بنوك عربية:
ماجد فهمي: البنوك تتخذ العديد من التدابير لتقليص تباطؤ الاقتراض بسبب رفع العائد.
أحمد أسامة: زيادة الضغط على دخل الأفراد تعزز فرص الاقبال على التمويل الاستهلاكي.
هشام حمدي: سعر الفائدة ليس له صوت مسموع في تحديد توجهات الأفراد على الاقتراض.
أطلقت الاقتصاديات العالمية ممثلة في البنوك المركزية العنان لسلسلة متواصلة من رفع الفائدة بهدف احتواء الضغوط التضخمية.
وتفاقمت معدلات التضخم في معظم دول العالم إزاء الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الاسرائيلية الفلسطينية.
مصر كانت واحدة من الدول التي تبنت سياسة التشديد النقدي إذ اتجه البنك المركزي المصري لرفع أسعار الفائدة لمواجهة هذه التداعيات.
وتعد القروض الاستهلاكية واحدة من أهم القطاعات التي يطولها تأثيرا مباشرا بالسياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي ..فهل ستتأثر برفع أسعار الفائدة وهل سيحجم المستهلكون على الاقبال للاقتراض من البنوك والشركات بعد ارتفاع التكلفة؟
أمام هذه التساؤلات رسم مختصون لـ”بنوك عربية” خريطة توجهات رفع أسعار الفائدة فيما يتعلق بالائتمان الاستهلاكي حيث توقع فريق أن يساهم رفع أسعار الفائدة في تباطؤ أو تراجع معدلات الاقتراض نظير ارتفاع التكلفة، فيما توقع فريق آخر أن تزداد معدلات الإقبال على الائتمان الاستهلاكي لسد فجوة المعيشة أمام ارتفاع الأسعار والحاجة لتلبية احتياجات الأفراد.
قال ماجد فهمي رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية المصري سابقاً أن تبني نهج رفع أسعار الفائدة خطوة احترازية لاحتواء الضغوط التضخمية أو ما يعرف بالسياسة الانكماشية، حيث يهدف البنك المركزي المصري من هذه السياسة لتشجيع الادخار ليكون أكبر من معدلات الاستهلاك وبالتالي يتم كبح جماح التضخم.
وانخفض معدل التضخم الأساسي بمصر، إلى 29 % على أساس سنوي في يناير من 34.2 % في ديسمبر، فيما سجل الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين، المعد من قبل البنك المركزي، معدلاً شهرياً بلغ 2.2 % في يناير 2024 مقابل معدلاً شهرياً بلغ 6.3 % في ذات الشهر من العام السابق ومعدلاً شهرياً بلغ 1.3 % في ديسمبر 2023.
وفي مطلع الشهر الماضي رفع البنك المركزي المصري سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25 %، 22.25 %و21.75 %، على الترتيب ، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75%.
ذكر أن رفع الفائدة سيكون له تأثير كبير على الأفراد بشكل مباشر، على خلفية زيادة تكلفة الاقتراض على نحو يؤدي إلى تباطؤ الاقتراض، مشيرا إلى أن البنوك تتخذ العديد من التدابير المتمثلة في تمديد آجال السداد وتخفيض المصروفات الإدارية لتقليص تداعيات زيادة أسعار الفائدة على القروض الاستهلاكية.
وكشفت أحدث نشرة إحصائية للبنك المركزي المصري، عن ارتفاع إجمالي القروض الممنوحة للقطاع العائلي (بالعملتين المحلية والأجنبية) بنحو 18.1% خلال أول 10 أشهر من العام الماضي، لتصل إلى 903 مليار جنيه مصري بنهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مقابل 764.5 مليار جنيه مصري بنهاية ديسمبر 2022، بزيادة قدرها 138.4 مليار جنيه مصري.
واستبعد فهمي أن يكون توجه الدولة المصرية لرفع الحد الأدنى للأجور وسيلة لتوسع البنوك والشركات في منح قروض استهلاكية بالنظر إلى زيادة القيمة المستقطعة من الراتب الشهري، معتبرا أن الفيصل في هذا الأمر هو سعر الفائدة الذي يعد أحد أهم أدوات البنك المركزي لمواجهة التضخم.
ووجه عبد الفتاح السيسي الرئيس المصري بتنفيذ أكبر حزمة اجتماعية عاجلة للحماية الاجتماعية، بقيمة 180 مليار جنيه مصري، وذلك اعتباراً من الأول من الشهر المقبل مارس 2024، بحيث تتم زيادة أجور العاملين بالدولة والهيئات الاقتصادية، بحد أدنى يتراوح بين 1000 إلى 1200 جنيه مصري، بحسب الدرجة الوظيفية (1000 جنيه مصري للدرجات من السادسة إلى الرابعة، و1100 جنيه مصري للدرجات من الثالثة للأولى، و1200 جنيه للدرجات من مدير عام إلى وكيل أول وزارة) .
وقال هشام حمدي نائب رئيس قسم البحوث ببنك استثمار النعيم المصري أن انخفاض القوى الشرائية يدفع الأفراد للاتجاه للتمويل الاستهلاكي تحت تأثير تفاقم معدلات التضخم والاضطرار لتقسيط السلع اللازمة للمعيشة .
وأوضح أن ارتفاع مستويات أسعار الفائدة ومدى تأثيره على قروض القطاع العائلي أوقروض التمويل الاستهلاكي لابد من مقارنته بالتضخم الذي تجاوز 40% في أحيان كثيرة ، مشيرا إلى أن معدل الفائدة الحقيقي بالسالب وبالتالي فإن ارتفاع مستوى التضخم معناه انخفاض القوى الشرائية مما يصب في صالح التمويل الاستهلاكي وقروض القطاع العائلي ، مفسرا ذلك بزيادة الوعي المالي لدى الأفراد ومراقبتهم لتطورات وتوجهات السوق .
وأضاف أن أسعار الفائدة لن يكون المعيار الأوحد للاقبال على الإقتراض وإنما هو جزء من مجموعة من المعايير والبنود وبالتالي لن يكون له صوت مسموع أو تأثير ملموس في تحديد توجهات الأفراد على الاقتراض من المؤسسات المالية المصرفية أو غير المصرفية .
وتوقع المصدر ذاته زيادة لاتقل عن 50 % من قروض التمويل الاستهلاكي عبر الشركات المتخصصة خلال الفترة المقبلة سواء كانت هذه الزيادة في عدد المستفيدين من الخدمة أو في عدد القروض الممولة.
وقال نائب رئيس قطاع البحوث لدى بنك الاستثمار النعيم ، إن المنتجات محملة بأعباء تمويلية جراء ارتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير ما يؤثر على المعروض من الخدمات والسلع في سوق التمويل الاستهلاكي لأن الشركات تقترض من البنوك وتعيد تمويل المستهلكين.
وذكر حمدي أن التمويل الاستهلاكي ليس حديث عهد بالسوق المحلي مدللا على ذلك بانتشار السوق غير الرسمية للتمويل الاستهلاكي سواء في الأقاليم أو المناطق الشعبية في المدن.
و قال أحمد أسامة العضو المنتدب لشركة درايف للتمويل بمصر أنه كلما زاد الضغط على دخل الفرد كلما كانت زادت فرصة إقباله على التمويل الاستهلاكي وهذا يعتبر ميزة تسهم في الحفاظ على مستويات معيشته.
وأوضح أنه أمام هذه المزايا هناك بعد آخر يتسم بالخطورة وهو أن دخل العميل لابد أن يكون لديه قدرة على سداد الأقساط وليس شراء منتج يعجز عن تدبير أقساطه فيما بعد.
وبحسب أسامة تنتهج درايف للتمويل استيراتيجية مميزة تتمثل في تدشين حملات توعية لعملائها عبر الرسائل العادية ووسائل السوشيال ميديا لتشجيعهم على السداد وتحذيرهم من خطورة عدم الانتظام في السداد بغرض الحفاظ على آي سكور الخاص بهم والجدارة الائتمانية، كما تمنح الشركة العميل المنتظم مزايا وحوافز تمويلية متنوعة .
وقفز إجمالي قيمة التمويل الاستهلاكي بنسبة 61.4%، إلى 43.321 مليار جنيه مصري خلال 11 شهرا منتهيا في نوفمبر 2023، مقابل 26.840 مليار جنيه مصري بالفترة المناظرة من عام 2022.
وارتفع إجمالي عدد العملاء بحسب التقرير الشهري الصادر عن الرقابة المالية، بنسبة 22.8% إلى 3.128 مليون عميل في الفترة يناير – نوفمبر 2023، مقابل 2.546 مليون عميل بالفترة المقارنة.
وفسر العضو المنتدب لشركة درايف ارتفاع مؤشرات النمو لدى صناعة التمويل الاستهلاكي إلى أنه ناتج عن ارتفاع الأسعار، وأمام هذا يكون العميل بحاجة إلى شيئين مهمين يتمثلا في تخفيض الأسعار وكذلك تيسير آلية الدفع للحصول على السلع والخدمات وهذا يفسر النمو الذي حققه نشاط التمويل الاستهلاكي.