بنوك عربية تُجيب: رفع سعر الفائدة 03 %.. ما مدى تأثيره على الأفراد والشركات وأدوات الدين وسعر الصرف بمصر ؟

بنوك عربية

في مواجهة حاسمة لإحتواء الضغوط التضخمية قرر البنك المركزي المصري رفع الفائدة بنحو 300 نقطة مائوية دفعة واحدة خلال الإجتماع الأخير في 2022 للجنة السياسات النقدية وسط ترقبات بحدوث ركود يتبع ذلك القرار .

ويؤدي رفع أسعار الفائدة أن يصبح الإقتراض أكثر تكلفة مما يعني إرتفاع تكاليف الفائدة القروض الإستهلاكية وقروض الشركات سواء الشركات الكبرى أو الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر لاسيما بعد توقف المبادرات التمويلية التي كان يتبناها البنك المركزي المصري قبل ذلك لتلك القطاعات الإقتصادية الحيوية.

ورفعت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصري، الخميس الماضي الموافق لـ 22 ديسمبر الجاري، أسعار الفائدة بأكبر وتيرة منذ نوفمبر 2016 وذلك بنسبة 03.0  في المائة خلال اجتماعها الأخير فى عام 2022، لتصل إلى 16.25  في المائة للإيداع و  17.25  في المائة للإقراض.

وكانت مصر قد زادت أسعار الفائدة بوتيرة قياسية بواقع 300 نقطة أساس يأتي هذا القرار في أعقاب إعلان البنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي منتصف ديسمبر الجاري، زيادة سعر الفائدة 50 نقطة أساس، لتصل إلى نطاق بين 04.25  في المائة و04.5  في المائة لتبادر 04  بنوك مركزية خليجية برفع أسعار الفائدة شملت مصرف الإمارات العربية المُتحدة المركزي، والبنك المركزي السعودي”ساما”، ومصرف قطر المركزي، ومصرف البحرين المركزي . 

وتشهد الفترة الراهنة إجتماعات مكثفة في أروقة القطاع المصرفي المصري عبر لجان “الأليكو” لبحث رفع الفائدة على الأوعية الإادخارية والمنتجات التمويلية لمواكبة تغيرات السوق المحلي .

وقال محمد الشوربجي الخبير المصرفي المصري في تصريحات لـ “بنوك عربية” أن إجتماع البنك المركزي المصري يكتسح أهمية كبرى  خلال هذا التوقيت لاسيما وأنه الأول بعد موافقة صندوق النقد الدولي على قرض لصالح مصر بقيمة 3 مليار دولار أمريكي ما يسمح لمصر الحصول على تمويل إضافي بقيمة 14 مليار دولار أمريكي من مؤسسات التمويل الدولية وشركاء التنمية، لدعم الإصلاحات الاقتصادية، وسد عجز الموازنة، وإصلاح الميزان التجاري.

وأوضح أن قرار الفائدة يعد أحد أدوات السياسة النقدية لامتصاص الضغوط التضخمية بعد ما ارتفع معدل التضخم الأساسي خلال شهر نوفمبر الماضي إلى  21.5 في المائة وفق بيانات البنك المركزي المصري، فيما ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن إلى 18.7  في المائة حسب بيانات المركزي للإحصاء.

وأوضح الشوربجي أن قرار البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة بنحو 03.0 في المائة ينعكس بشكل متباين على قطاعات الإقتصاد المصري، وسط مروره بالعديد من الأزمات الخارجية والداخلي.حيث أن رفع الفائدة سيحافظ على أموال المودعين من شبح التضخم الذي سجل  21.5 في المائة ، فيما سيكون له آثار سلبية بعيدة المدى على الموازنة العامة للدولة.

وذكر أنه بالرغم من الأثر الإيجابي الذي يسعى البنك المركزي المصري إلى تحقيقه من رفع الفائدة للحفاظ على أموال المواطنين من موجة التضخم الكبيرة إلا أن أثره سيكون سلبيا على الموازنة العامة للدولة .

وبحسب تصريح سابق محمد معيط وزير المالية المصري فإن كل رفع لأسعار الفائدة 01.0 في المائة يكلف الدولة حوالي 32 مليار جنيه مصري تتمثل في أعباء الدين ما يؤدي لزيادة تكلفة الفائدة في الموازنة العامة والتأثير على عجز الموازنة.

وأشار الشوربجي إلى أن الأثر السلبى لرفع سعر الفائدة يمتد إلى الشركات التي تقوم بالإقتراض، حيث سترفع من تكلفة الإقراض للمشاريع، والتقسيط في مجالات مختلفة مثل السيارات، ومن ثم سيتجه الأشخاص أو الشركات إلى الإنتظار لحين خفض سعر الفائدة، حيث أن إرتفاع الفائدة مع عدم وجود إستقرار في الأسعار بالأسواق المصرية، سيؤثر على المشاريع، ومن ثم يجب حل الأزمة الأساسية لتسير الأمور بشكل صحيح لأن ذلك هو الهدف الأساسي.

ولفت إلى أن تأثير رفع سعر الفائدة سيكون على الكثير من حائزي العملة الدولارية ، لأنهم سيتنازلون عن مخزونهم من الدولار الأمريكي، لأخذ الجنيه المصري للحصول على الشهادات بالجنيه المصري.

وعلى ذلك فإن رفع سعر الفائدة خلال هذه المرحلة يساهم في تحقيق الإستقرار النقدي داخل الجهاز المصرفي وسحب السيولة من الأسواق والتي تعد أحد أسباب إرتفاعات الأسعار.

وإستند الشوربجي على أن الحالة الحالية للاقتصاد المصري، سيكون الأفضل لها أن يتم إستخدام ألية رفع الفائدة ، نظرًا لأن المودعين يحصلون على فوائد بالسالب في ظل معدل تضخم وصل إلى 21.5  في المائة  في حين أن أعلى فائدة في مصر تُقدر بنحو  17.5 في المائة وهو ما يعنى أنه يجب منح المُودعين فائدة أعلى من الحالية لتعويضهم عن تأكل قيمة الأموال.

ووفقا للشوربجي سيساهم رفع سعر الفائدة في الحفاظ على إستقرار سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري بنسبة كبيرة، وكذلك القضاء على السوق الموازية التي تتجه إليها الأموال لشراء العملة الخضراء بهدف تحقيق مكاسب منها .

وعلى ذلك يتعين رفع سعر الفائدة على عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة “الكوريدور”، وطرح وعاء ادخاري بسعر فائدة مرتفع يشترط فيه أن يكون جاذبا للسيولة بالسوق ومحفزا على التخلص من الدولار وجاذب لمستحوذيه في سبيل الحصول على سعر الفائدة المقدم على الجنيه المصري، بتقديم سعر فائدة مغر، وأن يكون هذا القرار ضمن أولويات البنك المركزي المصري بحسب الشوربجي .

وأشار نفس المصدر إلى قيام  البنك المركزى المصري بالإفراج عن ماقيمته 5 مليار من البضائع الموجودة بالميناء حيث يتعين على البنك المركزي المصري إنهاء  أزمة البضائع المكدسة بالموانئ، جنبا إلى جنب مع القرارات سالفة الذكر، حيث أن هذه الخطوات من شأنها تحفيز مخاوف الاحتفاظ بالدولار الأمريكي لأنها ستدفع قيمة الدولار الأمريكي إلى الإنخفاض بالأسواق الموازية، وهذا من شأنه دفع مكتنزي الدولار الأمريكي إلى التخلص منه، وتتراجع ظاهرة الدولرة، لأنه في لحظة التخلص من بضائع الموانئ سيبدأ عدد كبير من التخلص من السيولة الدولارية.

وألمح إلى أن رفع سعر الفائدة ينعكس على وضع الحكومة في الاقتراض، لأنها ستقترض بأسعار أعلى وهذا قد يقلل من تدفق الأموال الساخنة إلى  الخارج .

وبرهن ذات المصدر على ذلك بأنه في  الفترة الأخيرة خرجت بعض الأموال الساخنة التي لها رصيد من النقد الأجنبي أودعته لدى البنوك المصرية، وحصلت على المقابل بالجنيه المصري لشراء أذونات وسندات الخزانة، التي تستفيد من أسعار الفائدة العالية، وبالطبع وجود هذه الأموال الساخنة يساعد في استقرار سعر الصرف إلى جانب عوامل أخرى كثيرة.

ورأى الشوربجي أن رفع سعر الفائدة سينعكس على رفع الحكومة سعر الفائدة على أذونات الخزانة بشكل تلقائي، الأمر الذي يؤدي إلى إيقاف التدفقات في الأموال الساخنة إلى الخارج، وهذا يساعد على استقرار قيمة الجنيه المصري.

وتابع : بشكل عام فإن قرار رفع سعر الفائدة  تفوق إيجابياته، التداعيات السلبية التي يخلفها، وكان من المهم أتخاذه.

وفسر الشوربجي ارتفاع أسعار الفائدة 03.0 في المائة بأنه سيساهم في زيادة أعباء الموازنة وزيادة حجم الدين العام، لا سيما على الموازنة العامة للدولة التي تحملت زيادات كبيرة بسبب جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية من ارتفاع تكلفة شراء الإحتياجات  الأساسية وزيادة الأجور ومخصصات برامج الحماية الاجتماعية.

 وشدد على أن قرار الرفع يتطلب ضرورة استغلال الحكومة المصرية لقرض صندوق النقد الدولي وتوجيهها نحو إنشاء مشروعات تنموية لرفع معدل الإنتاج، وزيادة الأرباح، لسد العجز في ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة وتحقيق الاكتفاء الذاتي المحلي، ومن ثم تراجع معدلات التضخم.

وفي السياق ذاته، قال رمزي الجرم الخبير المصرفي المصري في تصريحات لـ “بنوك عربية” أن تَبني لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، لرفع الفائدة على الإيداع والإقراض بواقع 300 نقطة لليلة واحدة، يأتي على خلفية الإتجاه نحو سحب الكتلة النقدية الزائدة بالأسواق لمواجهة مُعدلات التضخم المُرتفعة، فضلا عن التخلص من الدولرة التي تسارعت وتيرتها بشكل غير مسبوق، خلال الاشهر القليلة الماضية.

 وأوضح أن  المضاربة تمثلت من جانب طائفة عريضة من المجتمع المصري على الذهب والعملات الأجنبية، وبشكل خاص الدولار الأمريكي والريال السعودي، وخوفاً من دولرة الإقتصاد، جاء قرار اللجنة المُشار إليها، لكي تَحد من هذا التوجه، من أجل حث القطاع العائلي والشركات والكيانات الاقتصادية نحو التخلص من الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية الأخرى، وكذا عدم المضاربة في أسواق الذهب، والسعي نحو إيداع المُدخرات في البنوك، سعياً وراء العائد الدائن المرتفع، والذي سيتجاوز معدل 20 في المائة على آجال مختلفة.

 وعلى جانب آخر،  يرى الجرم أن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، سيؤدي إلى ارتفاع كُلفة الإئتمان بشكل غير مسبوق، فمن المتوقع أن يصل إلى نحو 30  في المائة بالمصروفات وعمولة أعلى رصيد مدين، مما سيقل معه الطلب على الإقتراض من جانب الشركات والكيانات الاقتصادية والأفراد أيضاً.

وفسر ذلك بأن هذه التأثيرات  سَتلقي بظلالها على عدم انشاء خطوط إنتاج جديدة أو تطوير القائم منها، بل سوف يصل الأمر، إلى ظهور حالة من حالات من الإفلاس والتصفية لكثير من المشروعات القائمة، مما سيؤدي إلى زيادة تكلفة السلع المنتجة، وبالتالي زيادة اسعارها، مما يعزز زيادة مُعدلات التضخم بشكل أكبر، وزيادة معدل البطالة، وفي ظل إنخفاض معدلات النمو الإقتصادي، الذي تزامن مع عدم وجود تطوير او أنشاء خطوط إنتاج جديدة، سوف يدخل الإقتصاد في حالة شديدة من حالات الركود التضخمي طويل الأمد.

وذكر  أن هذا القرار، سوف يكون له تداعيات سلبية خطيرة على المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، والتي يُعول عليها في إحداث تنمية إقتصادية وإجتماعية مُستدامة خلال الفترة القليلة القادمة، وتشجيع القطاع الخاص الصناعي من مُنطلق عدم توفير الإئتمان اللازم والرخيص لمثل تلك النوعية من المشاريع، خصوصاً بعد توقف المبادرات التمويلية التي كان يتبناها البنك المركزي المصري قبل ذلك لتلك القطاعات الاقتصادية الهامة.

وذكر أن ذلك  سيترتب عليه انخفاض ملحوظ في مستويات التشغيل، وبالتالي تسريح الكثير من العمالة، فضلا عن زيادة أسعار السلع المنتجة سواء السلع النهائية او الوسيطة اللازمة كمستلزمات إنتاج لصناعات أخرى، مما سيؤدي إلى إنخفاض الأهمية النسبية للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في مكونات الناتح المحلي الإجمالي.

وأكد ذات المصدر أن الإتجاه لرفع أسعار الفائدة بهذا المعدل، ربما لا يساهم في سحب كُتل نقدية زائدة في الأسواق، من أجل التاثير على جانب الطلب، للحد من التضخم الذي كسر حاجز 21.5  في المائة في سابقة لم تحدث منذ عام 2017، على خلفية أن التضخم الذي يواجهه الإقتصاد المصري، من نوعية التضخم الناتح عن زيادة تكلفة إنتاج السلع، وزيادة اسعار السلع المستوردة المُحملة بمعدلات التضخم في دولة المنشأ.

وأفاد المصدر ذاته أن الأصل في مواجهة معدلات التضخم المرتفعة الحالية، لا يكون بالتاثير على جانب الطلب من خلال رفع أسعار الفائدة، ولكن يكون من خلال تخفيض تكاليف إنتاج السلع، وتقليل حجم السلع المستوردة، وتخفيض او إلغاء بعض الضرائب المفروضة على الإستهلاك وزيادة الدعم لبعض السلع الغذائية الأساسية، من أجل انخفاض المستوى العام للأسعار، وبالتالي تراجع معدلات التضخم.

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو