بنوك عربية: مثل قرار البنك المركزي المصري بالتحول لمستندات التحصيل في ديسمبر الماضي بارقة أمل بالسوق المصري للخروج من أزمة البضائع المكدسة بالموانئ المصرية المختلفة وتحقيق إنفراجة بالسوق وزيادة المعروض السلعي.
وتسبب قرار التحول الي الاعتمادات المستندية في حدوث أزمات عديدة تخص المصنعين، حتى قرر البنك المركزي نهاية ديسمبر الماضي عودة العمل بمستندات التحصيل لتنفيذ العمليات الاستيرادية ووقف التعامل والعمل بالاعتمادات المستندية.
وكان البنك المركزي المصري قد قرر في 13 فبراير 2022 ببدأ العمل بنظام الاعتمادات المستندية كبديل عن مستندات التحصيل في خطوه كان هدفها وقف نزيف خروج الدولار من البنوك علي قوة مستندات الاستيراد الواردة للبنوك لصالح العملاء المستوردين او عن طريق العملاء مباشرة ولكن مع تعيين حسن عبدالله قائما بأعمال البنك المركزي أقر البنك المركزي إلغاء قرار الاعتمادات المستندية والتحول إلى العمل بمستندات التحصيل اعتبارا من 31 ديسمبر 2022.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ساهم قرار التحول لمستندات التحصيل في تحقيق الأهداف المنشودة بعد مضي 6 أشهر من تطبيق القرار ؟ هذا مايجيب عنه موقع بنوك عربية في السطور التالية..
في البداية اعتبر ماجد فهمي الخبير المصرفي المصري في تصريحات لــ”بنوك عربية ” أن قرار العودة للعمل بمستندات التحصيل جاء للخروج من أزمة تراكم البضائع بالموانئ المصرية المختلفة وبالفعل ساهم القرار في إعادة عجلة الإنتاج إلي طبيعتها نسبيا مع شروط وضوابط تخص استيراد مستلزمات وخامات الإنتاج الضرورية للصناعة وأيضا شروط وقيود علي الاستيراد للبضائع تامة الصنع وحصرها علي السلع الأساسية والأمصال والأدوية , ولكن في الإجمال حدثت انفراجة كبيرة لتوافر السلع في الأسواق .
وذكر أن التعامل بمستندات التحصيل هو أسرع وأسهل وأقل تكلفة من نظام الاعتمادات المستندية خاصة وان معظم المعاملات التجارية حول العالم تتم الآن عبر مستندات التحصيل .
وألمح إلى أن قرار التحول للعمل بالاعتمادات المستندية تسبب في مشكلات عديدة بالنسبة للمصنعين الذين يعتمدون علي دوره إنتاج سريعة وتحتاج الي استيراد الخامات ومستلزمات الإنتاج وفق خطه سنوية يضعها المصنعين لضمان تدفق الخامات ومستلزمات الانتاج وفق خطط الانتاج والتصنيع والتي تم ارباكها بالقرار المفاجئ من البنك المركزي والذي تم اتخاذه دون التشاور مع المصنعين من خلال غرف الصناعة المختلفة .
وأشار إلى تضرر المستورديين التجاريين من القرار القديم حيث تعطلت حركة ودورة التجارة لديهم بسبب القرار وتراكمت شحنات البضائع بالموانئ سواء للمصنعيين أو التجار وحدثت أزمة تصنيع وأزمة توافر السلع بالأسواق .
وقال أن تبعات القرار القديم السلبية تمثلت في ارتفاع الاسعار مما تسبب في ارتفاع التضخم بموجات متصاعدة ، وكذلك التأثير علي الصادرات المصرية بسبب تباطؤ العمليات الانتاجية وبالتالي حرمان الدولة من مصادر دولارية هي في أمس الحاجة إليها.
وفي معرض الحديث عن الآثار السلبية التي تسبب فيها القرار القديم عدد عز الدين حسانين الخبير المصرفي المصري في تصريحات لــ”بنوك عربية “الآثار السلبية والتي انطوت على ارتفاع عمولات الاعتمادات المستندية مقارنه بعمولات مستندات التحصيل القليلة مما يسبب أعباء علي المستوردين بنظام الاعتمادات المستندية يتم تحميلها علي البضائع مما يساهم في رفع الاسعار بخلاف ما إذا كانت الاعتمادات المستندية مفتوحة بحدود ائتمانية من البنوك مما يتسبب في زيادات أكبر علي البضاعة.
وأشار إلى أن نقص البضائع الأساسية مثل الاعلاف والحبوب مما تسبب في ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن بالإضافة لغرامات التأخير عن السداد للمصدرين وفقدان الثقة في المستورد المحلي مما تسبب في زيادة كلفة البضائع، وكذلك الغرامات جمركية متمثلة في الأرضيات المرتبطة بالبضائع المتراكمة داخل الساحات الجمركية ويتم تحميلها علي تكلفة البضاعة وغرامات استغلال الحاويات لشركات الشحن ومستحقة بالدولار ويتم تحميلها علي تكلفة البضائع.
وبحسب حسانين فقد تباطؤ الانتاج والتشغيل في معظم الصناعات التي تعتمد علي مكون أجنبي مما تسبب في فقدان العديد من العمال لوظائفهم في هذه المصانع بسبب قرار الإعتمادات المستندية بالإضافة لغلق الكثير من المتاجر والمحلات التي تعتمد علي الاستيراد .
ونوه إلى التأثير علي الفنادق السياحية سلبا والتي تعتمد علي الكثير من تقديم خدمات الاكل والمشروبات من الخارج والتأثير علي النشاط الطبي ونقص الكثير من المستلزمات الطبيه وارتفاع أسعارها، والتأثير علي القطاع العقاري الذي يعتمد علي خامات مستوردة مع التأثير على الزراعة والإنتاج الحيواني التي تعتمد علي بعض الأسمدة والأعلاف المستوردة.
وقال أنه برغم ماتسبب فيه القرار من تجميد للعديد من الانشطة الاقتصادية , ولكن في المقابل ساهم القرار في بعض الايجابيات ومنها الحفاظ علي الاحتياطي النقدي الدولاري وقت أزمة تشهدها البلاد من نقص الموارد الدولاريه منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 .
وفي السياق ذاته قال وليد ناجي نائب رئيس مجلس إدارة البنك العقاري المصري العربي في تصريحات لـــ”بنوك عربية “أن النتائج العملية من إعادة العمل بنظام مستندات التحصيل تنطوي على إجراءات تخضع للسياسة المالية للحكومة وليس للسياسة النقدية للبنك المركزي المصري فقط .
وأضاف آليات عمليات الاستيراد والتصدير تكون من خلال عدة جهات معنية داخل الدولة ومنها وزارة المالية وزارة الاستثمار وزارة التموين والتجارة الداخلية والبنك المركزي المصري.
وذكر أنه بالرغم من إقرار حزمة إجراءات استثنائية لتيسير الإفراج عن الواردات، وتخفيف الأعباء عن المستثمرين والمستوردين على نحو يُسهم فى خفض أعباء وتكاليف الاستثمار والإنتاج، والتي من أهمها إعادة العمل مرة أخري بنظام مستندات التحصيل، فقد تفاقمت الأوضاع العالمية وزادت حدة الأزمات العالمية الطاحنة والتي بدورها أثرت علي كافة الأسواق الناشئة وكان منها انخفاض الاحتياجات من العملات الأجنبية والقدرة علي الوفاء بالالتزامات الاستيرادية نظرا للارتفاع الحاد في معدلات الأسعار والتكاليف الشحن و النولون وأسعار الطاقة .
ووفقا للمصدر ذاته فإن نظام مستندات التحصيل هي أن المستورد يدفع للمورد الأجنبي جزءا من قيمة الشحنة وعندما تصل الشحنة تصل المستندات الخاصة بها، ومن ثم يحول المستورد باقي قيمة الشحنة، بينما يتمثل الاعتماد المستندي، في فتح المستورد اعتمادا بكامل قيمة الشحنة المستوردة، وبالتالي فان تلك الألية تعمل تقليل الضغط على المستثمرين حيث يتم دفع جزء من قيمة الشحنة وبالتالي لم يدفع القيمة مقدما أو مرة واحدة.
وفي سياق متصل قال ناجي أن العمل بالاعتمادات المستندية يكون التعامل بين بنك المستورد وبنك المصدر، وتكون البنوك لاعباً أساسياً بالعملية، بينما في مستندات التحصيل يكون التعامل بين المستورد والمصدر بشكلٍ مباشر وبناءً على ثقة قديمة بينهما في التعامل، ويكون دور البنك وسيطاً فقط .
وقال أن الاعتمادات المستندية تتطلب مبالغ أكبر، وتستغرق العملية وقتاً أطول مقارنةً بمستندات التحصيل، مع الأخذ في الاعتبار إشكالية ضغوط الدولار ودعم الصناعة والاحتياجات الأساسية والإستراتيجية.
وعلي جانب اخر يستطرد ناجي : أن الاعتمادات المستندية تضفي مزيد من الحوكمة علي العملية الاستيرادية وتضبط سوق الاستيراد في مصر بشكل أكبر.
وقال أن العمل بنظام الاعتمادات المستندية خطوة كانت تهدف إلى وقف التدفقات الخارجة بالعملة الأجنبية وسط النقص الناجم عن الأزمة الروسية الأوكرانية و هروب الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة ، ولكن استمرار الأزمات العالمية الطاحنة والدورات الاقتصادية المصاحب لها مؤشرات سلبية عنيفة على مستوي العالم أجمع، جعلت العودة الي العمل بنظام مستندات التحصيل أمر لا مفر منه في ظل زيادة التكاليف علي كافة المستثمرين نظرا لاختناقات سلاسل الإمداد وأسعار الطاقة.
وأضاف أن مستندات التحصيل مسعي هام لمعالجة أزمة تراكم البضائع في الموانئ المصرية، فضلا عن الاستمرار في تفعيل التسجيل المسبق للشحنات لفرض مزيد من الإجراءات الرقابية لضمان جودة وأسعار السلع المستورد وفقا والمعايير العالمية.
وأشار إلى أنه من خلال الواقع العملي ونتائج مؤشرات الأسواق اتضح أن نظام مستندات التحصيل في ضوء التضخم الجامح والأزمات العنيفة المتمرة حتى الآن أنقذ مصر من نقص السلع ذات الإنتاج المحلي، ومن قطع سلاسل الإنتاج، كما أنه أنقذ الصناعة المحلية، فاستمرار الوضع القديم كان سيقود البلاد إلى مشكلة توقف المصانع لعدم توفر قطع الغيار لتشغيلها، ولا المواد الخام اللازمة لعمليات التصنيع.
ويأتي هذا فضلاً عن تراكم الاعتمادات في البنك، وعدم الإسراع في إنهائها لاستلام البضائع من الموانئ، وهو ما انعكس إيجابيا علي الإفراجات التي تمت للبضائع والمواد الخام وقطع الغيار بالموانئ المصرية مؤخرا والتي تستمر حاليا وخاصة فيما يخص السلع الاستراتيجية بحسب ناجي .
وشدد على ضرورة النظر بمزيد من الأولوية لعمليات الاستيراد بغرض التصنيع وعمل قيمة مضافة في الإنتاج وإعادة التصدير، وهو الهدف الرئيسي للنشاط الاقتصادي، الأمر الذي يعزز قرار عودة الاستيراد بشكله المعتاد يساعد في إعادة النشاط الاقتصادي في البلاد خلال الفترة المقبلة.
تابع : مع بداية تحسن المؤشرات الإقتصادية بشكل طفيف وفقا وما أعلنته الجهات الرسمية وتوافر حصائل دولارية الفترة القادمة، سيعمل نظام مستندات التحصيل على تحقيق مرونة أكبر في العمليات الاستيرادية والتصديرية أيضا وسيساهم في فك الاختناق للبضائع بالموانئ والعمل على تقليل أثار التضخم العنيفة التي تجتاح العالم، وتعزيز السيادة للأمن الغذائي.
ماالفرق بين الاعتماد المستندي ومستندات التحصيل :
يعرف الاعتماد المستندي ( Letter of Credit ) هو تعهد صادر من بنك المستورد بناء علي طلب المستورد يتعهد فيه البنك بدفع قيمه فاتوره بضاعه واردة من مصدر بالخارج ويوافق عليها المستورد , لابد من موافقه المشتري أو المستورد علي شروط الاعتماد وطريقه الدفع وفق اتفاقه مع المصدر بالخارج , والبنك الذي يصدر الاعتماد هو فقط وسيط لتداول المستندات والتاكد من صحتها وموافقه المستورد عليها ولا يتدخل البنك في البضاعه ولا جودتها , فالبنك فقط يتحقق من مستندات فقط .
والاعتمادات المستندية إما أن تكون قابلة للإلغاء او غير قابله للإلغاء وقد تكون معززة من قبل بنك المستورد وفي هذه الحاله يكون بنك المستورد ملزم بسداد قيمة الفاتورة في وقتها للمستفيد ( المصدر) ويكون الضمان لبنك المستورد إما وديعة بالبنك يقوم بإيداعها المستورد بالبنك يتم التحفظ عليها لصالح المصدر بالخارج بقيمة الشحنة بالكامل و لحين ورود ميعاد سدادها او ان يقوم بنك المستورد بفتح خط ائتماني ( حد فتح اعتمادات مستنديه استيراد) لصالح المستورد ليتمكن البنك من الخصم عليه في الميعاد المحدد (حساب جاري مدين ) والمتفق عليه مع المصدر للسداد .
وأيضا قد يكون الدفع فوريا بمجرد ورود مستندات الشحن ( Sight) وقد يكون الدفع اجل( Deferred) حيث يتم الاتفاق بين المستورج والمصدر علي فتره سداد قد تصل من 3 شهور إلى 6 شهور او أكثر ولا تتجاوز العام.
وتتم دورة الاعتمادات المستندية خلال فترة زمنية من 3 إلى 6 شهور أو عام لحين إتمام صفقات فتح الاعتمادات وتداول المستندات والدفع في الميعاد المتفق عليه.
أما مستند التحصيل فهو علاقة مباشرة بين المصدر والمستورد من خلال مستندات البضاعة ويتم الاتفاق علي البضاعة وقيمه البضاعة ومواعيد السداد بين الطرفين ولا يتدخل البنك إلا لدفع قيم البضاعة وفق الشروط المتفق عليها بين طرفي البضاعة ( المستورد والمصدر) وقد يكون تداول مستندات التحصيل من خلال البنوك أو يتم تداولها بين المصدر والمستورد حيث يقوم المستورد بتقديمها للبنك بنفسه ليتم فتح حساب استيراد ( حساب جاري علي سبيل المثال) يتم من خلاله سحب مبلغ البضاعة وتحويله للمستفيد ( المصدر) وفق شروط الدفع والتي إما أن تكون دفع فوري بمجرد تقديم المستندات أو دفع اجل لفترات يتم الاتفاق عليها مع المصدر ( تسهيلات موردين) من شهور إلى عام كامل.
وتتم دورة مستندات التحصيل أسرع من دورة الاعتماد المستندي وأكثر سهولة ويسر في تداول المستندات والافراج عن البضاعة.