أخبار أخبار عالمية تقارير و دراسات تكنولوجيا مالية مميز 🇸🇦

نتائج التقرير الشهري للأسواق العالمية فبراير 2023

بنوك عربية

بلغ تصاعد معنويات المخاطرة الذي شهدته الأسواق خلال شهر يناير إلى نهايته بشكل مفاجئ في شهر فبراير المنقضي 2023، حيث تلاشت الآمال المتعلقة بإنحسار التضخم، وبقيام البنوك المركزية بالتحول نحو تيسير السياسة النقدية.

ففي اليوم الأول من شهر فبراير 2023، قام البنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي(البنك المركزي الأمريكي) بإبطاء وتيرة رفع معدلات الفائدة، وذلك بعد أن قام برفع الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس كما كان متوقعًا، إلا أنه أشار إلى إحتمالية الاستمرار في إبقاء معدل الفائدة مرتفعًا لفترة أطول عما كان متوقعًا. 

قفزة مؤشر أسعار المستهلك بالولايات المتحدة الامريكية

وفي هذا الشهر، أدى نمو مؤشر أسعار المستهلك بالولايات المتحدة بشكل غير متوقع، فضلًا عن صدور البيانات التي أظهرت صلابة الإقتصاد وقوة سوق العمل إلى دفع العديد من أعضاء الاحتياطي الفيدرالي إلى الإدلاء بتصريحات حول دعمهم لرفع معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال اجتماع شهر مارس الماضي 2023.

كما أدى صدور هذه البيانات الى تسجيل سندات الخزانة قصيرة الأجل لأعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية التي حدثت في عام 2007.

وبالمثل، رفع البنك المركزي الأوروبي معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في بداية هذا الشهر، كما ارتفع معدل التضخم بعد تباطؤه لمدة شهرين، مما دفع العديد من أعضاء البنك المركزي الأوروبي إلى التأكيد على أنه ينبغي توقع استمرار تشديد السياسة النقدية بوتيرة أقوى.

وتواصلت المخاوف من حدوث ركود في بؤرة الاهتمام، حيث قامت الأسواق بتقييم تشديد البنك المركزي للسياسة النقدية، وتقييم البيانات التي أشارت إلى أنه قد تم مراجعة بيانات الناتج المحلي الإجمالي بالولايات المتحدة، وأوروبا، وهونج كونج هبوطيًا.

وسجلت التوترات السياسية مرة أخرى على الساحة، وذلك في ظل وجود تصعيد قوي للخلافات بين الولايات المتحدة والصين، حيث استمرت الصين في تعزيز أواصرها مع روسيا، إلى جانب الاشتباه في قيامها بالتفكير في إمداد روسيا بأسلحة فتّاكة.

التضخم

وبخصوص الكوارث الطبيعية، تشير التقديرات إلى أن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في وقت سابق من الشهر كبّد تركيا وحدها أضرار بقيمة 100 مليار دولار أمريكي. ولإنقاذ سوقها من تكبد المزيد من الأضرار، اتخذت الحكومة التركية خطوات فعّالة على مدار الشهر، بما في ذلك التدخل في العملة.

وأوضحت بيانات التضخم، بما في ذلك مؤشر أسعار المستهلك (الشكل رقم 01)، ومؤشر نفقات الإستهلاك الشخصي (الشكل رقم 03)، ومؤشر أسعار المنتجين (الشكل رقم 04)، إلى إستمرار ضغوط الأسعار، حيث شهدت المؤشرات الاقتصادية الثلاثة زيادة شهرية غير متوقعة في معدل التضخم العام، وذلك وفقًا لبيانات التضخم لشهر يناير.

وعلى الرغم من أن أسعار الطاقة ساهمت بقوة في ارتفاع التضخم خلال شهر يناير، إلا أن باقي مكونات مؤشر أسعار المستهلك (الشكل رقم 02)، مثل تكاليف الغذاء، والمسكن، والنقل أظهرت نموًا مستمراً على مدار الشهرين الماضيين.

وكشفت بيانات التضخم لشهر يناير 2023 الضوء على أمرين: أولهما أن التضخم قد يكون أشد رسوخًا مقارنةً بتوقعات الكثيرين، وثانيهما أن الاستهلاك بالولايات المتحدة يتسم بالصلابة، مما يمهد الطريق أمام البنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي للإستمرار في زيادة تشديد السياسة النقدية بوتيرة أقوى.

كما سجلت بيانات مؤشر أسعار المستهلك في الاتحاد الأوروبي ارتفاعا خلال شهر فبراير 2023 على عكس التوقعات، وذلك بعد تباطؤ دام لمدة ثلاثة أشهر،  وتصاعد معدل التضخم الأساسي إلى مستوى قياسي جديد على أساس سنوي، مما أدى الى تلاشي الآمال بأن تتراجع الضغوط على الأسعار.

بالإضافة إلى ذلك، صعدت معدلات التضخم على نحو مفاجئ في أكبر ثلاثة اقتصادات في المنطقة: ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، مما يشير إلى احتمالية تأثر بلدان أخرى في أوروبا. وعلى العكس من ذلك، أظهرت بيانات مؤشر أسعار المنتجين لشهر يناير 2023، والتي صدرت في شهر فبراير 2023، هبوط مفاجئ وهو ما يرجع بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار الغاز الطبيعي.

وعلى عكس نظرائها، تباطأت قراءات مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار المنتجين بشكل أسرع مما كان متوقعًا لشهر يناير في المملكة المتحدة، وكانت هذه البيانات قد صدرت على مدار الشهر. وعلى الرغم من تراجع مستوى التضخم، إلا أن مؤشر أسعار المستهلك في بريطانيا لا يزال ثابت عند 10.1 في المائة على أساس سنوي، وهو أعلى بكثير من بيانات مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو.

ويعود تراجع التضخم إلى عدم توازن سوق العمل وعوامل أخرى مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مما يشير إلى احتمالية تفاقم أزمة تكلفة المعيشة.

مبيعات التجزئة

كما قد قفزت مبيعات التجزئة الأمريكية بنسبة 03.0 في المائة، لتسجل أكبر ارتفاع لها فيما يقرب من عامين، وذلك خلال شهر يناير بعد سلسلة من الخسائر استمرت لشهريين متتاليين. وجاء هذا الإرتفاع نتيجة لزيادة نسبة المشتريات من السيارات وغيرها من السلع.

وفي أوروبا، تراجعت مبيعات التجزئة كما كان متوقع في شهر ديسمبر، متماشيًا مع التوقعات، لتسجل بذلك انخفاضها الشهري للمرة الثالثة على التوالي.  

واتبع المستهلكون في المملكة المتحدة خطى نظرائهم في الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت مبيعات التجزئة بوتيرة أبطأ من المتوقع على خلفية ارتفاع تكاليف السلع والخدمات بصورة أسرع من الأجور، مما يُضعف من القوة الشرائية للأفراد.

النشاط التجاري

بخصوص النشاط التجاري، استمر قطاع الخدمات في الولايات المتحدة تصاعده بشكل كبير خلال شهر فبراير 2023، ليصل إلى أعلى مستوى له في عام واحد مع زيادة معدلات التوظيف. وفي ذات الوقت، انخفض مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع إلى ما دون التوقعات، إلى جانب تراجع بيانات تقرير الوظائف إلى ما دون مستوى الـ 50 نقطة.

وإعتمد مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع بالإتحاد الأوروبي نفس مسار الولايات المتحدة، حيث إنكمش ليسجل مستوى أقل بقليل من شهر يناير 2023، وهو ما كان متوقعًا.

وفي هذه الأثناء، تحسن قطاع الخدمات بشكل ملحوظ، حيث وصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر يونيو، مما زاد من التوقعات بشأن قدرة اقتصاد الاتحاد الأوروبي على تلافي حدوث ركود.

وبخصوص المملكة المتحدة، فقد تحسن نشاط قطاع التصنيع بشكل طفيف وجاء أفضل من التوقعات في شهر فبراير. وزاد قطاع الدمات كما كان متوقع، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ شهر يونيو.

وأكدت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الإئتماني العالمية إلى تأثير إنتعاش النشاط التجاري على توقعات حجم رفع سعر الفائدة.

مؤشر ثقة المستهلك

بخصوص ثقة المستهلك في الولايات المتحدة، سجلت بيانات مؤشر ثقة المستهلك بجامعة ميشيجان لشهر فبراير 2023 أعلى مستوى لها منذ شهر يناير 2022، وجاءت أعلى من المتوقع.

ولكن في وقت لاحق من الشهر، تراجع المؤشر بشكل مفاجئ على خلفية تدهور التوقعات حيال النمو الإقتصادي خلال الستة أشهر المقبلين وهو  مما طغى على تأثير صلابة سوق العمل.. وانتعشت مؤشرات الثقة في الإتحاد الأوروبي إلى أعلى مستوى لها في عام حيث أصبح المستثمرون أكثر ثقة بأن أسوأ ما في أزمة الطاقة قد انتهى.

كما سجلت ثقة المملكة المتحدة أعلى مستوى لها منذ إبريل 2022، مما يشير إلى مرونة الدخل لدى الأسر على الرغم من ارتفاع تكاليف المعيشة.

الناتج المحلي الإجمالي

وتم خفض القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الرابع من عام 2022 خلال الشهر، وهو ما يتماشى مع التوقعات ولكنها جاءت أقل من قراءة الشهر السابق وأقل بكثير من قراءة الربع السابق.

وبالرغم من عمليات التسريح الضخمة للعمالة والتي أعلنت عنها الشركات الكبرى، إستمرت مطالبات البطالة في الإشارة إلى أداء أفضل من المتوقع لسوق الوظائف، وهو ما أضاف إلى الآمال بأن الإقتصاد قد يواجه فقط إنكماشًا بسيطاً، لكنه قد يدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

وصدر تقرير الوظائف عن شهر يناير، خلال شهر فبراير، وجاءت بياناته أفضل بكثير مما كان متوقعا.

وطبقاً للتغيير في رواتب الوظائف غير الزراعية، فإن الوظائف الجديدة التي تم اضافتها في يناير زادت بأكثر من الضعف عن التقديرات وعن شهر ديسمبر.

كما إنخفض معدل البطالة بشكل غير متوقع إلى أدنى مستوى له منذ عام 1969، منخفضًا عن التوقعات وأدنى من مستوى شهر ديسمبر.

وكشفت بيانات الناتج المحلي الإجمالي للإتحاد الأوروبي أنه قد تمكن من تجنب الركود، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.1 في المائة على أساس ربع سنوي وذلك في الربع الرابع من العام الماضي، متماشياً مع توقعات المحللين ولكنه جاء أبطأ من نمو الربع الثالث الذي جاء عند 0.3 في المائة.

أما بالنسبة لنمو الناتج المحلي الإجمالي على أساس سنوي، فقد سجل نمواً بنسبة 01.9 في المائة كما كان متوقعًا، وهو أقل من الربع السابق.

وعلى صعيد سوق العمل في الاتحاد الأوروبي، جاء معدل البطالة لشهر ديسمبر، والذي صدرت بياناته خلال شهر فبراير، متماشيا مع التوقعات، ولكنه اقل من معدل شهر ديسمبر.

وبالانتقال إلى المملكة المتحدة، تجنب الاقتصاد ركودًا فنياً ولكن معدلات النمو أصبحت ساكنة، مما يؤكد احتمالية حدوث انكماش في الفصول الربع سنوية القادمة. وبقياس ربع سنوي، لم ينمو الناتج المحلي الإجمالي أو ينكمش في الربع الرابع، كما هو متوقع، ولكنه تحسن بالمقارنة بالانكماش الذي شوهد في الربع الثالث.

وعلى أساس سنوي، شهد الناتج المحلي الإجمالي زيادة طفيفة في الربع الرابع، متماشياً مع التوقعات لكن أقل من معدل النمو في الربع الثالث.

نمو الوظائف

وظلت أوضاع معدل نمو الوظائف في المملكة المتحدة مستقرة إلى حد ما مع تسجيل معدل البطالة لثلاثة أشهر بنهاية ديسمبر نحو 03.7 في المائة، وهو ما كان متوقعًا، وذلك دون تغيير عن الشهر السابق.

معدلات الفائدة

على هامش إجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بالبنك الاحتياطي الفيدرالي وتصريحات مسؤولي البنك، أشارت العقود الآجلة للصناديق الفيدرالية إلى زيادة توقعات الأسواق برفع معدلات الفائدة، حيث أصبحت توقعات المتداولين أكثر اتساقًا مع خطة الإحتياطي الفيدرالي بعدما بلغت نسبة إحتمالية رفع معدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس 20 في المائة مقارنة بنسبة 03.0 في المائة التي تم الإفصاح عنها في مطلع الشهر.

وقامت الأسواق بتسعير مسار أطول لرفع معدل الفائدة، حيث أشارت البيانات الصادرة في أخر الشهر ارتفاع معدل الفائدة النهائي لبنك الاحتياطي الفيدرالي بحوالي 50 نقطة أساس، كما أشارت هذه البيانات إلى أنه من المتوقع أن يصل معدل الفائدة النهائي إلى 05.41 في المائة خلال شهر سبتمبر 2023 مقارنًة بتوقعات الأسواق خلال الشهر السابق، والتي سعرت وصول معدل الفائدة النهائي إلى 04.91 في المائة خلال شهر يونيو 2023.

وبخصوص توقعات الأسواق الخاصة بالإتحاد الأوروبي، قامت الأسواق بتسعير معدل فائدة نهائي أعلى بكثير، حيث قيمت الأسواق أن تصل ذروة معدل الفائدة إلى 03.88 في المائة في نهاية شهر فبراير 2024 مقارنة بتسعيرهم وصول معدل الفائدة النهائي إلى 03.32 في المائة في الشهر السابق.

كما إستمرت الأسواق في تسعير زيادة معدل الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال اجتماع شهر مارس، وذلك نظرًا لاستمرار البنك المركزي الأوروبي في اتجاهه نحو تشديد السياسة النقدية.

وبالمثل، زادت التوقعات الخاصة برفع بنك إنجلترا لمعدل الفائدة، حيث قامت الأسواق بتسعير معدل الفائدة النهائي عند 04.77 في المائة في شهر ديسمبر مقارنة بتسعيرهم 04.37 في المائة خلال الشهر السابق.

كما نمت توقعات الأسواق برفع بنك إنجلترا لمعدل الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال إجتماعه في شهر مارس بصورة ثابتة .

سندات الخزانة

أدت قوة الأداء الاقتصادي وتصريحات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي المائلة نحو تشديد السياسة النقدية إلى رفع عوائد سندات الخزانة بشكل كبير، حيث أنهت عوائد سندات الخزانة لأجل عامين تداولات الشهر عند 04.819 في المائة، مسجلًة بذلك أعلى مستوى لها منذ 2007، كما ارتفعت عوائد السندات لأجل 05 أعوام، وأجل 10 أعوام إلى 04.216 في المائة و03.955 في المائة على التوالي، ليسجلا بذلك أعلى مستوى لهما منذ نوفمبر الماضي/ تشرين الثاني.

ونما معدل العائد الحقيقي لسندات الخزانة بشكل طفيف، حيث ألقت الزيادة الحادة لمستوى تعادل التضخم بظلالها على ارتفاع عوائد السندات الاسمية.

وزاد مستوى تعادل سعر الفائدة مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك وارتفاع مؤشر أسعار المنتجين عما كان متوقعًا، مما أجج حالة القلق حيال ضغوط الأسعار المتزايدة. وأنهى مستوى تعادل الفائدة لعامين هذا الشهر عند 03.181 في المائة، ليسجل بذلك أعلى مستوى له منذ يوليو، بينما وصل مستوى تعادل الفائدة لأجل 5 أعوام إلى 02.639 في المائة.

مُسجلًا بذلك أعلى مستوى له منذ نوفمبر/ تشرين الثاني. وعلى صعيد الآجال الأطول، ارتفع مستوى تعادل الفائدة للسندات أجل 10 أعوام و30 عامًا إلى 02.427 في المائة و02.380 في المائة على التوالي، ليسجلا بذلك أعلى مستوى لهما منذ ديسمبر.

وبخصوص إرتفاع عوائد السندات قصيرة الآجل – الأكثر تأثرًا بتغير سعر الفائدة – بشكل أسرع مقارنة بعوائد السندات طويلة الآجل، استمر انقلاب منحنى العائد بالاتساع، وهو ما يُنذر الأسواق بأن مخاطر الركود لا تزال تلوح في الأفق، حيث أنهى فارق عوائد السندات لأجل عامين وعشرة أعوام تعاملات الشهر عند مستوى انقلاب بلغ -89.6 نقطة أساس، وهو مستوى لم تشهده الأسواق منذ عقود.

أدت نظرة السوق المستقبلية الخاصة برفع معدل الفائدة بشكل أكبر ولفترة أطول إلى زيادة الطلب على الدولار، مما سمح لمؤشر الدولار بالارتفاع بالتوازي مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة، حيث تمكن الدولار من كسر سلسة الخسائر التي دامت لأربعة أشهر، لتصبح فترة الخسائر تلك هي الأطول منذ أكثر من عامين.

وفي الوقت نفسه، أثرت زيادة عوائد سندات الخزانة وقوة الدولار الأمريكي على المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدًا، حيث سجل الذهب أكبر خسارة شهرية له منذ يونيو 2021.

وازادت عوائد سندات الخزانة الأوروبية في شهر فبراير، حيث ظهر اقتصاد الاتحاد الأوروبي بشكل أقوى مما كان متوقعا،  والذي دفع الأسواق إلى تسعير زيادة وتيرة تشديد السياسة النقدية، خاصةً بعد بقاء التضخم الأساسي عند أعلى مستوياته في التاريخ.

وأعلن صانعو السياسة بالبنك المركزي الأوروبي بشكل صريح عن دعمهم لرفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال مسار رفع بنك إنجلترا المركزي لسعر الفائدة غير واضح المعالم.

كما أثر تفوق أداء الدولار الأمريكي عن باقي نظرائه بمجموعة العشر دول الكبار، ليدفع اليورو والجنيه الإسترليني إلى وقف سلسلة مكاسبهم التي استمرت لأربعة أشهر. ومن الجدير بالذكر أن اليورو والين الياباني قد تكبدا أكبر خسائر شهرية لهما منذ شهر إبريل ويونيو على التوالي.

وتخلت الأسهم الأمريكية عن بعض أو كل مكاسبها التي حققتها في شهر يناير حيث أصبح المستثمرون أكثر تماشياً مع إ تجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي نحو تشديد السياسة النقدية عما كانوا عليه في شهر يناير. وتراجع مؤشر داو جونز إلى أدنى مستوى له منذ نوفمبر. وفي يوم الجمعة الأخير من الشهر، اختتم مؤشر S&P 500 أسوأ أسبوع له منذ أوائل ديسمبر.

حيث أثبتت البيانات أن الاقتصاد لا يزال يقاوم تشديد السياسة النقدية وأكد محضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي توجهه نحو المزيد من التشديد النقدي.

وعلى الرغم من الاحتمالية الكبيرة لزيادة وتيرة تشديد الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية، إلا أن قطاع التكنولوجيا الذي يتأثر بسعر الفائدة والأسهم ذات الرأسمال الصغير والمتوسط لا تزال تظهر أداء أفضل نسبيًا. يبدو أن كلا من مؤشري ناسداك المركب ورسل 2000 أقل انعكاسًا لتسعير السوق لدورة رفع أسعار الفائدة الاكثر حدة.

وكان قطاع المعلومات والتكنولوجيا الرابح الوحيد من بين جميع القطاعات المكونة لمؤشر ستاندرد آند بورز S&P، بما يتوافق مع الأداء الجيد لمؤشر ناسداك. وفي الوقت نفسه ، كان قطاع الطاقة هو الأسوأ أداء في فبراير، على الرغم من الأرباح القوية التي سجلتها شركات الطاقة الكبرى، حيث أثرت المخاوف من تشديد البنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية بوتيرة حادة،  على توقعات الطلب على الطاقة.

الأسهم الأوروبية والبريطانية

أشارت بيانات الأرباح في الولايات المتحدة مفاجئات هبوطية أكبر من العامين الماضيين، بالنظر إلى أن معنويات السوق قد تضررت بشكل أكبر من التوجيهات الإرشادية التي قدمتها الكيانات الكبيرة في تقارير أرباحها وتعد إنذار بالخطر.

صرحت شركات التجزئة مثل PepsiCo إن تقرير أرباحها الإيجابي كان مدفوعاً بارتفاع الأسعار وليس ارتفاع حجم المبيعات، كما أشارت شركات تجارة الجملة مثل تارجت Target إن المستهلكين قد حولوا إنفاقهم نحو الضروريات بدلاً من السلع الكمالية.

تفوقت الأسهم الأوروبية والبريطانية بشكل ملحوظ على نظيراتها في الولايات المتحدة، حيث ساعد اعتدال درجات الحرارة خلال الشتاء بصورة أعلى من المتوسط الاتحاد الأوروبي على التخفيف من أزمة الطاقة. علاوة على ذلك، ظل المستثمرون متفائلين بأن إعادة فتح الصين ستدعم الاقتصادات ضد مخاطر الركود. الجدير بالذكر أن مؤشر 600 STOXX ارتفع للشهر الثاني على التوالي ليسجل خلال الشهر أعلى مستوى له في عام.

علاوة على ذلك، كان مؤشر CAC الفرنسي ومؤشر DAX  الألماني يسيران في نفس الاتجاه على الرغم من ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين أكثر من المتوقع في الدول المذكورة خلال الشهر. ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في تحقيق المكاسب صلابة القطاع المصرفي وهو ما لعب دوراً أساسياً في دعم الأسهم الأوروبية.

النفط

وكانت أسعار النفط متقلبة للغاية خلال الشهر، حيث أدى إعادة فتح الصين لاقتصادها الى ارتفاع الطلب وكذلك قرار المملكة العربية السعودية برفع الأسعار الرسمية للشحنات إلى آسيا، وخطة روسيا لخفض الإنتاج إلى زيادة الضغوط على أسعار النفط لتدفعها للارتفاع. في أثناء ذلك، طغت التوقعات بشأن زيادة وتيرة تشديد البنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية والزيادة الأسرع من المتوقع في مخزونات النفط الأمريكية على العوامل المذكورة أعلاه.

وتراجعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا بسبب ارتفاع مستويات المخزون. ومع ذلك، ارتفعت الأسعار العالمية بسبب الانخفاض في حجم المعروض عل المستوى العالمي. وعكس النحاس والألومنيوم بعض مكاسب شهر يناير المرتبطة بإعادة فتح الصين في حركة تصحيح للأسعار. وساعد الانخفاض في أسعار السلع الأساسية على احتمالية استمرار رؤية اتجاهات هبوطية في الضغوط التضخمية.

وأبقت معظم البنوك المركزية بالأسواق الناشئة معدلات الفائدة الرئيسية كما هي دون تغيير، مما يشير إلى اقتراب نهاية دورات تشديد السياسة النقدية في العديد من البلدان.  

هذا يمكن تفسيره بشكل جزئي من خلال اختلاف ديناميكيات سوق العمل والتضخم التي تشهدها الأسواق المتقدمة بشكل طفيف عن تلك التي تشهدها بعض دول الأسواق الناشئة، حيث بدأت بعض البنوك المركزية بالأسواق الناشئة في دورات تشديد السياسة النقدية قبل بدء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع معدلات الفائدة. وعلى الرغم من ذلك، استمرت الدول، التي لديها أنظمة سعر صرف مرتبط بالدولار الأمريكي، وكذلك المكسيك، في رفع معدلات الفائدة بعدما قام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة لأول مرة خلال عام 2023 في نهاية شهر يناير.

ويعتبر الأداء القوي الذي شهده شهر يناير، تراجعت أصول الأسواق الناشئة مع تراجع مؤشر مورجان ستانلي لعملات الأسواق الناشئة  (MSCI EM Currencies)، ومؤشر مورجان ستانلي لأسهم الأسواق الناشئة MSCI) Equities index )بنسبة 02.24 في المائة، و06.54 في المائة على التوالي، وهذا بسبب  تراجع المعنويات بعد زيادة التوقعات بقيام بنك الاحتياطي الفيدرالي بزيادة وتيرة تشديد السياسة النقدية، وبسبب تزايد الشكوك حول مسار تعافي اقتصاد الصين.

ونتيجة لذلك، تعرضت تدفقات الأسواق الناشئة إلى ضغط، حيث وصل إجمالي التدفقات لأسهم الأسواق الناشئة إلى 22.9 مليار دولار أمريكي، أي تراجعت بنسبة 65 في المائة بقياس شهري، وذلك في الوقت الذي وصلت فيه التدفقات لسندات الأسواق الناشئة إلى 17.9 مليار دولار امريكي، أي تراجعت بنسبة 58 في المائة بقياس شهري، حيث كان الإنخفاض الحاد للتدفقات مدفوعًا بشكل رئيسي بتراجع التدفقات للأسهم الصينية.

كما أنهت معظم العملات الرئيسية بالأسواق الناشئة تداولات هذا الشهر على انخفاض حاد مع صعود الدولار لأول مرة منذ أربعة أشهر، وذلك باستثناء عملات البيزو المكسيكي، والسول البيروفي، والليرة التركية والتي تمكنت من تحقيق مكاسب، حيث حقق البيزو المكسيكي مكاسب نتيجة قيام البنك المركزي المكسيكي برفع معدل الفائدة، كما حقق السول البيروفي ارتفاعاً على خلفية هدوء التوترات السياسية، بينما حققت الليرة التركية مكاسب على خلفية تدخل الحكومة المحتمل في السوق.

كما قفزت عوائد السندات الدولية (اليوروبوند) السيادية لأجل 10 أعوام، وذلك في ظل عودة موجة البيع المكثف لسندات الأسواق الناشئة، وتراجع معنويات المستثمرين. ومن الجدير بالذكر أن معظم العوائد قد شهدت ارتفاعًا بأكثر من 30 نقطة أساس، حيث صعدت السندات التي أصدرتها أوكرانيا والأرجنتين بواقع 265.3 نقطة أساس، و168.8 نقطة أساس على التوالي.

ونتيجة لذلك، زاد حجم تداول عقود مبادلة مخاطر ائتمان الأسواق الناشئة خلال هذا الشهر، وذلك حسب بيانات(IHS Markit) الخاصة بعقود مبادلة مخاطر الائتمان لأجل 05 أعوام. وعلى الرغم من أن حجم تداول العقود قد انخفض بشكل كبير مقارنة بالفترة التي قامت فيها روسيا بغزو أوكرانيا، إلا أن مستوى عقود مبادلة مخاطر الائتمان لا يزال أعلى من متوسطها المُسجل تاريخيا.

وتراجعت أسهم الأسواق الناشئة نتيجة تراجع معنويات المخاطرة على مستوى العالم، وهبوط الأسهم الصينية. وعلى الرغم من الزلزال الذي ضرب تركيا، حقق مؤشر بورصة إسطنبول 100 مكاسب قوية، حيث فرضت الحكومة بعض الإجراءات الي من شأنها دعم الأصول المحلية.

وبخصوص أوضاع الإقتصاد الكلي بالصين، أبقى بنك الشعب الصيني على معدلات الفائدة الرئيسية كما هي دون تغيير، بما في ذلك سعر الفائدة القياسي للقروض لأجل عام، ولأجل 05 أعوام، كما أبقت على فائدة القروض الاستهلاكية الرئيسية كما هي دون تغيير. وعلى الرغم من أن هذا الأمر جاء متماشيًا مع التوقعات، إلا أن العديد من المستثمرين تكهنوا بأن بنك الشعب الصيني لم يعد لديه أسباب لخفض معدل الفائدة، كما تكهنوا بأن البنك لن يلجأ إلى هذا الأمر إلا إذا وجد ما يدل على ضعف النمو الاقتصادي.

النمو الإقتصادي

وبخصوص النمو الاقتصادي، أشارت البيانات الصادرة في مطلع الشهر إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 بهونغ كونغ بشكل غير متوقع، ليسجل بذلك أكبر انكماش قياسي له منذ 1998، مما يسلط الضوء على تأثير فرض عمليات الإغلاق في الصين لمكافحة فيروس كوفيد-19، وعلى الصعوبة التي قد تواجهها الصين في مسار تعافي نموها الإقتصادي حتى الوصول إلى المعدل المُستهدف والبالغ 05.0 في المائة.

وأظهرت مؤشر مديري المشتريات بقطاع التصنيع لشهر يناير الخاص بالشركات صغيرة الحجم – وهو التقرير الذي صدر في مطلع شهر فبراير – إلى تباين التعافي في جميع أنحاء الدولة، إذ لا يزال المؤشر منكمشًا، وذلك في الوقت الذي توسع فيه مؤشر مديري المشتريات بقطاع الخدمات بصورة غير متوقعة للمرة الأولى منذ أغسطس 2022.

وبشكل إيجابي، أوضحت البيانات الصادرة إلى ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك لشهر يناير، وهو ما يعكس تعافي معدلات الإنفاق بعد تخفيف سياسة “صفر كوفيد”. وعلى النقيض من ذلك، انكمش مؤشر أسعار المنتجين بشكل طفيف، وذلك في ظل استمرار تأثر قطاع التصنيع، ونتيجة لتراجع أسعار الطاقة.
وجاءت البيانات الصادرة حول الاستثمار الأجنبي متباينة بشكل طفيف، فمن ناحية، سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة انتعاشًا قويًا، وذلك مع تزايد الآمال بإعادة فتح الصين لاقتصادها.

في المقابل، تعرضت تدفقات المحافظ الاستثمارية للضغط، وذلك مع تدهور معنويات المستثمرين تجاه الأصول الصينية، حيث شهدت الأسهم دخول تدفقات بمقدار 2.4 مليار دولار أمريكي، لتتراجع بذلك بنسبة 86 في المائة بقياس شهري، بينما شهدت السندات خروج تدفقات بمقدار 0.7 مليار دولار امريكي، لتخفض بنسبة 72 في المائة على أساس شهري.

واستمر تباعد السياسات النقدية بين بنك الشعب الصيني (PBoC) وبنك الاحتياطي الفيدرالي في التأثير سلباً على أسواق الديون السيادية بالصين بعد أن كانت جذابة للمستثمرين. وتراجع الفارق بين السندات الصينية أجل  عشر أعوام وسندات الخزانة الأمريكية أجل عشر أعوام ليصبح بالسالب وبمقدار أكبر، مما دفع الرنمينبي الصيني إلى التراجع.

وأخيرًا، كان أداء مؤشرات الأسهم الصينية متباين نسبيًا، حيث انخفضت مؤشرات هونغ كونغ الأكثر انفتاحًا على المستثمرين الأجانب بشكل حاد مقارنة بالمؤشرات الداخلية في الصين والتي تتأثر أكثر بنشاط المستثمرين المحليين.

وكانت محاولات الحكومة لحماية سوق الأوراق المالية من الانهيار ناجحة نسبيًا، حيث أنهى مؤشر بورصة اسطنبول 100 تداولات الشهر على ارتفاع بنسبة 05.24 في المائة. ومع ذلك، إستمرت الليرة في الانخفاض، واستقرت عند أدنى مستوى لها على الإطلاق.

ومع ذلك، ترجع الكثير من المكاسب في مؤشر بورصة اسطنبول 100 إلى المستثمرين المحليين الذين كانوا يستثمرون في الأسهم المحلية كتحوط من التضخم نظراً لأن معدلات الفائدة الحقيقية لا تزال بالسالب وبشكل أعمق.

1
1
2
2
3
3
4
4
5
5
6
6
7
7
8
8
9
9
10
10
11
11
12
12
13
13
14
14
15
15
16
16
17
17
18
18
19
19
20
20
21
21
22
22
23
23
24
24
25
25
26
26
27
27
28
28
29
29
30
30
31
31
32
32
33
33
34
34
35
35
36
36
37
37
38
38
39
39
40
40
41
41
42
42
43
43
44
44
45
45
46
46
47
47
48
48
49
49
50
50
51
51
52
52
53
53
54
54
55
55
56
56
57
57
58
58
59
59
60
60
61
61
62
62
63
63
64
64
65
65
66
66
67
67
68
68

مواضيع ذات صلة

المركزي الأردني يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير

Baidaa Katlich

مع زيادة التكلفة: هل يضغط رفع سعر الفائدة على معدلات نمو الائتمان الاستهلاكي بالبنوك والشركات المصرية؟ بنوك عربية تُجيب ….

Nesrine Bouhlel

التوقعات والمخاطر تتصدر تقرير النقد الدولي

Nesrine Bouhlel