المركز الليبي للدراسات يعلق على بيان الإيرادات والنفقات للمركزي

بنوك عربية

طرح المركز الليبي للدراسات ورسم السياسات تقريره، حول بيان الإيرادات والنفقات لمصرف ليبيا المركزي الذي يغطي الفترة الممتدة من 01 يناير 2023 إلى 31 مارس 2023، الذي يستعرض أوجه الإيرادات والنفقات المختلفة وما يتعلق بها من إيضاحات تخص الإنفاق بالدولار الأمريكي.

وأكد أنه رغم التفصيل في بعض البيانات إلا أن غموضا اعترى بيان المصرف المركزي وهو غموض صاحب تقاريره ولم يستدرك عليه رغم مطالبة أهل الاختصاص والمهتمين بالشأن الاقتصادي والمالي بمعالجتها (أنظر الجدول بالأسفل). .

وأوضح التقرير بأن الإيرادات كما وردت في البيان بلغ إيراد مبيعات النقط خلال الربع الأول من العام الجاري 143 مليار دينار، وذلك من إجمالي الإيرادات التي بلغت 26 مليار دينار أي ما يعادل 3 مليار دولار أمريكي تقريبا وفق سعر الصرف الحالي الذي هو في حدود 47 دينار للدولار.

إذ لم تظهر المعلومات الإضافية الملحقة ببيان المصرف المركزي سبب تدني عوائد النفط الذي بلغ مستوى إنتاجه 12 مليون برميل في اليوم بسعر 80 دولارا للبرميل، ومع استقطاع الكميات المستهلكة محليا ومخصصات المؤسسة الوطنية للنفط التي تذهب للشركات العاملة في قطاع النقط الليبي فإن إيراد مبيعات النفط يمكن أن يتجاوز 5 مليار دولار أي ما يعادل 23 مليار دينار خلال الربع الأول من العام الجاري، وفق المصدر ذاته.

بالإضافة إلى الرقم الأكبر بين بنود الإيرادات هو بند إتاوات نفطية عن أعوام سابقة، وأثار هذا البند جدلا وكان محل تساؤل لدى عديد من المراقبين أولا من جهة أنه إيراد عن أعوام سابقة لم يكشف بيان المصرف المركزي عنها، وثانيا أنه تكرر خلال بيانات المركزي الليبي بفترات قريبة وبنفس القيم تقريبا، الأمر الذي ألقى بعض الغموض حول البند المشار إليه.

ثالثا أنه صنف كإيراد ضمن إيرادات الدولة خلال الربع الأول من العام، مع وجود بند إيرادات إتاوات تقطية تم تحصيلها خلال المدة، كما أن المصرف لم يصنفها كإيراد عن السنة في بيانه عن اثرادا وإنفاق الربع الأول من السنة الماضية، وأخذا بالقول الذي لا يعتبر بند أتاوات نفطية عن الأعوام سابقة.

وأيضاً الربع الأول من العام فإن ذلك أن هذه الفترة سجلت عجزا يزيد عن 2 مليار دينار وليس فاضا بلغ 8 مليار دينار ليبي، كما تشير بيانات المصرف المركزي. يظهر جدول بيان الإيرادات عن الربع الأول للعامين 2022 و 2023 أن إيراد الإتاوات عن الأعوام سابقة بلغ 114 مليار دينار، و103 مليار دينار على التوالي.

وهذا يعني أن إيرادات الإتاوات عن أعوام سابقة (لم تحددها بيانات المصرف) بلغت 217 مليار دينار، وهو رقم كبير كان من المفترض أن يفصل المصرف المركزي عن طبيعته تفصيلاً يزيل الغموض.

بالإضافة إلى إيرادات الضرائب البالغة 97 مليون دينار شهدت انخفاضاً كبيراً بالمقارنة مع بيانات العام الماضي البالغة 502 مليون دينار، ولم ترد إيضاحات بالخصوص عن سبب انخفاضها، وهي مسؤولية وزارة المالية بالحكومة التي ينتظر أن تصدر تقريراً عن أوجه الإيرادات والنفقات والتطور الذي يقع سلبا أو إيجابا في المقابل.

وشهدت رسوم الجمارك في الربع الأول من هذا العام زيادة بنحو الضعف عن السنة الماضية، ويؤخد على الضرائب والرسوم أنها ضعيفة جدا ولا تمثل إلا نسبة قليلة من الإيرادات العامة لا تتعدى في أحسن حالاتها 05.0 في المائة، وهو وضع يعكس الإختلال في الإقتصاد الليبي، ذلك أن الضرائب والرسوم تشكل عصب اقتصادات الدول حتى غير المتقدم منها.

أيضا تظهر مساهمة بند المحروقات البنزين والسولار في الإيرادات محدودة جدا رغم أنهما يستهلكان بكميات كبيرة لاعتبارات عدة أهمها الاعتماد عليهما كليا في حركة المواصلات العامة والخاصة وفي تشغيل المحطات وغيرها.

ويرجع ذلك إلى استمرار دعم المحروقات من قبل خزانة الدولة.

وبين التقرير بأن النفقات العامة تكشف تقارير المصرف المركزي ووزارة المالية أن منحنى الإنفاق العام في صعود مستمر منذ عقود، إلا أنه شهد انعطافا حادا خلال العامين الماضيين، حيث سجلت فاتورة الإنفاق رقما غير مسبوق في تاريخ المالية العامة للدولة الليبية بين العامين 2021 و 2022، وهما 89 مليار دينار، و 107 مليار دينار.

ومن المتوقع أن يتجاوز الإنفاق العام خلال العام الجاري 130 مليار دينار، والأسباب تعود إلى الزيادة المستمرة في بنود المرتبات والدعم والتنمية، كما ارتفعت مصروفات الباب الأول (المرتبات) خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة اقتربت من 30 في المائة عما كانت عليه خلال العام الماضي (أنظر الجدول بالأسفل).

والأسباب تعود إلى تنفيذ قرارات الزيادة في مرتبات العاملين في بعض القطاعات الحكومية، وأيضا إلى سياسة توحيد المرتبات في الجهاز الحكومي، وبحسب مصادر مطلعة، أقرض المصرف المركزي الحكومة نحو 14 مليار دينار لسداد مرتبات الربع الأخير من السنة الماضية لتضاف إلى فاتورة المرتبات البالغة 47 مليار دينار مما يعني أن مصروفات الباب الأول نهاية العام قد تصل إلى 60 مليار دينار ليبي، وهي بحسب بعض التقديرات المتفائلة ستتجاوز 55 مليار دينار.

بالإضافةإلى الإنفاق التسييري سجل إرتفاعا العام الجاري قياسا بالعام الماضي، وهو بحسب تقارير ديوان المحاسبة وبعض التقييمات غير الرسمية مبالغ فيه خاصة وأن جل المصالح الحكومية تشكي من انخفاض مخصصاتها من إنفاقات التسيير الحكومي، ويشكل سوء الإدارة أهم أسباب الهدر في النفقات الحكومية التسييرية وعدم تفعية ما ينفق منها.

الباب الثالث (نفقات التنمية) بلغت 750 مليون دينار، وهذا البند يحتاج إلى تسليط ضوء وقدر أكبر من الإفصاح والشفافية من قبل الحكومة قبل المصرف المركزي، ذلك أن البيانات متضاربة وغامضة حول ما أنفق فعليا من مخصصات الإنفاق التنموي خلال العام 2202، ولأن الحكومة رصدت مخصصات للتنمية تصل إلى 17 مليار دينار ليبي للعام الجاري 2023، فإن ما تضمنه بيان المصرف المركزي للربع الأول من هذا العام يشكل نحو 04.0 في المائة مما خصصته الحكومة، ويقع جدل وخلاف بين المصرف والحكومة بخصوص نفقات التنمية ينتظر الحسم.

وكذلك مصروفات الباب الرابع (الدعم) بلغت 33 مليار دينار ليبي، حيث جاءت أقل مما كانت عليه العالم الماضي، ويشمل الدعم المحروقات والكهرباء والنظافة والإمداد الطبي، وهو بند لا يوجد إلا في بعض الاقتصادات النامية التي تحقق وفرة مالية في موازناتها، والإتجاه إلى إلغائها هو السائد حتى في الدول الغنية بالموارد الطبيعية ومجتمعها البشري صغير مثل دول الخليج، إلا أنه ظل عصيا على المعالجة في ليبيا.

وفي نهاية التقرير يتفق خبراء الاقتصاد والمالية العامة أن الميزانية العامة وإدارة الإيرادات والنفقات في ليبيا تعاني مشاكل باتت مستعصية وتأبى المعالجة، إذ لم يقع تطور في وضع الميزانيات العامة ولم تصحح الإختلالات الهيكلية في الاقتصاد والمالية العامة التي تنتج هذا الوضع المأزوم.

وحيث الاضطراب في الموارد المالية والفشل في تعظيمها مقابل ارتفاع مستمر في الإنفاق العام ارتفاعا يحول دون تحقيق فوائد كبيرة توجه لتطوير وتحسين البنية التحتية والقطاعات الخدمية الحيوية من تعليم وصحة ومرافق عامة وتطوير القطاعات الإنتاجية بهدف مضاعفة إسهامها في الناتج المحلي الإجمالي الذي لا يزال يشكل قطاع البتروكيماويات أكثر من 70 في المائة منه.

مع التأكيد على أن بعض الغموض المتعلق ببيان الإيرادات والنفقات العامة لا يتحمل مسؤوليته المصرف المركزي، وتكشف تصريحات للمركزي عن عدم إفصاح جهاز الإمداد الطبي عن كيفية تصرفه في مبلغ 150 مليون دولار أحالها المصرف للجهاز خلال الربع الأول من العام الجاري.

وليست هي المرة الأولى التي يخفق فيها الجهاز في تقديم بيانات عن أوجه صرف المبالغ المحالة إليها وأصناف الدواء التي وفرت كما ورد في ملاحظات عن تقارير سابقة للمصرف لكن ترد في بيانات المصرف المركزي معلومات تحتاج إلى إفصاح أكثر وشفافية أكبر، خاصة وأنها تتكرر لمرات عديدة وتواجه انتقادات.

بالإضافة أهل الاختصاص والمهتمين بالاقتصاد الليبي دون أن يكون لملاحظاتهم صدى لدى المصرف المركزي المعالجة تحتاج إلى تركيز على بندي الميزانية معا الإيرادات والمصروفات من خلال زيادة الأول عبر زيادة إنتاج النفط والغاز ثم توجيه جزء من عوائدها لصالح القطاعات الإنتاجية والخدمية التي تدر عائدا مجزيا، على أن يواكب ذلك تصحيح لبند النفقات من خلال إجراءات تعالج الاختلال الهيكلي في الاقتصاد.

إلى جانب مصروفات الباب الأول (المرتبات) تمثل أكثر من 60 في المائة من إجمالي الإنفاق العام، وهي نسبة لا تتكرر في الاقتصادات الأخرى إلا في عدد محدود جدا، وتعكس مدى الخلل في هيكل الاقتصاد وطبيعته،كما أن النسبة مرشحة للزيادة، ذلك أن القطاع العام هو الملجأ لكل الباحثين عن عمل خاصة وأن الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة العامة والخاصة، تقذف بعشرات الألوف كل عام من الباحثين عن عمل، يستوعب القطاع الخاص نسبة قليلة جدا منهم وبطرق جميعهم أبواب الوظيفة العامة.

منشورات ذات علاقة

صحار الدولي العماني يطلق مبادرة لإعفاء ديون بقيمة 2.1 مليون ريال

الخليج الكويتي يعين مديراً عاماً للخدمات المصرفية الشخصية ومديراً للدولية

بنك مسقط “أفضل بنك للخدمات المصرفية الخاصة” في عُمان