بنوك عربية
افتحت أعمال اجتماع الدورة الخامسة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، الذي عقد هذا العام إفتراضيا بمشاركة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إلى جانب مدير عام بنك التسويات الدولية، كما شارك في الاجتماع بصفة مراقب، جامعة الدول العربية والأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وإتحاد المصارف العربية وإتحاد هيئات الأوراق المالية العربية ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى المدراء التنفيذيين العرب في كل من صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي.
وأكد عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي في كلمة في افتتاح أعمال الإجتماع على أن الاقتصاد العالمي سيتمكن من تجاوز تداعيات جائحة كوفيد-19، ويحقق نموا بنحو 06.0 في المائة و 04.4 في المائة على الترتيب خلال عامي 2021 و 2022، أخذاَ بالإعتبار الدعم المالي الإضافي في عدد من الاقتصادات الكبيرة، والانتعاش المتوقع نتيجة التوسع في إنتاج واستخدام اللقاحات خاصة خلال النصف الثاني من عام 2021، وفيما يتعلق بالدول العربية، بيّن الحميدي أنه ووفقا لتقديرات صندوق النقد العربي، ستحقق الاقتصادات العربية نموا بنحو 02.9 و 03.6 في المائة في عامي 2021 و 2022 على الترتيب.
كما حذّر الحميدي أن هذا التعافي يشوبه قدر كبير من عدم اليقين نتيجة لظهور سلالات جديدة من فيروس كورونا المستجد واستمرار الوباء لفترة طويلة، وإحتمالات نشوب أزمة مديونية عالمية في ضوء ارتفاع الدين العالمي، مع التوقع بإستمرار السياسات المالية والنقدية التوسعية لدعم مرحلة التعافي، إلى جانب قيام عدد من الحكومات بالسحب التدريجي لحزم السياسات التحفيزية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن من شأن تحسن مستويات الطلب على النفط في ظل استمرار العمل باتفاق “أوبك +”، أن يؤدي إلى استقرار في مستويات الأسعار العالمية للنفط عند مستويات تتراوح في المتوسط بين 60 دولار للبرميل الواحد و 65 دولار للبرميل الواحد خلال عامي 2021 و 2022، وسينعكس كذلك بصورة إيجابية على اقتصادات الدول العربية المصدرة للنفط.
في المقابلا نبه الحميدي من الزيادة المتنامية في مستويات المديونية العالمية التي بلغت بنهاية الربع الأول من العام الجاري نحو 360 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الأمر الذي من شأنه أن يعزز من هشاشة أوضاع الأسواق المالية، مبينا في هذا الإطار أن خطورة تزايد المديونية العالمية في الوقت الراهن تتمثل في الارتفاع غير المسبوق لمديونية القطاع العائلي وقطاع الشركات، وفي تراجع مستويات جودة الديون الخاصة.
ولفت الحميدي إلى ماقامت به المصارف المركزية العربية من جهود عززت سلامة ومتانة القطاع المصرفي العربي خلال الجائحة الوبائية، حيث حققت مؤشرات المتانة المالية للقطاع المصرفي في الدول العربية نتائج جيدة في العام الماضي، وإن كان هناك تراجع في مستويات الربحية. فعلى صعيد كفاية رأس المال، بلغ متوسط النسبة في المنطقة العربية حوالي 17.8 في المائة في نهاية العام السابق، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية بما يعزز من قدرته على استيعاب الخسائر المحتملة ومنها صدمة جائحة فيروس كوفيد-19 المستج)، فيما شهد متوسط نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات إرتفاعا بسيطا في عام 2020 لتبلغ نحو 08.4 في المائة.
كما أوضح المدير العام رئيس مجلس الإدارة على حرص الصندوق على الاستجابة السريعة لإحتياجات الدول العربية في ظل جائحة كوفيد-19، مبينا في هذا الصدد قيام الصندوق بتلبية طلبات الإقتراض بأقصى سرعة ممكنة، مشيرا أنه تم توفير موارد مالية لعدد من الدول الأعضاء في شكل قروض جديدة، أو سحب على القروض القائمة، لمواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية الناتجة عن تفشي فيروس كوفيد-19 ودعم جهود الإصلاح، ذلك من خلال تطبيق إطار الإجراءات السريعة الأمر الذي مكّن الدول الأعضاء المقترضة من الاستفادة من هذه الموارد بأسرع ما يمكن، مبينا في هذا الصدد أن إجمالي حجم الموارد التي قدمها الصندوق خلال العام الفائت والنصف الأول من هذا العام بلغت حوالي 451.2 مليون دينار عربي حسابي (د.ع.ح.)، وهو ما يعادل حوالي 1.9 مليار دولار أمريكي.
وبالخصوص أشار الحميدي، إلى قيام الصندوق بتكثيف جهوده في تنظيم اللقاءات التشاورية وتبادل التجارب والخبرات، وإعداد التقارير والدراسات بشأن التطورات الراهنة وآفاق الاقتصادات العربية، مبينا في هذا الصدد قيام الصندوق بتنظيم عدد كبير من الاجتماعات التشاورية، بمشاركة المؤسسات والأطر المالية الإقليمية والدولية ذات العلاقة، بهدف التباحث في تداعيات الجائحة والإستعداد لمتطلبات مرحلة التعافي، لدعم فرص الإستقرار المالي.
في نفس سياق وفي إطار تعزيز استجابة الصندوق لمواجهة تحديات الأزمة الحالية وتقديم المشورة للدول الأعضاء، أوضح المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي قيام الصندوق بإصدار عدد من الأدلة والمبادئ الإرشادية، هدفت إلى مساعدة الدول العربية على تبني السياسات الاقتصادية والمالية المناسبة.
لافتا إلى اهتمام صندوق النقد العربي بالقضايا المرتبطة بتداعيات تغيرات المناخ، مبيّناً في هذا الصدد تناول هذه المواضيع في اجتماعات اللجان وفرق العمل المنبثقة عن مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، وقيام الصندوق بإصدار مبادئ إرشادية عامة حول “كيفية تعامل المصارف المركزية مع تداعيات الكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ على النظام المصرفي والاستقرار المالي”، إلى جانب التفاهم على التخطيط أن يكون شعار اليوم العربي للشمول المالي للعام القادم 2022 تحت عنوان أهمية المسؤولية المجتمعية للمؤسسات المالية والمصرفية في تعزيز الشمول المالي.
وخلص الحميدي إلى دور منصة “بنى” للمدفوعات العربية التي تقدم خدمات الدفع والتسوية بعملات عربية ودولية، وتهدف إلى تمكين المؤسسات المالية والمصرفية في المنطقة العربية من إرسال واستقبال المدفوعات البينية في جميع أنحاء المنطقة العربية وخارجها بصورة آمنة وموثوقة وبتكلفة مناسبة وفعالية عالية، في تعزيز فرص التكامل الاقتصادي والمالي في الدول العربية.
وفي الختام لفت الحميدي إلى جهود دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر الصندوق في الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به.