أخبار 🇦🇪

صندوق النقد العربي يصدر عددا من “موجز سياسات” حول “رقمنة المالية العامة”

أطلق صندوق النقد العربي سلسلة بحثية دورية بعنوانموجز سياسات، تستهدف دعم عملية صنع القرار في الدول العربية من خلال توفير إصدارات بحثية موجزة تتطرق لأبرز الأولويات والموضوعات ذات الاهتمام بالنسبة للبلدان الأعضاء مصحوبة بتوصيات  لصناع السياسات

وتطرق العدد الثاني من هذه السلسلة إلى موضوعرقمنة المالية العامة، حيث أشار إلى أن التحولات الرقمية التي يشهدها العالم قد أثرت على كافة مناحي الحياة وأسفرت عن تحقيق مكاسب على صعيد الإنتاجية والتنافسية من خلال دورها في إعادة تشكيل طريقة أداء العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، كما انعكست كذلك على آليات عمل وأداء السياسات الاقتصادية الكلية ومن بينها المالية العامة، امتداداً لهذه التحولات وفي إطار الثورة الصناعية الرابعة وما صاحبها من تقنيات مثل الذكاء الصناعي، والبيانات الكبيرة، وسلسلة الكتل (البلوكشين)، والتقنيات الحيوية وغيرها من التقنيات الأخرى، اتجهت العديد من الحكومات للاستفادة من هذه التقنيات في زيادة مستويات فاعلية إدارة المالية العامة في تحقيق أهدافها من خلال تطوير آليات أكثر كفاءة لجمع الأموال العامة وإنفاقها بما يحقق أهداف السياسة المالية. تتطرق رقمنة المالية العامة للعديد من الجوانب من بينها التحول الرقمي على صعيد إدارة جانبي الموازنة العامة (الإيرادات والمصروفات العامة) لاسيما من خلال تبني نظم التحصيل والدفع الإلكتروني.

وتشير التقديرات التي تناولتها المجلة إلى أن التحول إلى عمليات التحصيل والدفع الإلكتروني على جانبي الموازنة العامة (الإيرادات والنفقات العامة) يُمكن أن يساعد على تحقيق وفورات اقتصادية سنوية تقدر بما يتراوح بين 0.8 و1.1 في المائة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً في الدول النامية، أي ما يتراوح بين 220 و320 مليار دولار. قد تتجاوز المكاسب الاقتصادية هذا المستوى إذا تم أخذ العوامل الخارجية الإيجابية غير المباشرة في الاعتبار. على سبيل المثال، أدت رقمنة الضرائب إلى زيادة بنسبة 50 في المائة في القاعدة الضريبية في الهند في أقل من عام واحد مما ساعد على توليد المزيد من الإيرادات العامة.

وأشار العدد الثاني من سلسلةموجز سياساتإلى عدد من التجارب الدولية على صعيد رقمنة المالية العامة موضحا تفاوت تجارب بلدان العالم في التحول الرقمي في عمليات الموازنة العامة، حيث سبق عدد من بلدان العالم المتقدم بلدان العالم النامية في مثل هذه التحولات منذ سنوات. فعلى سبيل المثال، تم رقمنة كافة المدفوعات الحكومية المرتبطة بالتحويلات الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 2013. كما حققت بلدان متقدمة أخرى إنجازات ملموسة في هذا الصدد حيث لا تتجاوز نسبة المدفوعات الحكومية غير الرقمية في كل من اسبانيا وإيطاليا نسبة 10 في المائة حالياً. كما يُمكن الآن لدول مثل المملكة المتحدة واستراليا وروسيا تحصيل الضرائب المفروضة على الدخل والشركات على الفور من خلال أنظمة الرواتب والفوترة الإلكترونية.

من جانب آخر تطرقت المجلة لعدد من النماذج والتجارب العالمية على صعيد رقمنة المالية العامة في الدول النامية. وموجز سياسات إلى أمثلة لرقمنة المالية العامة في بعض التجارب العربية، حيث حرصت الحكومات العربية في إطار خططها القومية الهادفة إلى التحول الرقمي ومساعيها للإصلاح المالي إلى التحول نحو رقمنة المالية العامة. وقد حقق العديد من الدول العربية نجاحات ملموسة في هذا الإطار. ففي الأردن، يتمكن الممولون من السداد الإلكتروني للضريبة على الدخل، وضريبة المبيعات إلكترونيا في الإمارات، تبنت وزارة المالية منظومة من البرمجيات وبوابات الدفع الرقمية للارتقاء بعمليات تقديم الخدمات العامة في إطار منظومة الدرهم الإلكتروني التي تم تدشينها في عام 2001، كما تم تطويرها في عام 2011. تتميز منظومة الدرهم الإلكتروني بتعدد أنواع بطاقاتها، وتوفر رسوم خدمات مخفضة، لا تتطلب حسابا بنكيا، جميعها مدفوعة سلفاً، قابلة لإعادة التعبئة وتعتمد على السحب من الرصيد، المدفوع أو المغطى ببطاقات الائتمان، بطريقة ذكية وآمنة. وفي السعودية، تم تطوير منصةسدادللدفع الإلكتروني بما يخدم الأفراد والشركات والقطاع الحكومي من خلال تشغيل بنية تحتية تتسم بالكفاءة والأمان والتوافق مع أفضل الممارسات. يتم من خلال هذه المنصة الدفع الإلكتروني لضرائب القيمة المضافة. في مصر، يأتي التحول نحو رقمنة المالية العامة في سياقاستراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030″، والبرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي الذي يتضمن حزمة من الإصلاحات المالية الرامية لتحديث إدارة المالية العامة، وتحسين تعبئة الموارد، وكفاءة الإنفاق العام باستخدام التقنيات الرقمية، حيث تبنت وزارة المالية منظومة لنشر الدفع والتحصيل الإلكتروني. وفي المغرب، اتجهت الإدارة العامة للضرائب إلى تطوير خدمة سداد الضرائب عبر الإنترنت لتمكين الممولين من الإقرار والدفع الإلكتروني لضرائب المبيعات والشركات والدخل. الأمر ذاته ينطبق في تونس حيث يسمح للممولين بسداد ضريبتي القيمة المضافة وضريبة دخل الشركات إلكترونياً. كما تبنت موريتانيا نظاما إلكترونيا للتخليص الجمركي ساعد في خفض الوقت اللازم لإنجاز مثل هذه المعاملات.

في هذا السياق أشار العدد الثاني من موجز سياسات إلى بعض الانعكاسات على صعيد السياسات في الدول العربية والتي من أهمها ضرورة وجود رؤية قومية متكاملة للتحول الرقمي، الشمول المالي أساس لنجاح مبادرات رقمنة المالية العامة، والتركيز على اعتبارات حماية الخصوصية وسرية البيانات ودعم الأمن السيبراني، والحاجة إلى دعم البنية التقنية.