بنوك عربية
أشار بنك قطر الوطني، في تحليليه الأسبوعي إلى أن الاقتصاد الصيني قد بدأ حاليا في تحقيق التعافي الاقتصادي، بالرغم من أنه كان أول اقتصاد يتأثر بتداعيات فيروس كورونا المستجد.
وأوضح تحليل البنك القطري إلى أن الصين تُعد واحدة من الدول القليلة التي يُتوقع أن تشهد نموا اقتصاديا خلال مجمل عام 2020. فقد استمرت بيانات النشاط الاقتصادي في التحسن خلال شهر مايو، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تجاوز الإنتاج لمستويات عام 2019 للمرة الأولى منذ تفشي وباء كورونا. ومع ذلك، فإن معدلات النمو لا تزال أقل من تلك المسجلة في عام 2019.
وتوقع البنك أن يحقق الاقتصاد الصيني نموا إيجابيا تبلغ نسبته 1.5 في المائة في عام 2020.
ولفت بنك قطر الوطني إلى أن التحليل الأسبوعي يُركز على جانبين رئيسيين للاقتصاد الصيني بغية التوصل لفهم أفضل لمدى عمق هذا التعافي الأولي.
التركيز على جانبين رئيسيين
ويتمثل الجانب الرئيسي الأول في أن السلطات الصينية عادت إلى استخدام وسائل التحفيز الاقتصادي المجربة والمختبرة والتي تتمثل في زيادة الإنفاق الحكومي على الاستثمار في البنية التحتية. فقد خفض بنك الشعب الصيني سعر الفائدة الرسمي مرتين من 4.15 في المائة إلى 3.85 في المائة في العام الحالي.
كما أدى الإصدار القياسي لسندات دين حكومية محلية تقدر قيمتها بنحو 1 تريليون رنمينبي إلى تعزيز الاستثمار في الأصول الثابتة المرتبطة بالبنية التحتية، والذي ارتفع إلى 11.6 في المائة في شهر مايو من 4.6 في المائة في أبريل. وقد أدى ذلك بدوره إلى زيادة نمو الاستثمار في الأصول الثابتة الذي ارتفع بنسبة 3.9 في المائة في مايو من 0.6 في المائة في أبريل. وبالمثل، ارتفع نمو الإنتاج الصناعي إلى 4.4 في المائة في مايو من 3.9 في المائة في أبريل.
ويشير الإسهام القوي الناتج عن الزيادات في إنتاج الحديد والإسمنت بالفعل إلى أن الإنفاق على البنية التحتية يمكن أن يعزز الإنتاج الصناعي بشكل مباشر. ومن منظور أوسع، ارتفع مؤشر كايشين لمدراء مشتريات قطاع التصنيع بنسبة 1 في المائة في شهر مايو، وذلك يُعد أول نمو إيجابي لهذا المؤشر منذ صدمة تفشي كوفيد- 19، حيث ارتفع من -1.6 في المائة في شهر أبريل.
أمّا الجانب الثاني، فيُظهر قطاع الخدمات بعض العلامات المشجعة للغاية. فقد انتعشت مبيعات العقارات بقوة، على الرغم من أن النمو في العقارات الجديدة لا يزال أكثر بطئا ويشير إلى أن شركات التطوير العقاري لا تزال تتوخى الحذر.
كما انتعشت مبيعات السيارات بقوة، ومن المرجح أن يكون الطلب المحتجز قد ساهم في انتعاش المبيعات. ومع ذلك، تشير قوة الانتعاش إلى أن المستهلكين أصبحوا أكثر رغبة وقادرين على إجراء عمليات شراء كبيرة مرة أخرى. وبشكل أعم، توسع نشاط الخدمات بنسبة 1 في المائة في مايو، وهو تحسّن كبير بعد انكماشه بنسبة 4.5 في المائة في أبريل. علاوة على ذلك، ارتفع مؤشر كايشين لمدراء مشتريات قطاع الخدمات بنسبة 4.4 في المائة في مايو، وهو انتعاش كبير من التراجع المسجل في أبريل بنسبة -18.6 في المائة.
أسباب تستدعي الحذر
وأكد التحليل وجود بعض الأسباب التي تستدعي البقاء على حذر، فقد تحوّل نمو الصادرات إلى المنطقة السلبية في مايو، مما يشير إلى أن الطلب الخارجي لا يزال يشكل عائقا. بالإضافة إلى ذلك، أثار ارتفاع عدد حالات الإصابة بسبب تفشي كوفيد- 19 في بكين مخاوف من حدوث موجة ثانية في الصين. ومع ذلك، فإن هذه المشاكل متوقعة، حيث تقوم البلدان في جميع أنحاء العالم بتخفيف إجراءات الإغلاق مع استمرارها في تعلم كيفية التحكم في الوباء وإدارته بشكل أفضل دون اللجوء مجددا إلى عمليات الإغلاق الشاملة.
ولفت التحليل إلى أنه لم يكن من المتوقع أن نشهد مثل هذا النمو الإيجابي الواسع النطاق على أساس سنوي حتى الربع الثالث، لكن عددا متزايدا من المؤشرات يدل على أن الاقتصاد الصيني قد استعاد بالفعل نشاطه لمستويات ما قبل ظهور الفيروس، وربما يكون قد حقق نموا.
وأضاف التحليل أنه ومنذ الأزمة المالية الكبرى لعامي 2008 و2009 حتى العام الماضي، ساهمت الصين بنسبة 42 في المائة في إجمالي النمو الاقتصادي العالمي من حيث القيمة الاسمية. علاوة على ذلك، أدى نموذج النمو الذي يركز على الاستثمار في الصين إلى تعزيز الطلب على السلع.
واعتبر التحليل أن عودة الصين المبكرة إلى النمو تعتبر أمرا مبشرا للاقتصاد العالمي بأكمله وللأسواق الناشئة ومصدري السلع على وجه الخصوص.