بنوك عربية
قال عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، أن النظام المصرفي اليوم أصبح أكثر استعدادا لاستيعاب الصدمات المالية والاقتصادية والمخاطر المرتفعة بسبب العديد من الإصلاحات التي تم تبنيها بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008 وفي مقدمتها تطبيق متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل III، مشيرا إلى أن تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9)، أدى إلى تخفيف مخاطر الإئتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر.
وأضاف الحميدي في افتتاح أعمال الاجتماع السنوي السابع عشر عالي المستوى حول الإستقرار المالي والأولويات التشريعية والرقابية أمس في مدينة أبوظبي، أن تبعات أزمة جائحة كورونا المستجد لا تزال تُلقي بظلالها على المشهد العالمي، منوهاً بالتحديات المرافقة المتمثلة في التطورات العالمية الراهنة، التي تشمل الضغوط التضخمية والسياسة النقدية المتشددة، وارتفاع الدين العام، ومخاطر تغيرات المناخ، ومخاطر التهديدات الإلكترونية، التي أضافت تحديات جديدة أمام صانعي السياسات الاقتصادية في إطار سعيهم نحو دعم مرحلة التعافي الاقتصادي.
في ذات السياق، أشار الحميدي إلى أن المصارف المركزية أدركت مبكرا أن التأخر في رفع حزم الدعم قد يؤدي إلى حدوث تراكم في المخاطر النظامية، مما دفعها لتبني نهج تضمن إجراء رفع تدريجي لحزم الدعم أخذا في الإعتبار إمكانية ارتفاع معدلات التعثر لقطاعي الأفراد والشركات، خصوصا في ضوء إتباع سياسة نقدية متشددة لاحتواء الضغوط التضخمية، مؤكدا أن المرحلة القادمة تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية على صعيد مواجهة المخاطر التي تهدد القطاع المالي، وتحديد الأولويات، والتنسيق بين السياسات الإقتصادية، إلى جانب أهمية استمرار مراجعة وتعزيز المنظومة التشريعية، للتخفيف من المخاطر التي قد يتعرض لها النظام المصرفي، خصوصاً أن المرحلة الحالية تشهد مخاطر متعددة في ظل بيئة اقتصادية يشوبها عدم اليقين.
وتطرق الحميدي إلى تقرير الاستقرار المالي الصادر عن صندوق النقد العربي لعام 2022، الذي أظهر استمرار المصارف المركزية العربية في مراجعة وتطوير المنظومة التشريعية بغية تعزيز الاستقرار المالي، إضافة إلى مواصلة تعزيز نظم البنية التحتية للقطاع المالي في الدول العربية، كما بين أن القطاع المصرفي العربي وبالرغم من التحديات والمخاطر، كان مستقرا وقادرا بشكل عام على تحمل الصدمات، وذلك في ضوء ما حققه القطاع من مستويات جيدة من رأس المال وجودة الأصول والربحية، وهو ما يعكس جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
وأشار في هذا الصدد إلى ارتفاع نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة، إلى 91.1 في المائة في نهاية عام 2021، واستقرار نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع المصرفي عند 8.5 في المائة فيما بلغ معدل كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي في المتوسط نحو 17.8 في المائة في نهاية عام 2021، مقارنةً بمتطلبات معيار بازل Ⅲ البالغة 10.5 في المائة، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية تعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة.
وفي سياق آخر نوه الحميدي إلى حرص صندوق النقد العربي على دعم جهود دوله الأعضاء في مجال الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية الهادفة إلى تعزيز الاستقرار المالي في المنطقة العربية، مشيراً إلى عقد سلسلة من الاجتماعات التشاورية للمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية والسلطات الإشرافية الأخرى بمشاركة واسعة من المؤسسات والأطر المالية الدولية ذات العلاقة، كما نوّه بإصدار الصندوق لمجموعة من المبادئ الإرشادية للمصارف المركزية تواكب المخاطر التي تفرضها المرحلة.
وأشاد الحميدي بالجهود الكبيرة التي تقوم بها الأطر الدولية المعنية وفي مقدمتها لجنة بازل للرقابة المصرفية ومجلس الاستقرار المالي في متابعة تطوير القواعد والتشريعات الرقابية بصورة أكثر احترازية وشمولية للمخاطر، لمعالجة مختلف جوانب الضعف التي أظهرتها الأزمات السابقة وأزمة جائحة كورونا، مشيرا إلى دور هذه الجهود في تعزيز متطلبات رأس المال والسيولة كما ونوعا، مما ساهم في تعزيز قدرة النظام المصرفي على استيعاب صدمة جائحة كورونا.
في الختام، ثمن الحميدي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر الصندوق على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.