بنك قطر الوطني: الاقتصاد العالمي يسير بخطى ثابتة نحو التعافي

بنوك عربية

أكد بنك قطر الوطني، في تحليله الأسبوعي، أن التعافي الاقتصادي يعتمد على تدابير الحكومات في الصين ومنطقة اليورو والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي يسير حاليا بخطى ثابتة نحو التعافي من الإنخفاضات الحادة في النشاط المرتبطة بالتأثير الأولي لكوفيد- 19.

ولفت التحليل الأسبوعي إلى وجود تفاوت كبير بين أداء مختلف البلدان والمناطق حول العالم، موضحا أنه ليس من المستغرب أن حجم وشكل وسرعة التعافي الاقتصادي تعتمد بشكل رئيسي على السياسات الحكومية المتبعة.

وأوضح البنك أنه سيستخدم في تحليله إطارا بسيطا يعتمد على تقسيم النشاط الاقتصادي إلى التصنيع والخدمات وذلك باستخدام مؤشر مدراء المشتريات على وجه التحديد، مضيفا أنه سيقوم بعد ذلك بتطبيق إطاره الخاص بالتعافي والتوقعات على ثلاث دول / مناطق رئيسية حول العالم (الصين ومنطقة اليورو والولايات المتحدة)، مستخدما ذلك الإطار لمراجعة تأثير الأنواع المختلفة من الدعم الاقتصادي على شكل الاقتصاد في كل دولة أو منطقة.

الصين

أوضح التحليل أن الصين استجابت لكوفيد – 19 بإجراءات إغلاق صارمة كانت فعالة في السيطرة على الوباء محليا، لكنها لم تتمكن منع انتشاره في الخارج. وقد أدت عمليات الإغلاق إلى تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي بلغ ذروته في فبراير الماضي. وقد رد صناع السياسات في الصين بحوافز مالية ونقدية كبيرة.

وأشار التحليل إلى أن سرعة وقوة الاستجابة عبر السياسات النقدية والمالية أدت إلى الحد من تراجع نشاط التصنيع على وجه الخصوص، وذلك لأن سياسة التحفيز الصينية تركز على استخدام السياسة المالية والنقدية لتشجيع الشركات والحكومات المحلية على الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والمشاريع العقارية. وتعزز هذه الاستثمارات الطلب على المواد الخام (مثل الزجاج والصلب) وسلاسل التوريد المنتجة لها، وبالتالي فهي تدعم فرص العمل والدخل. وبالفعل، تعافى الاقتصاد الصيني بقوة أكبر مما كان متوقعا سابقا وعاد إلى النمو في نهاية الربع الثاني من عام 2020.

المنطقة الأوروبية

وتناول التحليل أيضا الوضع في أوروبا، حيث كان للوباء تأثير أكبر هناك بسبب كثرة عدد السكان المسنين. فقد الوباء فاجأ صناع السياسات في أوروبا، قبل أن يردوا أيضا بفرض إغلاق صارم وإجراءات للتباعد الاجتماعي. وقد أدى ذلك بدوره إلى بلوغ تباطؤ النشاط الاقتصادي ذروته في أبريل الماضي.

ولاحظ التحليل أن أوروبا استجابت للأزمة بثلاث طرق رئيسية.

أولا، قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيف السياسة النقدية من خلال تخفيض أسعار الفائدة وزيادة عمليات شراء الأصول، والتي تُعرف أيضا بالتيسير الكمي.

أما الجانب الثاني من تدابير الاستجابة الاقتصادية الأوروبية لكوفيد- 19، فقد كان عبر التركيز على برامج دعم التوظيف التي تؤيد قيام الشركات بعدم تسريح العاملين لديها لتجنب جعلهم عاطلين عن العمل. ومن الواضح أن ذلك يساعد على دعم التوظيف والدخل ويؤدي إلى انتعاش أقوى في قطاع الخدمات.

والجانب الثالث والأهم هو موافقة الدول المحافظة “الأساسية” على إصدار ديون مشتركة للمساعدة في تمويل تدابير الاستجابة الاقتصادية لكوفيد- 19. وذلك يعتبر مفيدا بشكل خاص للبلدان التي لديها حيز مالي صغير مثل إيطاليا وإسبانيا، وهو أيضا أحد العوامل التي تقود إلى توقع أداء متفوق من اقتصاد منطقة اليورو في النصف الثاني من هذا العام.

الولايات المتحدة الأمريكية

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أدّى الافتقار الأولي لمعدات الاختبار إلى تعتيم حجم الانتشار الحقيقي لكوفيد- 19. وقد نتج عن ذلك زيادة متأخرة في حالات الإصابة بالمرض، ولكنها كانت أكبر وأطول أمدا.

وبأشار التحليل إلى أن التأثير الأولي للوباء على النشاط الاقتصادي كان أكثر اعتدالا مما كان عليه في منطقة اليورو، لكنه وصل إلى ذروته أيضا في أبريل الماضي. ومع ذلك، كان التعافي أكثر تدرجا واعتدالا مما كان عليه في الصين أو أوروبا.

وبيّن التحليل أن تدابير الاستجابة عبر السياسات الاقتصادية في الولايات المتحدة تألفت من عنصرين رئيسيين.

أولا، قام البنك المركزي في الولايات المتحدة (بنك الاحتياطي الفيدرالي) ببذل “كافة الجهود الممكنة للتصدي لهذه المشكلة”، مع تقديم قدر غير محدود من التسهيل الكمي ومجموعة من الأدوات الأخرى التي تتجاوز التدابير القوية التي تم اتخاذها خلال الأزمة المالية العالمية.

ثانيا، تعثرت الاستجابة المالية بسبب السياسات الحزبية في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم. ويعتبر عدم اليقين بشأن مدى استمرار تدابير توفير الدخل للأشخاص المسرحين من العمل عاملا سلبيا لقطاع الخدمات. ولذلك سنظل حذرين بشأن توقعاتنا حول مدى قوة وسرعة تعافي الاقتصاد الأمريكي.

سياسات نقدية ومالية ناجعة

وخلّص تحليل بنك قطر الوطني إلى أن السياسة التي تتبعها الحكومات حاليا ساهمت في تحديد السرعة الحقيقية للتعافي وقوته وشكله. وقد ضاعف صناع السياسات في الصين جهودهم لتحفيز الاقتصاد من خلال الاستثمار في البنية التحتية. وتتميز أوروبا بسياسات تشجع الشركات على الاحتفاظ بالموظفين، الأمر الذي يساعد في الحفاظ على رأس المال البشري وذلك له فوائد على المستوى المجتمعي، لكنه مُكلف، ولذلك لا يمكن الاستمرار فيه لفترة طويلة من دون تهديد القدرة على تحمل الدين. وقد كانت استجابة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لافتة ودفعت العديد من الأسواق المالية إلى مستويات قياسية.

وأكد التحليل أن تدابير الاستجابة عبر السياسات النقدية والمالية المتخذة من قبل كبرى اقتصادات العالم ساعدت في منع كوفيد-19 من التسبب في أزمة اقتصادية ومالية أكثر سوءا، مرجحا أن يستمر التأثير السلبي لهذا الوباء على الاستثمار والدخل والإنتاجية، ولا يمكن تقديم الحوافز المالية والنقدية إلى الأبد. ولذلك، من المرجح أن يتباطأ النمو العالمي لعدة سنوات بعد انتعاشه بقوة في عام 2021.

منشورات ذات علاقة

البنوك الكويتية تعطل أعمالها غداً بمناسبة رأس السنة الهجرية

المركزي الأردني يطرح إصداراً جديداً من أذونات الخزينة

المركزي اليمني يعقد مزاداً لبيع 30 مليون دولار أمريكي