مصرفيون: تراجع العجز لصافي الأصول الأجنبية بالبنوك المصرية مؤشر على كفاءة إدارة السيولة الدولارية

بنوك عربية: أكد مصرفيون أن تراجع صافي الأصول الأجنبية بالقطاع المصرفي المصري مؤشرا على تحسن إدارة السيولة الدولارية في ظل الأزمات العاتية التي تمر بها الاقتصاديات العالمية .

وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري، تراجع عجز صافي الأصول الأجنبية للجهاز المصرفي للشهر الثاني على التوالي بنهاية أغسطس الماضي بقيمة 360 مليون دولار أمريكي، على أساس شهري.

وأوضحت بيانات حديثة للمركزي أن عجز صافي الأصول الأجنبية للجهاز المصرفي المصري تراجع إلى 801.26 مليار جنيه ( 25.93 مليار دولار) بنهاية أغسطس الماضي، مقابل عجز قدره 812.4 مليار جنيه (26.29 مليار دولار ) خلال شهر يوليو السابق له.

وقال عز الدين حسانين الخبير المصرفي في تصريحات لبنوك عربية أن تراجع صافي الأصول الأجنبية بالبنوك العاملة في مصر بمقدار 3.7 مليارات دولار خلال الفتره من يوليو 2022 / مارس 2023 ( تسعه اشهر ) مقارنه بمقدار تراجع مقداره 8.6 مليارات دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق 2021/2022, له دلالات من حيث تحسن الموارد الدولارية خلال هذه الفترة .

وتعكس هذه الدلالات بيان البنك المركزي المصري الصادر في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عن تحقيق حساب المعاملات الخارجية للاقتصاد المصري (ميزان المدفوعات) مع العالم الخارجي فائضا مقداره 882.4 مليون دولار حتي نهاية يونيو 2023 مقابل عجز مقداره 10.5 مليار دولار خلال العام السابق حتي نهاية يونيو 2022 ، مما يعني أن حساب المعاملات الجارية حقق فعليا أكثر من 11.3 مليار دولار حلال العام 2022/2023 .

وعزى حسانين هذا التطور في المؤشرات إلى السياسة الانكماشية التي اتبعها البنك المركزي المصري برفع الفائدة وتحرير مدار لسعر الصرف ساهم في انكماش الاستهلاك ولكن علي حساب زياده التضخم .

ونوه أن البنك المركزي يتبع سياسة خفض الاستهلاك بزيادة الأسعار ( باستخدام التضخم المرتفع) وبالتالي انكمش الطلب الكلي فانخفض الطلب علي الاستيراد، وفي نفس الوقت حققت الصادرات ارتفاعا طفيفا ولكن حققت فائض في ميزان المنتجات التامة (إذ صادرات المنتجات تامة الصنع أكبر من واردات المنتجات تامة الصنع غير البترولية) .

ورأى أن تراجع العجز في صافي الأصول الأجنبية للجهاز المصرفي يرجع إلى طرح بعض البنوك العاملة في مصر لمنتجات أوعية إدخارية دولارية بعوائد مميزة وصلت إلى 7% سنويا لمده 3 سنوات .
واعتبر أن ارتفاع عائدات السياحة وعائدات قناة السويس إلى مستويات تفوق عوائد العام السابق من أهم أسباب تراجع العجز في صافي الأصول الأجنبية.

و حققت السياحة المصرية خلال العام 2022/2023 13.6 مليار دولار مقارنه بقيمة 10.7 مليارات دولار العام السابق ، فيما حققت قناة السويس 8.7 مليارات دولار مقابل 6.9 مليارات دولار العام السابق ( بيان البنك المركزي 4 أكتوبر/ تشرين الأول2023).

وبحسب المصدر ذاته فإنه برغم أزمة العملة الأجنبية في مصر إلا أنها استطاعت رغم الظروف العالمية والإقليمية المتوترة الحفاظ على سير العمليات التشغيلية والتجارية والاقتصادية باستقرار وثبات .

وأشار إلى أن الحكومة المصرية قد قدمت العديد من الحوافز للعاملين بالخارج لزيادة تحويلاتهم بالعملة الأجنبية وقدمت حوافز للمستثمرين الأجانب مع منح اعفاءات على صناعات تصديرية وصناعات استيراتيجية من أجل جذب العملة الأجنبية .

واستطاعت مصر سداد المستحقات من التزامات خارجية مقدارها 52 مليار دولار خلال العاميين الماضيين.

وقال رمزي الجرم الخبير المصرفي في تصريحات لبنوك عربية  أن تراجع العجز في صافي الأصول الأجنبية لمصر بنهاية أغسطس الماضي يشير إلى تحسن ملموس في إدارة الموارد الدولارية بشكل احترافي، في ظل أزمات متوالية، مازالت تداعياتها السلبية مستمرة على مستوى كافة الاقتصاديات العالمية.

يشار إلى إن صافي الأصول الأجنبية للجهاز المصرفي، بدأ في التحول لتسجيل رصيد سالب منذ فبراير 2022، ولأول مرة منذ خمسة أعوام مضت منذ ذات التاريخ، من بعد أول تعويم للجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في عام 2016.

وعزى الجرم  هذا التراجع آنذاك إلى اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، وخروج نحو 22 مليار دولار، من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة في أدوات الدين الحكومية، خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الماضي، والتي على إثرها قفز الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري من نحو 15.76جم في 20 مارس 2022، ليصل إلى متوسط 30.90 جنيها للدولار الواحد. 

وأوضح الجرم أن أي مؤشرات إيجابية سواء كانت متمثلة في تراجع العجز في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك التجارية، أو زيادة مضطردة في قيمة الاحتياطيات الدولية لمصر لدى البنك المركزي المصري في ظل استمرار أمد الأزمة، يُعد تطورا نوعيا، ويعبر عن مدى قدرة الاقتصاد المصري على مواجهة التحديات الحادثة على المشهد الاقتصادي العالمي.

وأضاف أن هذا التراجع يؤسس لمرحلة جديدة من إدارة حكيمة لموارد النقد الأجنبي، والبحث عن مصادر جديدة لجذب المزيد من الموارد المالية الدولارية، مما يدعم قيمة الاحتياطي النقدي لدى المركزي، وكذا ميزان العمليات الجارية، والتي أشار إليها صندوق النقد الدولي في وقت سابق ، من ان مصر تمول حساب العمليات الجارية من خلال السحب من الأرصدة الأجنبية لدى الجهاز المصرفي. 

واعتبر أن تسجيل رصيد سالب في صافي الأرصدة الأجنبية لدى الجهاز المصرفي، كثيرا ما يحدث في ظل الأزمات المالية، أو حتى عندما تتبنى البنوك المركزية في أي دولة تخفيض عملتها أمام العملات الأجنبية الأخرى، وهو ما حدث أثناء تخفيض قيمة العملة المحلية في 2016 والتخفيضات المتتالية بعد ذلك.

وأشار إلى  أن هذا الأمر يكون بشكل مؤقت، مدللا على تحول أرصدة تلك الأصول لتسجل أرقام موجبة بعد فترة من التعويم الأول للجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، كما الأمور تشير إلى مزيد من التراجع في صافي الأرصدة الأجنبية لدى الجهاز المصرفي خلال الفترة المقبلة، نتيجة لسعي صانعي السياسة الاقتصادية والمالية والنقدية في البلاد، نحو إيجاد مصادر جديدة وغير تقليدية لتنمية موارد النقد الأجنبي بشكل كبير.

منشورات ذات علاقة

النقد العربي يبحث التركيب والتفكيك في صناعة المالية الإسلامية

02.8 % نمو الإقتصاديات العربية في 2024

84.16 مليار دولار أصول قطر المركزي نهاية يوليو