بنوك عربية
نبهت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز العالمية S&P Global Ratings من تأخر توقيع تونس لإتفاق تمويل جديد مع صندوق النقد الدولي، نظراً إلى التداعيات السلبية لذلك على البنوك التونسية على المدى القريب.
ورجحت المؤسسة الدولية أزمة مالية تونسية في حال عدم التوصل إلى إبرام اتفاق تحصل بموجبه تونس على قرض يدعمها في الحصول على تمويلات خارجية من السوق المالية الدولية.
وبينت أن ذلك سيؤدي حتماً إلى دخول تونس في وضعية عدم القدرة على سداد الديون، علاوة على التوسع في الإقتراض الداخلي من البنوك المحلية التونسية على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، مما رفع إجمالي الدين الداخلي ليصل إلى 36.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكدت ستاندرد آند بورز إلى أن غياب الإتفاق بين تونس والصندوق الدولي سيكلف النظام البنكي التونسي ما بين 4 مليارات دولار أمريكي إلى 7.6 مليار دولار أمريكي أي ما يعادل بين 08.0 في المائة و14.8 في المائة من الناتج الداخلي الخام الإسمي مع نهاية العام الجاري 2023.
ووفق الوكالة الدولية فإن هناك عدة سيناريوهات أطلقت عليها “ضغوطاً ضعيفة”، و”ضغوطاً متوسطة” و”ضغوطاً حادة”، معتمدة في رسمها على استطلاعات أجرتها مع مستثمرين مرتكزة على الإنعكاسات المالية والإقتصادية المحتملة على القطاع البنكي في تونس، إذ رأت أن هذا القطاع يواجه وضعية عدم اليقين.
وأوضحت “ستاندرد أند بورز” أن التداعيات السلبية للجائحة العالمية على تونس، والطرق المحتملة لتمويل عجز الموازنة من جهة وعدم القدرة على تعبئة موارد خارجية موجهة لخدمة الدين من جهة ثانية ثم مواجهة المخاطر التي تهدد النظام البنكي.
ويتمثل السيناريو الأول “الضغوط الحادة”، توقعت مؤسسة التصنيف الائتماني أن “تونس غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية، إذا لم تتوصل إلى إبرام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في مرحلة أولى والحصول على دعم مالي آخر في شكل قروض في إطار التعاون الثنائي، وتحديداً من قبل دول الخليج”.
مشيرة إلى أن “ذلك الموقف قد يؤدي إلى اختلال التوازن في ميزان المدفوعات والمالية العامة”، مرجحة أن “تؤدي هذه الوضعية إلى تراجع كبير في قيمة الدينار التونسي وانفلات نسبة التضخم وتكبد البنوك التونسية خسائر ضخمة بالتالي زيادة حاجتها إلى الرسملة”.
أما السيناريو الثاني فيتمثل في “الضغط المنخفض” الذي وضعته الوكالة الدولية التي ترى أنه أكثر تفاؤلاً، إذ توقعت أن “إبرام اتفاقية مع صندوق النقد الدولي بحلول نهاية الربع الأول من العام الحالي، ما يتيح تنفيذ الإصلاحات الهيكلية للإقتصاد التونسي وإمكانية استعادة الثقة بشكل تدريجي في تونس، علاوة على إستعادة نشاط استثمارات القطاع الخاص”.
مؤكدة ضرورة عودة الموارد المالية العامة والخارجية إلى مسار “مستدام”، إذ تكون البنوك التونسية قادرة على البدء في تنفيذ الإصلاحات تحت قيادة البنك المركزي التونسي حتى في حال استمرار كلفة المخاطر المصرفية المرتفعة، ولكن في اتجاه النزول مقارنة بسنتي 2020 و2021، وعلى رغم ذلك تتواصل مخاطر خارجية تتمثل في حدوث تباطؤ في أوروبا وارتفاع أسعار السلع الأساسية ومخاطر داخلية هي عدم الاستقرار السياسي والمعارضة الكبيرة للإصلاحات من قبل منظمات تونسية.
ويتمثل السيناريو الثالث الذي وضعته الوكالة الدولية، فافترضت خلاله أن “عدم تنفيذ الإصلاحات سيمنع الدولة من تعبئة الموارد اللازمة لتمويل ميزانيتها للعام الجاري 2023، التي لن تخلو من التأثير على الدعم الثنائي والمتعدد الأطراف”.
مضيفة أنه “في غياب الدعم الخارجي ستضطر الحكومة إلى اللجوء أكثر إلى السوق المالية المحلية من أجل تعبئة الموارد من البنوك أو شركات القطاع العام الأخرى التي لديها سيولة كافية مما يزيد الضغوط على البنوك وتقويض الربحية”.
ويُذكر أن وكالة “موديز” للتصنيفات الإئتمانية العالمية قد خفضت الترقيم الائتماني لتونس إلى “caa2” مع آفاق سلبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، في حين ثبتت وكالة “فيتش” للتصنيفات الإئتمانية العالمية الترقيم التونسي عند “ccc”.
وفي غضون ذلك، تواجه الحكومة التونسية انتقادات حادة مع زيادة الإقتراض من السوق الداخلية وإقدام البنوك المحلية على شراء السندات التي تطرحها الخزانة لإقراض الدولة، ما ترتب عليه صعوبات التمويل التي توجهها المؤسسات الصغرى والمتوسطة تأثراً بندرة السيولة النقدية.