بنوك عربية
أطلق صندوق النقد العربي، الإصدار الأول من دورية بحثية سنوية بعنوان “مرصد البيئات الرقابية الاختبارية للتقنيات المالية الحديثة في الدول العربية”، بهدف رصد أبرز النماذج الناجحة في مجال ضمان البيئة المواتية لنمو أنشطة هذا القطاع، خاصة تلك القابلة للتوسع والتطبيق في الدول العربية، بهدف المساهمة في تبادل الخبرات بما يدعم عملية صنع القرار، ويساهم في التطوير المستمر لهذه التقنيات، ويلبي الاحتياجات الماسة للدول العربية على صعيد تطوير القطاع المالي.
وأشار التقرير، إلى تنامي دور التقنيات المالية الحديثة في الآونة الأخيرة، في تقديم الخدمات المالية وزيادة مستويات الشمول المالي في عدد من الدول العربية، في ظل ما تقدمه من حلولٍ واعدة تمكن العديد من الفئات المستبعدة وغير المخدومة ماليا بشكل كاف، على رأسها الشباب والمرأة والمشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وسكان المناطق الواعدة، من النفاذ إلى الخدمات المالية بتكلفة ميسرة.
في هذا الإطار، تمثــل البيئــات الرقـابيــة الاختبارية لشـركــات التقنيــات الماليــة الحديثـة أحد أهم الدعائم التي يُعول عليها لتوفير البيئة الحاضنة للشركات العاملة في هذا المجال ودعم نمو هذا النشاط، حيث تمكن هذه البيئات الشركات الناشئة في مجال التقنيات المالية الحديثة من العمل في إطار بيئة رقابية تجريبية وتقديم خدماتها لعدد محدود من المستهلكين، وهو ما يساعد على النضوج التدريجي لنماذج أعمال هذه الشركات.
ومن جهة أخرى، تمكن البيئات الرقابية السلطات الإشرافية من مراقبة ومتابعة نماذج أعمال هذه الشركات ومن ثم صياغة الأطر الملائمة لتنظيم عملها قبل أن يتم ترخيصها والسماح لها بتقديم خدماتها على نطاق واسع من المستهلكين، بما يضمن الاستقرار المالي وحماية مستهلكي الخدمات المالية.
علاوة على ما سبق، تمنح البيئات الرقابية المستثمرين سواء كانوا من القطاع المصرفي أو من خارجه الثقة في نشاط شركات التقنيات المالية الناشئة، ومن ثم تسهيل عقد شراكات ناجحة مع هذه الشركات وتوفير التمويل اللازم لدعمها.
وبلغ إجمالي عدد الشركات العاملة في مجال التقنيات المالية الحديثة في اثنتي عشرة دولة عربية قامت باستيفاء استبيان الإصدار الأول من مرصد البيئات الرقابية الاختبارية نحو 60 شركة.
سجل عدد تلك الشركات أعلى مستوى له في تونس بإجمالي 25 شركة خلال عام 2020، يليها لبنان والسودان بنحو 12 و10 شركة على التوالي، فيما ينخفض عدد شركات التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية الأخرى إلى أقل من عشرة شركات.
ويلاحظ تذبذب عدد الشركات العاملة في مجال التقنيات المالية خلال الفترة (2015-2020) في عدد من الدول العربية التي تتوفر عنها بيانات، بما يشير إلى حاجة هذه الشركات إلى إطار وبيئة داعمة لنموها وتمكينها من مواجهة التحديات التي تواجه عملها لاسيما خلال السنوات الأولى من تأسيسها.
أشار التقرير إلى توفر بيئات رقابية اختبارية في سبع دول عربية قامت باستيفاء الاستبيان، ويتسع نطاق الانضمام للبيئات الرقابية الاختبارية في عدد من الدول العربية ليشمل كذلك إلى جانب شركات التقنيات المالية الناشئة، المؤسسات المالية المرخصة لاختبار الحلول المبتكرة القائمة على التقنيات المالية، سواء في مجال التقنيات المالية الحديثة أو القطاع المالي بشكل عام.
أما من حيث الحوافز الممنوحة في إطار البيئات الرقابية الاختبارية، فتمنح الشركات العاملة في نطاق هذه البيئات العديد من الحوافز مثل تقديم المشورة والمعلومات بشأن اللوائح التنظيمية ومتطلبات الترخيص، وكذلك إمكانية النفاذ إلى التمويل اللازم لتنفيذ هذه الابتكارات.
وتسمح بعض الدول العربية لشركات التقنيات المالية في إطار هذه البيئات بإمكانية اختبار منتجاتها من خلال بيئات افتراضية معدة لهذا الغرض، بمشاركة عدد محدود من العملاء، فيما يسمح لها في دول عربية أخرى بإمكانية الاختبار في بيئة فعلية من خلال التعامل مع أفراد وعملاء حقيقيين.
وتقوم السلطات الإشرافية في الدول العربية باعتماد مجموعة من المعايير لقبول انضمام شركات التقنيات المالية للبيئات الرقابية الاختبارية، من أهمها وجود قيمة مضافة ومنفعة مرجوة من اعتماد هذا المنتج المالي، وقابليته للتطبيق في السوق المحلي، وجاهزيته للاختبار في إطار البيئة الرقابية، بحيث تمنح الأولوية للمنتجات والخدمات ذات المستويات الأعلى من الابتكار.
وتقوم السلطات الإشرافية في الدول العربية بتبني مجموعة من التدابير بهدف إدارة المخاطر في إطار البيئات الرقابية الاختبارية بشكل جيد، من بينها وضع حدود قصوى على عدد العملاء المتطوعين، وعلى حجم وعدد المعاملات، إضافة إلى إلزام الشركات بمتطلبات حماية سرية بيانات العملاء وبأطر محددة للإفصاح والشفافية، إلى جانب الالتزام بتطبيق إجراءات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.