السودان.. السياسة النقدية تُظهر مؤشرات تفاؤل

بنوك عربية

أظهرت السياسات النقدية الجديدة في السودان للعام الجاري 2023 مؤشرات بدت أكثر تفاؤلاً، متجاوزة بذلك سقف المعطيات الإقتصادية الراهنة بالبلاد، أبرزها إستهداف التضخم بنسبة 25 في المائة مقارنة بآخر نسبة حققها في نوفمبر 2022/ تشرين الأول الماضي التي بلغت 102,6 في المائة.

وإستهدف معدل نمو في القاعدة النقدية بمعدل 27 في المائة، بأعلى مما هو مستهدف في العام الماضي 2022، الذي سجل نسبة 13 في المائة بمعدل 22 في المائة في نهاية العام، وإحتياطي نقدي لدى بنك السودان المركزي في حدود الـ 20 في المائة.

وبين عثمان التوم المدير العام للبنك السوداني الفرنسي أن أبرز وأحدث ما تضمنته السياسة هو إلزام البنك المركزي السوداني للمصارف بالتحول في تعاملاتها ومعاملاتها من الرقابة المبنية على الالتزام إلى تبني الرقابة المبنية على المخاطر.

وأكد أن نسب ومؤشرات السياسة النقدية الجديدة بالإيجابية وعدم تخطيها خانة العشرينيات، بخفض معدل التضخم إلى 25 في المائة ونمو عرض النقود بمعدل 28 في المائة ونمو القاعدة النقدية بمعدل 27 في المائة، لافتاً إلى أن تحقيق هذه النسب يعتبر تحدياً كبيراً أمام بنك السودان المركزي ووزارة المالية السودانية لإصلاح حال الاقتصاد.

ولفت التوم أن بنك سودان المركزي وجه البنوك السودانية بالإلتزام بالتطور التقني وإجراء المعاملات المصرفية تقنياً تسهيلاً للمواطنين الذين يقطنون بمناطق بعيدة ليس بها فروع مصرفية، بجانب إلزام البنك المركزي للمصارف بتخصيص نسبة 12 في المائة من محافظها للتمويل الأصغر، وترك الحرية للمصارف لتحديد هوامش مرابحاتها وتعرفتها المصرفية ورسوم خدماتها ككل.

ويُذكر أن بنك السودان المركزي قد أصدر توجيهات مكتوبة في العشرين من ديسمبر بحماية المصارف من مخاطر السوق وتطبيق الرقابة المبنية على المخاطر، خاصة عقب الأزمات التي يعانيها الاقتصاد السوداني والمضاربات في سعر الصرف.

وتستهدف السياسة النقدية للعام الجاري 2023 إستقامة مرونة سعر الصرف والإستمرار في توحيد سوق النقد الأجنبي، وعمليات السوق المفتوحة ومبادلة وبيع وشراء النقد الأجنبي، وتحقيق الإستقرار النقدي وإستقرار المستوى العام للأسعار والمساهمة في الإستقرار المالي وتعزيز الشمول المالي وتشجيع التمويل الأخضر.

ولفت التوم إلى جملة من التحديات رأى أنها تجابه تنفيذ السياسة النقدية، أبرزها كيفية التوأمة والتناغم مع السياسة المالية، وترشيد الصرف الحكومي، وتشجيع الصادر وضبطه، والالتزام بتوريد الحصائل في مواعيدها، وحسم ظواهر تأخيرها، لتوفير النقد الأجنبي ومراجعة سياسات الصادر ككل وإستيعاب المتغيرات الداخلية والخارجية .

وأوضحت السياسات للعام الثاني على التوالي لتطبيق خروج بنك السودان المركزي من المساهمة في رؤوس أموال المصارف وشركات ومؤسسات التمويل الأصغر.

ويُعد هذا البند من أهم البنود التي ضمنت في سياسات بنك السودان المركزي في العام الماضي 2022 بإعلانه تقليص تمويله للحكومة، والإنهاء المتدرج لمساهمته في رساميل (10) مصارف، كان يتدخل في تمويلها لإنهاء تعثرها المالي؛ مما اضطرها لتحويله لمساهم في رأس المال لعجزها عن سداد التغطية المالية لها من قبل بنك السودان المركزي، إلا أن بنك السودان المركزي لم ينفذ هذا البند طوال العام 2022، وقام بترحيله لـ2023.

وأكد التوم أن مهمة بنك السودان المركزي رقابية إشرافية، وليس المساهمة في رساميل المصارف.

وطالبت السياسات الجديدة المصارف بتفعيل وتقوية أنظمة الحوكمة والضبط الداخلي وإدارات المخاطر والالتزام والمراجعة الداخلية للمصارف، وتعزيز مكافحة غسيل الأموال وتطبيق التدابير الوقائية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وإستخدام أنظمة فعالة في المكافحة.

وأوضح هيثم محمد فتحي المحلل الاقتصادي أن مسؤولية بنك السودان المركزي عن إصدار السياسة النقدية في البلاد التي من أهم أهدافها تطبيق سعر صرف مرن ومستقر وبناء الإحتياطات من النقد الأجنبي وإدارة الإحتياطات بما يساعد على إستقرار سوق النقد الأجنبي.

كما إستبعد إمكانية نجاح السياسات الجديدة له للعام الحالي 2023 في تحقيق الأرقام والنسب المستهدفة أو حدوث إستقرار إقتصادي أو إستقرار في معدل الأسعار بناء على ما ذكر من أرقام.

كما دعا لأهمية تحقيق إستقلالية بنك السودان المركزي، وإيقاف الإستدانة من بنك السودان المركزي لصالح تمويل عجز الموازنة لآثارها المدمرة للإقتصاد بإعتبار إنعكاسها على إرتفاع الأسعار ومعدل التضخم وإنهيار القيمة الشرائية للجنيه السوداني.

ولفت فتحي إلى أن السياسة النقدية الحالية تواجه تحدياً يتمثل في انخفاض المعروض من النقد الأجنبي وارتفاع الطلب عليه، مع عدم مرونة الإنفاق الحكومي بالانخفاض لمستوى يتناسب مع انخفاض الايرادات من العملة الأجنبية.

وبين ضرورة إتباع الإجراءات الأمنية للحد من إرتفاع أسعار العملات الأجنبية، ولكنها يجب أن تكون مكملة للمعالجة الصحيحة التي تعتمد على سياسات محفزة وتشجيعية يمكن أن تساعد في جذب النقد الأجنبي بصورة أساسية.

وبين وجود إستراتيجية مهمة في السياسة النقدية تتمثل في تحفيز المصارف للتوجه نحو السوق وتوفير الائتمان والتمويل المصرفي الذي تفتضيه حالة إستهداف الناتج المحلي الإجمالي والتصدي لأوجه البطالة والركود الاقتصادي.

وهو يقتضي رفع العمق المالي للبلاد مع الإستمرار في التصدي للتضخم وإستهدافه عبر الإشارات السعرية التي يعتمدها بنك السودان المركزي في إستهداف التضخم، وتحقيق إطار موحد من الإستقرار والنمو الإقتصادي المرغوبين.

ولفت إلى أن السياسات الجديدة تطمح لتحقيق التوازن بين النمو والتضخم، وذلك من خلال السياسة النقدية التقييدية، مؤكداً عدم وضوحها فيما يلي تطوير التقنية والمنتجات المصرفية التي تعتمد على نظم الدفع الإلكترونية.

وأضاف: “ليس هناك برامج واضحة لتعزيز الثقة في نظم الدفع الإلكترونية، ولا في مجال إستخدام البطاقات العالمية والتواصل مع البنوك والمؤسسات العالمية المصدرة لها، وإدخال النظام المصرفي بالمنظومة العالمية، وربطه بها بعد إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب .

وحظر بنك السودان المركزي على المصارف تمويل المتاجرة في العملات الأجنبية وشراء الأسهم المالية وسداد عمليات تمويلية قائمة و متعثرة، بالإضافة لمنع المتاجرة في رصيد الإتصالات وإستخداماته، وشراء العقارات والأراضي عدا المسموح بها وفق الضوابط المنظمة، وشراء الذهب ومخالفاته.

منشورات ذات علاقة

الوطني العُماني يطلق “أنفق واربح” لحاملي “بديل”

العز الإسلامي العماني يدشن خدمة تمويل السيارات دون رهن

بنك مسقط يفوز بجائزة تجربة الزبائن في الشرق الأوسط