بنوك عربية
قالت وكالة «ستاندرد أند بورز غلوبال» للتصنيف الإئتماني في تقرير جديد لها نشرته وكالة رويترز، أن من «المرجح جدا» أن يتضرر المودعون في البنوك اللبنانية مع امتصاصها تكلفة إعادة هيكلة ديون البلاد.
وفي ضوء حيازاتها الضخمة من الدين الحكومي، تجد البنوك اللبنانية نفسها في بؤرة أزمة مالية مستمرة لأكثر من عام منذ تخلفت الحكومة عن سداد التزاماتها بالعملة الصعبة في مارس/آذار 2020.
وجمدت البنوك معظم ودائع العملاء الدولارية، وحظرت تحويل الأموال السائلة إلى الخارج منذ اندلاع الاضطرابات أواخر 2019.
وقال محمد داماك، محلل الإئتمان فى الوكالة «في ظل معاناة البنوك لتدبير السيولة، فإن تضرر المودعين، بشكل ما، مرجَح إذا كان القطاع المصرفي سيمتص التكلفة العالية لإعادة الهيكلة».
وقالت الوكالة في بيان، أن تمويلا من المساهمين أو من الخارج لن يكفي وحده على الأرجح لامتصاص تكلفة إعادة الهيكلة.
وأضافت أن تكبد المودعين خسائر، على سبيل المثال من خلال السداد لهم بأقل من سعر الصرف في السوق أو تحويل الودائع إلى حصص مساهمة يبدو مرجحا بدرجة كبيرة.
وتابعت أن حجم الخسائر الكلية للبنوك سيتضح حين تنفذ الحكومة إعادة هيكلة الدين.
ووفقا للاحتمالات المختلفة، قالت «ستاندرد أند بورز» أن تكلفة إعادة هيكلة القطاع المصرفي قد تدور بين 23 و102 مليار دولار، بما يعادل 30 إلى 134% من الناتج المحلي الإجمالي الإسمي للبلاد.
وقالت ذهبية غوبتا، محللة الائتمان في الوكالة: «حل الأزمة السياسية في لبنان مهم جدا للشروع في عملية إعادة الهيكلة، والتأجيلات قد تعقد التعافي».
وتابعت القول «يبدو أن العقبة الرئيسية أمام إعادة الهيكلة أن الحكومة الحالية في لبنان حكومة تصريف أعمال لا تملك سلطة الاتفاق على الشروط مع الدائنين».
وتعمل الحكومة الحالية كحكومة تصريف أعمال منذ تقديم استقالتها عقب انفجار هائل في مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب من العام الماضي.
وزاد الانفجار من تعقيد مهمة إنقاذ اقتصاد البلاد الذي يشهد تراجعا مطردا منذ أواخر 2019.
وقالت «ستاندرد أند بورز» أنه حتى 31 مارس/آذار الماضي كانت البنوك المحلية تحتفط بنحو 60% من أصولها كودائع وشهادات إيداع لدى البنك المركزي، و11% كأذون خزانة حكومية وسندات دولية.
وكان رياض سلامة حاكم (محافظ) مصرف لبنان المركزي قد قال أمس الأول أن أموال المودعين آمنة في بنوك البلاد، وأنه «ربما يصبح بمقدورهم قريبا» الحصول على بعض دولاراتهم.
وبعد أن كانت مصنفة بين أكثر البنوك ربحية في العالم، جمدت البنوك اللبنانية وصول العملاء إلى ودائعهم ومنعتهم من تحويل الأموال إلى الخارج بعد أزمة مالية تفجرت في أواخر 2019.
وقال سلامة في مقابلة مع شبكة تلفزيون «العربية الحدث» السعودية «على الأقل النظام كما نعرفه حاليا.. صحيح أنه غير فعال.. لكنه لم ينهار.» وتابع القول «انهيار النظام يكون عندما يحدث إفلاسات في المصارف.. لم تحصل إفلاسات في المصارف.. نحن كان هدفنا الأساسي المحافظة على أموال المودعين… وهو ما يقتضي أن لا نترك مصارف تنهار».
وبلغت قيمة الأموال التي سحبها المودعون، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019، قرابة 3.5 مليار دولار، منها ملياري دولار ظلت داخل السوق المحلية، وخرج المبلغ المتبقي خارج البلاد، حسب سلامة.
ومع بداية الأزمة المالية أواخر 2019 جمدت المصارف اللبنانية وصول العملاء إلى ودائعهم ومنعتهم من تحويل الأموال إلى الخارج .
واستطرد سلامة «الليرة اللبنانية قبل الأزمة كانت عملة لديها حيثيتها، وكنا نؤكد على استقرار سعر الصرف بالاستناد على الاحتياطي من العملات الاجنبية» لكن الاحتياطي تراجع مع شح وفرة الدولار لتلبية الاحتياجات الأساسية.
وتراجعت قيمة الليرة اللبنانية، خلال الفترة الماضية لمستويات غير مسبوقة، لتصل إلى حدود 12900 ليرة مقابل الدولار في السوق الموازية (السوداء) مقابل 1507 في السوق الرسمية.
وعلى امتداد عقود من السنين قامت البنوك اللبنانية بتمرير أموال من تحويلات المغتربين في الخارج إلى خزانة الدولة في مقابل أسعار فائدة مرتفعة. لكن الأزمة الاقتصادية في لبنان استحكمت ونضبت التحويلات الدولارية وأصبح النظام المالي متعطشاً للتمويل.
وقال سلامة أن صغار المودعين قد يبدؤون بالحصول على بعض دولاراتهم في نهاية يونيو/حزيران.
وستتضمن الخطة الإفراج عن 50 ألف دولار لكل مودع منها 25 ألفا تصرف بالعملة الأمريكية والخمسة والعشرون ألفا الباقية بالليرة اللبنانية بسعر السوق.
وأضاف قائلا «هذه الأموال سيتم دفعها تدريجيا وعلى فترة من الوقت.. وهذا سيثبت أن السيولة الخارجية بدأت تعود إلى المصارف وابتدأ المودع قادراً على أن يأخذ من أمواله بشكل ما زال محدوداً، ولكن نعتبر هذا بداية.. هذا الموضوع يمكن أن يحل نهائيا قضايا المودعين الصغار الذين لديهم أقل من 50 ألف دولار».
وقال سلامة «الرجوع إلى ما كنا عليه… يتطلب ليس فقط عملا من مصرف لبنان أو من المصارف.. يتطلب جهدا على صعيد وطني ويتكلل بحكومة تضع الخطط التي من شأنها إعادة الثقة وخلق المفاوضات مع الجهات الخارجية…يمكن أن تعود الثقة بالقطاع المصرفي، والاستقرار السياسي دوره أساسي في ذلك».
وقال أيضا أن الاحتياطيات الأجنبية اللازمة لتمويل برنامج الدعم في البلاد توشك على النفاد وأن استخدام احتياطيات إلزامية لتمويل واردات السلع الأساسية سيكون صعبا من الناحية القانونية.
ومضى قائلا إن البنك المركزي اللبناني ليس لديه سلطة اتخاذ تلك القرارات.
ويكلف برنامج الدعم لبنان ستة مليارات دولار سنويا.