بنوك عربية
رصد مصرفيون بمصر عدد من المكاسب التي ستجنيها مصر من وراء إطلاق المؤشر الخاص بالجنيه المصري، حيث تسود توقعات بأن يتم إقرار العمل بالمؤشر خلال الأيام القليلة المقبلة.
وتصدر القضاء على السوق الموازية “السوداء” ومواجهة شح العملة الدولارية وانحسار معدلات التضخم أولى المكاسب التي تم رصدها .
قال عز الدين حسانين الخبير المصرفي أن البنك المركزي المصري يتبع منذ عقود طويلة سياسة سعر صرف ثابتة أمام الدولار حينا وتحرير سعر الصرف حينا آخر .
وأضاف أنه في حالة الأزمات الاقتصادية سواء داخلية أو خارجية يقوم البنك المركزي باللجوء إلى صندوق النقد الدولي الذي يبدأ مع الحكومة مسيرة إصلاح إقتصادي وهيكلي تتطلب من ضمن محدداتها تحرير مدار لسعر صرف الجنيهالمصري أمام الدولار.
وتابع: مع كل أزمة اقتصادية يتزامن معها قلة الموارد الدولارية من الأنشطة الاقتصادية المدرة للدولار – التصدير, السياحة, تحويلات العاملين بالخارج, الاستثمارات الأجنبية المباشرة والغير مباشرة – مما يؤدي ذلك إلى نقص الدولار في القطاع المصرفي وتبدأ السوق الموازية في النشاط ويظهر سعرين للصرف احدهما رسمي بالقطاع المصرفي والآخر بالسوق الموازية مما يؤدي إلى إرباك النشاط الاقتصادي وارتفاع للتضخم .
ولكي يقوم البنك المركزي المصري بمواجهة هذا التذبذب من عدم استقرار سعر الصرف أعلن حسن عبدالله محافظ البنك المركزي في المؤتمر الاقتصادي الذي انعقد في اكتوبر 2022 اعتزام البنك المركزي اطلاق مؤشر الجنيه علي غرار مؤشر الدولار ومؤشر الجنيه الاسترليني ومؤشر اليورو ومؤشر الين, وذلك استنادا إلى ان مصر لديها شركاء تجاريين متنوعين .
واعتبر حسانين أن ربط الجنيه بالدولار لاداعي له لأن مصر ليست كدول الخليج التي تربط عملاتها بالدولار استنادا الي ما يسمي بالبترودولار أما مصر فلها حجم تعاملات تجاريه بالعالم الخارجي في حدود 95 مليار دولار واردات سعلية وغير سلعية ( بترولية) وحجم صادرات في حدود 50 مليار دولار تقريبا .
من هنا اطلق البنك المركزي ما يسمي مؤشر الجنيه وهو عبارة عن سلة من العملات الأجنبية الرئيسية المرتبطه بالشركاء التجاريين وفق أوزان نسبية يتم تحديها وفق حجم التبادل التجاري مع الشركاء التجاريين .
ورأى حسانين أن ارتفاع قيمة المؤشر يصاحبه ارتفاع قيمة الجنيه المصري والعكس مع انخفاض قيمه المؤشر تنخفض قيمة الجنيه وبذلك يتم تسعير الجنيه بعيدا عن الدولار كعملة رئيسية, مشيرا إلى أن أهمية المؤشر تتمثل في أنه سيحقق استقرار سعر الصرف نسبيا وبيان سلامة الاقتصاد وتعافيه في حالات النمو الاقتصادي وزيادة حجم التعاملات التجاريه مع العالم الخارجي .
وأشار إلى أن المؤشر سيحقق استقرار معدلات التضخم والوصول تدريجيا إلى مستهدفات البنك المركزي 7% ( +/- 2) , أيضا يمكن مع المؤشر استخدام ادوات المشتقات الماليه ( ادوات التحوط ضد مخاطر تقلبات أسعار الصرف ) ومنها العقود الآجلة والعقود المستقبلية و عقود NDF .
وبحسب حسانين فإن هذه العقود تستخدم من قبل الشركات والمؤسسات التي تقوم بعمليات استيراد أو تصدير وتستطيع استخدام ادوات التحوط للحفاظ علي اسعار مناسبه لسعر صرف الجنيه الذي سيمثله مؤشر الجنيه, وسيتم اطلاق المؤشر يوميا علي شاشات البنوك والبنك المركزي .
وشدد على أنه يجب التنويه بان اطلاق المؤشر سيكون بالتعاون مع صندوق النقد الدولي باعتباره الجانب الفني الذي لديه الخبره الكافيه في تكوين سله العملات المناسبه واحتساب الأوزان النسبية لكل عملة أمام الجنيه وفق حجم التبادل التجاري مع الشركاء التجاريين.
والجدير بالذكر ان مؤشر الدولار يتكون من سلة تشمل 6 من العملات الرئيسية الدولية وهي اليورو – الين الياباني – الجنيه الاسترليني والدولار الكندي والكورونا السويدي والفرنك السويسري بخلاف الذهب والفضة.
وأكد أن اعتزام البنك المركزي إطلاق مؤشر الجنيه ليس بالأمر الجديد عالميا وإنما سبقتنا إليه العديد من الدول والتي استطاعت من خلال مؤشر العملة الحفاظ علي استقرار الأسعار واستقرار سعر الصرف .
وقال رمزي الجرم الخبير المصرفي المصري إن استعداد البنك المركزي المصري، لإطلاق ما يسمى بمؤشر الجنيه المصري، يأتي من أجل تحرير سعر الصرف والقضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي.
وأوضح أن هذا الأمر يأتي في ظل سعي الدولة نحو اتخاذ حزمة من السياسات والإجراءات التي تكفل استقرار سوق الصرف الأجنبي، فضلاً عن تغيير الثقافات الموروثة بشأن ارتباط سعر صرف الجنيه بالدولار الأمريكي فقط، والعمل على إيجاد سعر صرف واقعي امام عدد من العملات الأجنبية المختلفة لعدد من الدول.
ووفقا للجرم فأن هذا المؤشر لم يكن أول مؤشر لقياس أداء عملة ما أمام غيرها من العملات الأخرى، إذ ان مؤشر العملة، مطبق بالفعل لدى كثير من الدول، فهناك مؤشر الدولار الأمريكي ومؤشر الجنيه الاسترليني وغيرها من مؤشرات عملات كثير من الدول، حيث يتم انشاء مؤشر ليضم سلة من العملات بوزن نسبي متباين بهدف إيجاد سعر صرف واقعي بدلا من الاعتماد على عملة رئيسة واحدة فقط.
وقال، إن اعتماد مؤشر للجنيه بدلالة سلة من العملات الأجنبية الأخرى، من شأنه ان يُعطى سعر صرف حقيقي وواقعي للعملة المحلية بشكل يومي، خصوصا إذا ما علمنا ان هناك عملات في قائمة سلة العملات التي سيتم ربط الجنيه بها، منخفضة إلى حد ما أمام الجنيه المصري وهذا من شأنه أن يُعطي سعر صرف مناسب امام مجموعة العملات الأخرى.
وذكر أن المؤشر سيصبح السبيل الوحيد أو الأفضل للقضاء، حتى ولو بشكل جزئي على السوق الموازية للصرف الأجنبي، والتي أصبحت تشكل أحد أهم التحديات التي تواجه الدولة المصرية، في خصوص السعي نحو استقرار سوق صرف النقد الأجنبي، وتخوف المستثمرين الدوليين من وجود اكثر من سوق للعملة الأجنبية في مصر .
وأضاف أن القضاء على السوق السوداء من خلال آلية مؤشر الجنيه، من شأنه التخلص من ظاهرة الدولرة المنتشرة في الأسواق وإستقطاب حصيلة وافرة من موارد النقد الأجنبي داخل النظام المصرفي الرسمي، مما يدعم جهود الدولة نحو تدعيم قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزي المصري، وتمويل فاتورة الاستيراد، وإصلاح اوضاع ميزات المدفوعات.