بنوك عربية
قالت مجلة ميد إن عام 2020 كان بمنزلة اختبار فريد من نوعه للكويت طوال 12 شهرا، حيث شهدت البلاد انكماشا اقتصاديا حادا حول وضعها المالي من فائض مريح إلى عجز متزايد، مشيرة الى أن تقدير صندوق النقد الدولي لانكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للكويت بنسبة 8.1%، يعتبر خامس أسوأ تقدير في المنطقة بعد ليبيا ولبنان والعراق وسلطنة عمان.
وأضافت المجلة في مقال حصري بقلم مسؤول التحليلات جون بامبريدج ان معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي المتوقع للكويت، والذي لا يتجاوز 0.65% في 2021 يمثل أحد أسوأ حالات التعافي المتوقعة في المنطقة، وبالتالي فان الوضع المالي يتأثر بنفس النسبة، حيث تنتقل البلاد من فائض مالي بلغ 5.4% في 2019 إلى عجز مالي يقدر بنسبة 8.5% في 2020.
واعتبر المحلل حسابات التوازن للمالية العامة للكويت معقدة، بسبب مساهمة الدولة في صندوق احتياطي الأجيال المقبلة وبنسبة 10% من الدخل الحكومي بشكل افتراضي، ولما كان هذا الاجراء الحكومي من الناحية الفنية يعتبر تحويلا من حساب الى آخر ضمن مجموعة الاحتياطيات الخاصة بها، فان المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي لا تحتسبها مصروفات صادرة من الميزانية.
ومع ذلك، فإن مشكلة الحكومة هي أن المدفوعات لصندوق الأجيال القادمة ترتبط برأس المال العامل، وبالتالي فإنها تمثل استنزافا شديدا للمالية العامة من منظور السيولة الى درجة دفعت مجلس الأمة في أغسطس الماضي لإقرار مشروع قانون يسمح بتعليق مؤقت لهذا التحويل في حالة عجز الميزانية.
ومن المفترض أن يوفر هذا الاجراء في العام المقبل ما يقدر بملياري دينار من رأس المال الحكومي. وبرغم من ذلك، فمن المتوقع أن يظل عجز الميزانية الكويتية مرتفعا في 2021، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي بحسب مستويات الإنفاق الحالية على المشاريع، ان يرتفع عبء الدين بشكل طبيعي من 11.8% في 2019 إلى 36.6% في 2021.
أما المشكلة الثانية التي تواجه الحكومة هي أنها لا تستطيع الاقتراض، وستظل كذلك حتى إصدار قانون الدين العام الجديد الذي طال انتظاره، فقد رفض مجلس الأمة في أغسطس مرة أخرى مشروع قانون لإقرار قانون الدين العام الجديد الذي كان من شأنه تمكين الكويت من اقتراض 20 مليار دينار على مدى الأعوام الثلاثين المقبلة.
ونظرا لعدم وجود سقف أعلى للديون، فقد توجهت الحكومة للسحب من أرصدة صندوق الاحتياطي العام للحصول على السيولة لمواجهة عجز سنوي متزايد، لكن أصول هذا الصندوق باتت على وشك النضوب.
وأدى افتقار الكويت إلى حل محدد بشكل واضح لنقص السيولة وعدم إقرار قانون ديون جديد، إلى زعزعة الثقة في كيفية تعامل الحكومة مع شؤونها المالية، ما أدى إلى خفض تصنيفها السيادي طويل الأجل بالعملة الأجنبية من قبل اثنتين من وكالات التصنيف العالمية الرئيسية الثلاث.
وخفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني للكويت لأول مرة في مارس من AA إلى AA- مع نظرة مستقبلية مستقرة، قبل إجراء مزيد من المراجعة لتوقعاتها إلى سلبية في يوليو.
أما وكالة موديز فقد خفضت في سبتمبر تصنيفها للكويت للمرة الأولى، وخفضتها درجتين إلى A1، وقالت انه نظرا لغياب التفويض القانوني للاقتراض أو السحب من صندوق الأجيال المقبلة، فان السيولة المتاحة توشك على ان تنفد برغم القوة المالية غير العادية للكويت.
أما وكالة فيتش فكانت الوحيدة التي أكدت تصنيف الكويت عند مستوى AA، ما يجعل تصنيفها الآن أعلى بدرجة من تصنيف S&P وأعلى بدرجتين من تصنيف موديز.
وهكذا، فإن ثمة مخاوف مبررة بشأن سوق المشاريع في الكويت التي قلصت ميزانيات وزاراتها في 2020، وفي مواجهة قيودها المالية من المتوقع إجراء تخفيضات مماثلة في العام المقبل، مع ان لديها بالفعل واحدا من أسرع أسواق المشاريع مرونة وانسيابية في المنطقة.
ففي كل من عامي 2019 و2020 أرست الكويت مشاريع بقيمة تقل عن 4 مليارات دولار في جميع القطاعات، مقارنة بمتوسط يزيد على 12 مليار دولار سنويا على مدى السنوات العشر الماضية، وبلغ سوق المشاريع في البلاد ذروته في 2015، عندما تمت ترسية عقود بقيمة 28.6 مليار دولار.
ولكن الانخفاض الحاد الأخير في ترسيات المشاريع، الذي بدأ عام 2018، وضع سوق المشاريع في حالة تراجع نتيجة تجاوز المشاريع المنجزة معدل المشروعات الجديدة التي تتم ترسيتها.