بنوك عربية: أعلن محمد معيط وزير المالية المصرية أن النجاح الذي تحقق للإصدار الأول للصكوك السيادية المصرية رغم الظروف الدولية المضطربة، ومناخ التمويل العالمي الصعب، يعد بمثابة “رسالة ثقة” قوية من أسواق المال والاقتصاد والمستثمرين، في الاقتصاد المصري ومستقبله وقدرته على التعامل بمرونة مع كل التحديات.
يأتي ذلك في كلمة لمحمد معيط ألقاها نيابة عنه مستشار وزير المالية محمد حجازي، أمس الأحد الموافق لـ 01 أكتوبر/ تشرين الاول 2023، في المؤتمر الإقليمي الأول لمنتدى البركة للاقتصاد الإسلامي، تحت عنوان “أهمية تعزيز دور الصكوك في التنمية المستدامة: عرض وتحليل تجارب دولية”، الذي تنظمه المنظمة العربية للتنمية الإدارية مع الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، والذي انطلق، اليوم، تحت رعاية محمد معيط.
وأكد معيط أن الصكوك تكتسب أهمية متصاعدة في عالم اليوم لأسباب عديدة، في مقدمتها اتساع حجم سوق التعامل بالصكوك في أنحاء العالم، وزيادة الإقبال عليها، حتى تجاوز حجم التعامل بها أكثر من تريليوني دولار أمريكي، وفق أقل التقديرات الدولية، فضلاً عن الزيادة المطردة في حجمها، والتي تتجاوز 30% سنوياً طبقاً لما تقدره الوكالات الدولية العاملة في هذا المجال، وفق وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وأكد أن لاشك أن الظروف الدولية الضاغطة حالياً، قد ضاعفت من أهمية اللجوء إلى إصدار صكوك إسلامية، كأحد بدائل التمويل الفعالة بالنسبة للأسواق الناشئة والدول النامية، لتمويل مشروعات التنمية المستدامة فيها، والوفاء بالتزاماتها واحتياجاتها التمويلية، في ظل حالة الاضطراب في الأسواق المالية الدولية حالياً، وصعوبات الحصول على تمويل من الأسواق الدولية بشروط وتكاليف مناسبة.
وأضاف: “لعل تجربتنا في مصر تحمل الكثير من الدلالات ذات المغزى، الجديرة بالتأمل لنا ولمجتمع المهتمين بالصكوك”.
وأردف: “لقد بدأ في مصر حوار مجتمعي ممتد عن الصكوك من كافة جوانبها منذ بداية الألفية الجديدة، شارك فيه خبراء الاقتصاد والتمويل، والمؤسسات الإسلامية والمتخصصون في العلوم الشرعية، ورموز المجتمع، وذلك على فترات متفاوتة، الأمر الذي ساهم في التوصل إلى توافق عام في مصر حول جدوى الصكوك وأهميتها وتوافقها مع الشريعة الإسلامية والشروط اللازمة لضمان نجاح إصدارها، وقد ترجم كل ذلك في صياغة “قانون الصكوك السيادية” وهو القانون (138) في عام 2021، وصدور لائحته التنفيذية عام 2022، حيث وفر هذا القانون مظلة تشريعية فتحت الباب أمام دخول مصر سوق التمويل الإسلامي العالمي”.
كما قال “وهكذا، تهيأ المناخ التشريعي لبدء الإجراءات التنفيذية للإصدار الأول من الصكوك السيادية المصرية (بضمان وزارة المالية)، وهو الإصدار الذي تم فعلاً في شهر فبراير من العام الحالي 2023، وكانت نتائجه جيدة للغاية”.
وأوضح أن طلبات الشراء بلغت (6.1) مليار دولار تعادل (4) أضعاف قيمة الإصدار البالغة 1.5 مليار دولار لأجل (3) سنوات، وبعائد نصف سنوي، وجاءت (60%) من طلبات الشراء من منطقة الخليج ودول الشرق الأوسط، و(40%) من أسواق أوروبا وأمريكا وشرق آسيا، كما بلغ العائد على الاًصدار الأول (10.875%) وهو أقل من العائد الاسترشادي الذي تم تقديره، وأقل من عائد السندات الدولية لمصر.
وذكر أن هذا النجاح الذي تحقق رغم الظروف الدولية المضطربة، ومناخ التمويل العالمي الصعب، حمل العديد من المؤشرات من بينها: أنه يعد بمثابة “رسالة ثقة” قوية من أسواق المال والاقتصاد والمستثمرين، في الاقتصاد المصري ومستقبله وقدرته على التعامل بمرونة مع كل التحديات.
ولفت إلى أنه في الوقت نفسه، فقد أنشأت مصر برنامجاً دولياً لإصدارات الصكوك لعدة سنوات مقبلة بقيمة (5) مليارات دولار، وتم تسجيله في بورصة لندن.
وأوضح أن من جانب آخر، فإن هذا الإصدار الأول للصكوك السيادية المصرية على الصعيد الدولي، كان جزءاً من استراتيجية شاملة استطاعت مصر من خلالها مواجهة انعكاسات الأزمات الدولية المتلاحقة، بدءاً من آثار جائحة كوفيد-19، ثم التداعيات الاقتصادية الخطيرة، والتي لازالت مستمرة للأزمة في أوروبا وما ارتبط بها من اضطراب في أسواق المال وأسعار السلع الأساسية، وتطبيق سياسات مالية متشددة من جانب الدول المتقدمة اقتصاديا، فضلاً عن التأثيرات السلبية التي تتفاعل ببطء، ولكن بقسوة، نتيجة التغيرات المناخية، والتي تتطلب تمويلاً كبيراً ومستمرا للتعامل مع آثارها، والتكيف معها ولتنفيذ سياسات التخفيف من مسبباتها.
وأكد أن من خلال حزمة متكاملة من السياسات المالية والاقتصادية، استطاعت مصر الصمود في وجه الأزمة وعبور المراحل الأصعب منها، وتقترب من استعادة الزخم التنموي، ومعدلات النمو العالية، وتحقيق المستهدفات الوطنية في القطاعات الإنتاجية والخدمية في البلاد، من أجل تحسين جودة الحياة للمواطنين، وتوفير فرص العمل للأعداد الكبيرة التي تدخل سوق العمل سنوياً، في مجتمع يتجاوز عدد سكانه (100) مليون نسمة.
وأكد أن الإصدار الأول للصكوك السيادية المصرية هو قصة نجاح في استثمار الأدوات المتاحة، من أجل توفير مصادر تمويل ميسر طويل الأجل نسبياً.
وبين أن الصكوك كأداة مالية، تجذب شرائح واسعة من المستثمرين والمدخرين الذين يفضلون استثمار أموالهم في أدوات متوافقة مع ما تسمح به الشريعة الإسلامية، كما أنها متاحة في الوقت نفسه لسائر الشرائح الأخرى من المستثمرين، بفضل ما تتمتع به من مرونة في بيعها ومبادلتها وتحويلها إلى أسهم، الأمر الذي ساعد على انتشارها في الأسواق المالية الإسلامية وغير الإسلامية على السواء.
وأكد أن جدول أعمال هذا المؤتمر يتضمن عدة دراسات ومشاركات عن التجربة المصرية في هذا المجال.
وقال: “إنني على يقين من أن مناقشات هذا المؤتمر، ومساهمات هذه النخبة المتميزة من الخبراء، سوف تكشف عن المزيد من الجوانب، وتسفر عن الكثير من التوصيات والنتائج التي يمكن الاستفادة منها في كل بلداننا، وللمهتمين بهذا النوع من التمويل الذي يتعاظم دوره، وتتزايد حصته في سوق التمويل العالمية يوماً بعد يوم”.