بنوك عربية
تعكف البنوك العاملة في السوق المصري على وضع خطط طموحة لتحويل المزيد من العملات الأجنبية وتشجيع المصريين المتمركزين في الخارج على خلق مناخ جذاب لنمو هذه التحويلات.
وتأتي هذه الخطط بعد تراجع تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنحو 26% في الفترة بين يوليو 2022 إلى مارس 2023 إلى نحو 175 مليار دولار ، مقارنة بحوالي 23.6 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري.
وتحتل مصر المرتبة السادسة عالميًا من بين الدول التي تتلقى التحويلات الخارجية في عام 2022 ، وجاءت الهند في المركز الأول بما يعادل 111 مليار دولار، والمكسيك ثانيةً بـ 61 مليار دولار ، والصين ثالثةً بـ51 مليار دولار تليها الفلبين وباكستان على التوالي.
وتبادر البنوك المصرية بين وقت وآخر بطرح منتجات جاذبة للمصريين في الخارج تحت مظلة البنك المركزي لضمان استمرار القطاع المصرفي قناةً مشروعةً لاستقبال مدخرات العاملين في الخارج.
وأوضح ماجد فهمي ، الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية المصري ، أسباب تراجع تحويلات المصريين في الخارج. بأن الأزمة الروسية الأوكرانية كان لها تأثير كبير على انخفاض تحويلات العاملين في الخارج، من بين أسباب أخرى كثيرة منها: زيادة التضخم في بلد منشأ التحويلات المالية ، مما يقلل من مدخرات المصريين التي كانت ستحوّل إلى بلدهم الأصلي، وكذلك زيادة تكلفة تحويل الأموال عبر البنوك بشكل كبير مقارنة بالوسائل الأخرى.
يشار إلى أن متوسط تكلفة تحويل الأموال عبر البنوك في مصر هو 11.8 %، والتحويلات البريدية 6.3 % ، والتحويلات عن طريق شركات تحويل الأموال هي 5.4%، والتحويلات عبر الهاتف المحمول تقلل من متوسط تكلفة التحويلات إلى حوالي 4.5 % ، ولكنها لا تشكل أكثر من 1% من تكلفة التحويل الوارد.
ورأى أنه يجب العمل على خفض تكلفة التحويلات المالية عبر البنوك، وذلك من خلال التشجيع على فتح حسابات مصرفية ميسرة للعاملين المصريين خارج البلاد باستخدام البنوك التي تتعامل مع البنوك المصرية. مع طرح وحدات سكنية في المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة بأسعار تنافسية وذلك بالعملات الأجنبية. مع العلم أن هذه العملية تم تجربتها في الفترة الماضية، ولكنها لم تحقق النجاح المنشود، إذا ما تمت المقارنة بقيام المشتري بصرف القيمة بالجنيه المصري من السوق الموازي للنقد الأجنبي، ثم الشراء بالجنيه المصري، بناءً على عدم وجود ميزة حقيقية للشراء بالعملة المحلية.
وتابع: “على إثر ذلك، تحركت الحكومة والبنك المركزي المصري، نحو اتخاذ العديد من السياسات والإجراءات التي تكفل زيادة موارد النقد الأجنبي من خلال طرح العديد من المبادرات أمام المصريين بالخارج، ومن أهمها تمتع العاملين بالخارج باستيراد سيارة من دون جمارك، مقابل إبرام وديعة بالبنوك بالنقد الاجنبي تسترد بنفس العملة في نهاية المدة”.
من الجدير بالذكر أن البنك الأهلي وبنك مصر قد طرحا خدمات تمويلية خاصة للمصريين العاملين في الخارج، مقابل تحويل الأقساط بالعملة الأجنبية وذلك بمبلغ يتراوح بين 50 ألف جنيه مصري كحد أدنى و3 ملايين جنيه مصري كحد أقصى. يتاح من خلال هذه الخدمات إمكانية التمويل العقاري لشراء الوحدات السكنية والتجارية التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بالإضافة إلى سداد غرامات التخلف عن أداء الخدمة العسكرية بالدولار الأمريكي للعاملين بالخارج. كما طرح البنكان مبادرة تتيح للعاملين بالخارج الحصول على معاش بعد الوصول إلى السن القانونية، مقابل تحويل الأموال بالعملة الأجنبية.
وذكر بالرغم من الفائدة المباشرة لتلك المبادرات، فإنها لا تتجاوز بعض العقبات المرتبطة بتحويلات العاملين بالخارج. ربما يكون العامل الأبرز هو انتشار السوق الموازية للصرف الأجنبي، التي تظل قادرة على مجابهة الإجراءات التي تتخذها الدولة. هذه الظاهرة تُعدّ أحد التحديات الأساسية التي تواجه صناع القرار الاقتصادي والنقدي في البلاد في محاولتهم اتخاذ تدابير اقتصادية ناجحة. وفي الواقع، السوق الموازية للصرف الأجنبي تعدّ أحد العوامل الرئيسة التي تثير قلق المستثمرين الدوليين من الاستثمار في مصر، وهو ما يتطلب مواجهة محاسمة وقوية.
وشدد على أن المسؤولية ليست كلها على عاتق البنك المركزي المصري في تقديم حوافز للمصريين العاملين في الخارج، بل يجب أن يكون لجميع أجهزة الدولة دور في هذا النوع من المبادرات. بداية من إصدار نشرات توعية للمواطنين سواء كانوا في الداخل أو الخارج، تُشدد على أهمية زيادة الموارد الدولارية للدولة المصرية، وبما يعود بالنفع على الجميع سواء نفعا مباشر أو غير مباشر.
أوضح الخبير المصرفي المصري، محمد الشوربجي، أن إصدار البنوك لمنتجات ادخارية خاصة بالمصريين العاملين بالخارج ليست خطوة جديدة بالنسبة للقطاع المصرفي، بل إنها استمرت لمدة تقترب من 5 سنوات وتواصل الابتكار والتجديد. تعمل البنوك دوريا على إطلاق منتجات جديدة تلبي حاجات العاملين بالخارج والدولة في الوقت نفسه.
وقال إن ذلك التوجه يتم بالتنسيق مع جهات مختلفة ممثلة في وزارة الخارجية ووزارة الهجرة والبنوك المركزية بالخارج لضمان أن تكون هذه المنتجات متوافقة مع المعايير الفنية والإدارية للبلاد التي يوجد بها المصريين العاملين بالخارج سواء كانت دول أوروبية أم عربية .
وأضاف أن تحويلات المصريين بالخارج هي أحد الموارد الأساسية لمصادر النقد الأجنبي للدولة المصرية ، وشهد هذا الرافد أو المورد “تحويلات المغتربين” نموا غير مسبوق حتى نهاية عام 2022، ولكن مع وجود ضغوط على الدولة واستمرار أزمة موارد العملة الأجنبية وتحرك سعر الجنيه أمام الدولار في السوق الموازي وبمعدلات غير مسبوقة أوجد حالة من عدم الاطمئنان لدى المصريين العاملين بالخارج .
وأشار إلى أنه نظرا لذلك لم يتم تحويل جزء كبير من المدخرات انتظارا لاستقرار سعر الصرف ورغبة منهم في تحقيق أعلى استفادة ممكنة في تحويل مدخراتهم بالعملة الأجنبية إلى الجنيه المصري .
وأوضح أنه كان لزاما على الدولة إيجاد مصادر جديدة لتشجيع المصريين العاملين بالخارج على تحويل مدخراتهم، وبدأت هذه المبادرات بإعطاء إعفاء سيارات العاملين بالخارج من الجمارك نظير إيداع قيمة من الجمارك توضع بالعملة الأجنبية لكي يتم هذا الإعفاء، وتبع ذلك شهادات الادخار ذات اغلعائد المميز سواء 7 و9 % بمميزاتها المتعددة لجذب مزيد من المدخرات .
وخلال الفترة الماضية أعلن أكبر بنكين حكوميين في مصر، عن إصدار شهادتي ادخار جديدتين بالدولار الأميركي لمدة ثلاثة أعوام، حيث أعلن البنك الأهلي المصري عن اصدار شهادتي ادخار جديدتين بالدولار الأمريكي لمدة ثلاث سنوات بعائد سنوي 7% و9%، وتبلغ فئات الشهادات 1.000دولار أمريكي ومضاعفاتها.
وأطلق بنك مصر – شهادتي إدخار بالدولار لمدة ثلاث سنوات بعائد سنوي 7% و9% وبنفس قيمة فئات شهادات البنك الأهلي.
ونادى بضرورة الاستمرار في منح حوافز لقطاع السياحة بإعتباره أحد العناصر الأساسية للنفد الأجنبي للدولة .
ورأى الخبير المصرفي أن كل هذه الآليات مجتمعة هي التي سوف تؤدي إلى مزيد من الاستقرار وبالتالي يتم إعادة الاطمئنان المصريين العاملين بالخارج وإعادة تعاملاتهم إلى القنوات الشرعية .