بنوك عربية: نظمت الدورة التدريبية حول “سياسات التنافسية العالميـة في الدول العربية” التي ينظمها معهد التدريب وبناء القدرات بصندوق النقد العربي بالتنسيق مع وحدة الإستراتيجية والتقييم، والدائرة الاقتصادية، خلال الفترة 18-21 ديسمبر، 2023، من خلال أسلوب التدريب عن بُعْد الذي انتهجه الصندوق استمراراً لنشاطه التدريبي.
يُعتبر موضوع تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني إحدى أهم القضايا التي باتت تشغل المنظمات الدولية، وصانعي القرار وراسمي السياسة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة والنامية.
ركّزت هذه الدورة على أربعة محاور رئيسة، هي:
- الإطار المفاهيمي للتنافسية.
- منهجيات قياس التنافسية: تقارير التنافسية العالمية.
- استراتيجيات وسياسات التنافسية: تجارب عالمية مُلهمة للدول العربية.
- تجارب الدول العربية في مجال التنافسية.
يصدر الصندوق منذ أعوام “تقرير تنافسية الاقتصادات العربية”، و”إحصاءات تنافسية التجارة الخارجية الإجمالية والبينية”، إضافة إلى اهتمامه بالكثير من القضايا الاقتصادية والسياسات ذات الصلة بالتنافسية، من قبيل الاقتصاد الرقمي، والتقنيات المالية الحديثة، وتغيرات المناخ، والاقتصاد الأخضر، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، وغيرها.
في هذا الإطار، تأتي دورة التنافسية التي ينظمها صندوق النقد العربي بإطار سعيه لدعم جهود دوله الأعضاء نحو تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، من خلال نشر الوعي وتطوير القدرات المؤسسية للجهات الحكومية المعنية في كيفية الارتقاء بالسياسات المرتبطة بالتنافسية، وتوفير كافة مقومات البيئة الاقتصادية الكلية وبيئة الأعمال التي تقدم قيمة عالية للمنتوج الوطني من السلع والخدمات بما يرفع من معدلات رفاهية الفرد، وتعزيز الصادرات المحلية في الأسواق الدولية، علاوة على الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية في هذه المجالات.
ويكمن المسوغ الرئيسي لهذا الاهتمام الكبير والمتنامي بالتنافسية هو ان هذا الموضوع لا يتوقف عند تحديد ترتيب الدولة على سلم التنافسية العالمية التي تنشرها بعض المنظمات الدولية المعنية في تقاريرها عن التنافسية، بل لما تعكس تلك المراتب أساساً من حيوية البيئة الاقتصادية للدول، لاسيما مدى حافزية بيئة الأعمال على الإنتاجية، والابتكار، وجاذبيتها للمهارات والتقنيات والاستثمارات الأجنبية المباشرة. بل يتسع مفهوم التنافسية ليطال رفاهية الفرد بوصفه الهدف الأسمى من أي نظام اقتصادي.
أولت الدول العربية خلال الأعوام الماضية إهتماماً ملحوظاً بموضوع التنافسية، حيث انطلقت بتأسيس هيئات ومراكز تُعنى بها، إضافة إلى إصدار القوانين والتشريعات ذات الصلة. كما استطاعت بعضها أن تحقق إنجازات ملحوظة على صعيد تحسين مؤشراتها في تقارير التنافسية العالمية لاسيما على إثر التطور الحاصل في قطاعاتها الاقتصادية، وبنيتها التحتية، واستخدام التقنيات الحديثة، إضافة إلى التقدم الحاصل في مجالي التعليم والصحة، وغيرها.
ورغم ذلك، لا يزال أمام الدول العربية العديد من التحديات في مجال التنافسية العالمية، أهمها ما يتعلق بقضايا الاقتصاد الكلي ومدى قدرتها على تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي لاسيما في ظل المتغيرات التي ما أنفك يشهدها الاقتصاد العالمي، بالتالي كيفية تفعيل دور السياسات لدعم برامج الإصلاح الاقتصادي والنقدي والمالي وتحقيق النمو المستدام والشامل.
على نحو أخص، سيتطلب الارتقاء بالقدرة التنافسية للدول العربية وجود سياسات تنافسية فاعلة ذات مستهدفات محددة وموجّهة نحو معالجة التحديات التي تعيق حصول تقدم ملموس في مؤشراتها في تقارير التنافسية العالمية، عبر مشاريع ومبادرات يتم تنفيذها ضمن أطر زمنية محددة، وتنفيذ سياسات وأطر تنظيمية وقانونية ومؤسسية ملائمة، وتشكيل فريق عمل من مختلف الدوائر الحكومية المعنية، وضمن إطار شراكة مع القطاع الخاص.
وفي هذا السياق، قد يكون من الضروري أيضاً الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية في مجال الارتقاء بالقدرة التنافسية لاسيما لجهة تعزيز الابتكار ورفع الإنتاجية، ونشر العناقيد (التجمعات القطاعية المتخصصة)، وربط التعليم بمتطلبات السوق وأهداف التنمية، وغيرها من المتطلبات التي تنعكس بمجملها في نمو وإزدهار وإستدامة الاقتصاد.