بنوك عربية
كشف عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن مسارات التعافي الاقتصادي لا تزال تواجه العديد من المخاطر، أبرزها استمرار انتشار متحورات فيروس كوفيد-19، مما قد يؤدي إلى إنخفاض معدل النمو الاقتصادي العالمي المتوقع لعام 2022، كذلك ارتفاع مستوى الخسائر الاقتصادية العالمية الناتجة عن الجائحة لتبلغ نحو 13.8 تريليون دولار أمريكي حتى نهاية عام 2024، وذلك وفق تقديرات المؤسسات الدولية.
كما بين أن خسائر الناتج المحلي الإجمالي على مستوى المنطقة العربية الناشئة عن جائحة كوفيد-19 تقدر بنحو 221 مليار دولار أمريكي خلال عامي 2020 و2021 .
جاء ذلك في كلمة في جلسة الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية المنعقدة بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية، بحضور سلطان بن سالم الحبسي وزير المالية في سلطنة عُمان، رئيس الجلسة المشتركة، ومحمد بن عبد الله الجدعان وزير المالية في المملكة العربية السعودية، وبمشاركة رؤساء المؤسسات المالية العربية، ووزراء المالية والاقتصاد ومحافظي المصارف المركزية في الدول العربية.
كما لفت عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي إلى أن جائحة كوفيد-19، أبرزت أهمية تمتع الاقتصادات العالمية بالمرونة الكافية لمواجهة الصدمات الاقتصادية، وضرورة تبني صناع القرار لمزيج غير تقليدي واستباقي من السياسات الاقتصادية تستهدف توسيع حيز السياسات المتاح أمام الحكومات لمواجهة ظروف عدم اليقين والمخاطر التي تفرضها الأزمات المختلفة لحماية النمو الاقتصادي والتشغيل.
وكشف أن التطورات العالمية الراهنة، زادت من حدة التحديات السابقة، حيث قد تؤدي إلى انخفاض معدل النمو الاقتصادي العالمي بما يتراوح بين 0.5 إلى 1.0 نقطة مائوية في عام 2022، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم بنحو ثلاث نقاط مائوية مقارنة بتقديرات معدل التضخم المتوقع قبل هذه التطورات.
وأعلن المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي أن الاقتصادات العربية تواجه تحدياتٍ متعددة، في ظل الانعكاسات الاقتصادية التي أسفرت عنها جائحة كوفيد-19 مشيرا في هذا الصدد إلى انكماش الاقتصادات العربية بنسبة 05.5 في المائة في عام 2020، وتحقيقها لمعدل نمو يقدر بنحو 02.9 في المائة لعام 2021.
وبيّن المصذر ذاته أنه وفق تقديرات صندوق النقد العربي، ستحقق الاقتصادات العربية كمجموعة نموا في عام 2022 بنحو 5.0 في المائة، مدفوعا بالعديد من العوامل مثل التحسن النسبي في مستويات الطلب العالمي، وارتفاع أسعار عدد من السلع الأساسية لاسيما الأسعار العالمية للنفط والغاز، وارتفاع كميات الإنتاج النفطي في إطار إتفاق “أوبك+”.
بالإضافة إلى مواصلة الحكومات العربية لتبني حزم للتحفيز لدعم التعافي الاقتصادي التي وصلت إلى 396 مليار دولار أمريكي، فيما يتوقع تراجع وتيرة النمو للإقتصادات العربية في عام 2023 لتسجل نحو 04.0 في المائة، بما يتواكب مع تراجع زخم النمو الاقتصادي العالمي.
ولفت أن الدول العربية تواجه في هذه المرحلة تحديات اقتصادية تستلزم من المؤسسات والهيئات المالية العربية بذل الكثير من الجهود والتحرك نحو تبني آليات جديدة أكثر قدرة على تقديم الدعم للحكومات العربية لتحقيق النمو الاقتصادي وبلوغ مستويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة.
وأشار في هذا الصدد إلى التحديات المتعلقة في ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية المقدرة بنحو 11.5 في المائة والتي تمثل تقريبا ضعف المعدل العالمي وفق بيانات مجموعة البنك الدولي، وتحدي تزايد معدلات المديونية في ظل الارتفاع الكبير الذي شهدته مستويات الدين العام في أعقاب جائحة كوفيد-19 التي وصلت إلى نحو 752 مليار دولار أمريكي بما يمثل نحو 120 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة.
في ذات السياق، أكد المصدر ذاته على الحاجة الملحة إلى تعزيز قدرة الاقتصادات العربية على زيادة مستويات المرونة الاقتصادية لمواجهة أي صدمات اقتصادية محتملة، مشيرا في هذا الصدد إلى أهمية مواصلة الدول العربية للإصلاحات الهيكلية.
كما ذكر الحميدي على أهمية توجه الحكومات العربية نحو الإسراع بجهود التحول الرقمي والتحول نحو اقتصاد المعرفة، مبيّنا في هذا الصدد أن الدول التي تمكنت من التعافي السريع من تداعيات الأزمة، ومن التعامل مع تداعياتها بفعالية وكفاءة، تمثلت في الدول العربية ذات المستويات الأعلى من الجاهزية الرقمية.
وكشف أن مساهمة نصيب قطاعات اقتصاد المعرفة في الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية تعد ضعيفة نسبيا وتتراوح ما بين 04.0 في المائة إلى 12 في المائة مقارنة بالمستوى المثيل المسجل في العديد من الدول السباقة في هذا المجال ومن بينها الصين حيث تقدر هذه النسبة بنحو 36 في المائة، الأمر الذي يؤكد على الحاجة لمتابعة الجهود في الدول العربية لتطوير السياسات وتعزيز الاصلاحات التي تخدم التحول الرقمي.
ولفت إلى ضرورة تكثيف الجهود الرامية إلى تطوير القطاع المالي في الدول العربية لدعم فرص الوصول للخدمات المالية، وتطوير أسواق المال المحلية، وتعزيز الاندماج المالي الإقليمي، الأمر الذي سيساهم في إطلاق طاقات كامنة كبيرة وخلق فرص عمل متزايدة، بما ينعكس إيجابا على مساعي مواجهة البطالة ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والشاملة.
وحسب عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي فإن مواجهة هذه التحديات تستلزم تكثيف جهود المؤسسات المالية العربية خلال الفترة المقبلة بهدف توفير الدعم المالي والفني الكافي للدول العربية، وبناء القدرات للمضي قدما في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والقطاعية، وتوفير الموارد المالية الكفيلة بحفز النمو وخفض البطالة، والوفاء بأهداف التنمية المستدامة وفق أطر تشاركية تستهدف تعزيز تكامل جهود المؤسسات العربية المشتركة، وتعظيم العائد المتوخى من تدخلات كل مؤسسة على حده، والاستفادة من الفرص التي يتيحها التعاون مع المؤسسات الدولية الشريكة.
من جهة أخرى، أوضح المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، أن الصندوق وفر موارد مالية لعدد من دوله الأعضاء في شكل قروض جديدة، أو سحب على القروض القائمة، لمواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية الناتجة عن جائحة كوفيد-19 ودعم جهود الإصلاح في دوله الأعضاء، بلغت حوالي 452 مليون دينار عربي حسابي (د.ع.ح.)، ما يعادل حوالي 2 مليار دولار أمريكي، ذلك منذ بداية عام 2020 وحتى نهاية عام 2021.
كما ذكر مواصلة الصندوق جهوده في تقديم المشورة والمعونة الفنية لدوله الأعضاء، كالدورات التدريبيّة وورش العمل التطبيقية “عن بُعْد” التي شهدت تنوعا في الموضوعات لتحاكي المستجدات الحاصلة في الاقتصادات العربية، إضافة إلى إجراء الدراسات وإصدار التقارير التي تناولت مختلف القضايا الاقتصادية ذات الأولوية، بما في ذلك إصدار كتيبات تعريفية موجهة للفئة العمرية الشابة من الوطن العربي، إضافة إلى دوره في تعزيز مبادرة الإحصاءات العربية “عربستات”.
كما بين أن الصندوق عزز دوره في تقديم المشورة الفنية لجهة مواجهة التحديات التي فرضتها الجائحة على الخدمات المالية والمصرفية وإستراتيجية الخروج من الأزمة التي رافقت جائحة كوفيد-19 مشيرا في هذا الصدد إلى إصدار عددٍ من المبادئ الإرشادية لتعزيز قدرات السلطات الإشرافية لتبني السياسات الفعّالة لمواجهة تداعيات الجائحة وتعزيز الاستقرار المالي.
ووفق الحميدي فقد قام الصندوق بتعزيز دوره كمركز للمعرفة ومنصة للحوار في مواضيع الشمول المالي، والتقنيات المالية الحديثة، منوها بإطلاق مؤشر “التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية”(FinxAr) كوسيلة لمساعدة صانعي السياسات في تحديد متطلبات التطوير في مجال التقنيات المالية الحديثة.
كما لفت إلى حرص الصندوق على توسيع أنشطته لدعم تطوير القطاع المالي غير المصرفي من خلال أنشطة عدة تتعلق بقطاع التأمين، وصناديق التقاعد والمعاشات، وبرامج ضمان القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وغيرها، إلى جانب قيام الصندوق بتنفيذ عدد من الأنشطة التي تهدف إلى تعزيز التمويل المسؤول والمستدام، ودعم الحوار حول تغيرات المناخ والتمويل الأخضر.
وبين أن الصندوق استكمل إنشاء المؤسسة الإقليمية لمقاصة وتسوية المدفوعات العربيّة وبناء وتشغيل منصّتها التقنية “منصة بُنى”، التي باتت تضم عددا من العملات العربية والدولية وارتبط بها عدد من البنوك، والعمل جارِ على إطلاق خدمات الدفع الفوري، التي تميّز خدمات المنصة.
وخلص المصدر ذاته إلى أن الصندوق واصل خلال عام 2021 دعمه للدول الأعضاء من خلال برنامج تمويل التجارة العربية، مبيّناً أنه خلال عام 2021، بلغت قيمة السحوبات من خطوط الائتمان (1,012) مليون دولار أمريكي بموجب طلبات تمويل تجارية مؤهلة، وبلغ رصيد التزامات الوكالات الوطنية (769) مليون دولار أمريكي في نهاية عام 2021.