المرحلة القادمة الأشخاص المؤهلين للقيام بالدراسات الخاصة بأثر البعد البيئى للتمويل وذلك لتوجيه التمويل إلى المشروعات صديقة البيئة .

وأشار إلى ضرورة توافر دراسة مدى التزام المشروع بالقوانين واللوائح المنظمة فى هذا الصدد والتوقعات لآثار المردود البيئى للمشاريع ونتائج واحتمالية وقوع ضرر على المجتمع وتدابير التخفيف من آثاره نتيجة إقامة هذه المشاريع وتقييم التأثيرات المتوقعة المباشرة وغير المباشرة على المدى القصير والمتوسط والطويل للمشروع على البيئة .

وتفعيلاً لدور البنوك المصرية فى التمويل المستدام والتحول نحو الاقتصاد الأخضر ومواجهة المخاطر البيئية والاجتماعية وبهدف المساهمة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة أصدر البنك المركزى المصري خلال الأسبوع الماضي تعليمات مُلزمة للبنوك فى هذا الشأن.

وقد تركزت فى عدة نقاط أساسية منها إنشاء إدارة مستقلة للاستدامة والتمويل المُستدام بكل بنك، وتضمين السياسات الائتمانية والاستثمارية للبنك بسياسات وإجراءات تنفيذية خاصة بالتمويل المُستدام وتوجيههم نحو الاستعانة باستشارى بيئى لتقييم مشاريع الشركات الكبرى المُزمع تمويلها من المنظور البيئى، ووضع مسؤوليةعلى مجلس إدارة البنك فى متابعة تنفيذ هذه السياسات كجزء من مسئولياته وموافاة البنك المركزى المصرى بتقارير دورية فى هذا الشأن.

وإعتبر الجندي أن هذه التعليمات ستساعد فى تعبئة المدخرات كأحد أهم مصادر تمويل التنمية الاقتصادية إضافة إلى زيادة الاستثمار الاجنبى المباشر وجذب شريحة جديدة من المستثمرين المهتمين بالقطاعات التى تُعزز مبادئ التنمية المستدامة.

وقال المصدر ذاته إن ترسيخ ثقافة الاستدامة فى المؤسات المالية ومجتمع الاعمال من شأنه أن يؤدى إلى استقرار معدلات النمو الاقتصادى مع الأخذ فى الاعتبار القضايا البيئية والإجتماعية وليس من شك فى أن ربط أعمال البنوك بالتنمية المستدامة سيؤدى الى التاثير الايجابى على بيئة الأعمال ككل لأنهم فى كل الاحوال سيقومون بتقييم جدوى عمليات التمويل من ناحية التنمة المستدامة والتأثير على البيئة قبل إتخاذ القرارات التمويلية التى تمثل شريان الحياة لمجتمعات اللأعمال.

وإعتبر أن السندات الخضراء حلا ماليا للاستثمارات الخاصة بالتنمية المستدامة حيث تستهدف مصر فى رؤيتها زيادة نسبة المشروعات الخضراء فى الموازنة الاستثمارية إلى نحو 30 في المائة؜ فى الاجل القصير .

ويذكر أن معظم البنوك المصرية استعرضت أمس أهم مساهماتها في مشروعات المناخ على سبيل المثال بنك المصرف المتحد الذي استعرض أهم مساهماته في المشروعات الخضراء والصديقة للبيئة، وذلك على هامش استضافة مصر مؤتمر المناخ Cop27.

وأصدر البنك الأهلي الكويتي- مصر تقرير البصمة الكربونية بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ويشمل هذا التقرير تفاصيل البصمة الكربونية الناتجة عن أنشطة البنك في المقر الرئيسي من حيث تقييم إنبعاثات غازات الإحتباس الحراري مثل استهلاك الكهرباء -المياه-الوقود-النفايات، وذلك فى إطار استراتيجية الدولة وتوجهات البنك المركزى المصري لتحقيق التنمية المستدامة والتحول لتطبيقات الإقتصاد الأخضر.

وفي السياق ذاته قال محمد الشوربجي الخبير المصرفي المصري في تصريحات لـ”بنوك عربية” أن مصر قامت بإطلاق سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار أمريكي، مما جعلها أول دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إصدار هذا النوع من السندات، وذلك لتمويل مشروعات خضراء صديقة للبيئة، وتحقيق خطة التنمية المستدامة في مجالات النقل النظيف والطاقة المتجددة والحد من التلوث والسيطرة عليه والتكيف مع تغير المناخ ورفع كفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي. 

وأوضح الشوربجي أن الوقت الراهن يشهد إتجاه البنوك إلى الدخول في سوق السندات الخضراء بعد ما لاقت نجاحا كبيرا خلال الفترة الماضية. وطرح البنك التجاري الدولي سندات دولية بقيمة 100 مليار جنيه مصري بنهاية يونيو الماضي في صورة سندات لأجل خمس سنوات ذات عائد ثابت وغير قابلة للاسترداد.

ومن المقرر أن تستخدم عائدات الإصدار في تمويل محفظة من القروض الخضراء التي يقدمها البنك التجاري الدولي CIB مصر لعملائه من المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تمويل المصروفات الرأسمالية الخاصة بالمباني الخضراء التابعة للبنك، وبنسبة تصل إلى 20 في المائة من إجمالي العائدات.

وبحسب الشوربجي  قامت بعض البنوك المصرية  بتقديم عروض تمويل خاصة للسيارات الصديقة للبيئة، سواء كانت كهربائية بالكامل أو هجينة، إذ أظهرت مواقع بنوك عدة عروضاً خاصة بمختلف أنواع السيارات الصديقة للبيئة، تتضمن موافقات سريعة وعروض فائدة تفضيلية مقارنة بالسيارات التقليدية.

وذكر أن مصر تعمل بخطوات كبيرة بملف الطاقة النظيفة بحسب الرؤية المصرية الواضحة حول امتلاك خطة طموحة للتوسع في الطاقة الخضراء والبعد عن الملوثات البيئية، حيث يدرس حاليا صندوق مصر السيادى فكرة “إصدار سندات خضراء جديدة” خلال الفترة المقبلة .

وإعتبر إن السندات الخضراء أصبحت إنجاز كبير يُحسب للحكومة التى ستمول من خلالها كل المشروعات الخضراء مقابل 750 مليون دولار أمريكي تم طرحها فعليًا بالخارج على أن تمول بها مشروعات خضراء داخل مصر وذلك وفقًا للرؤية المصرية للتحول للطاقة الخضراء كجزء من الاستراتيجية المصرية الوطنية 2050 ما يعنى العمل المستمر لإستهداف الوصول لنحو 42 في المائة من طاقتها خضراء من الطاقة المتجددة  بحلول 2035، ثم 60 في المائة عام 2050 على أن يتم التخلص من الوقود الإحفورى والفحم خلال الأعوام الـ10 القادمة .

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو