أطلق صندوق النقد العربي الإصدار التاسع من تقرير “آفاق الاقتصاد العربي” متضمنا توقعات أداء الاقتصاد الكلي في الدول العربية لعامي 2019 و 2020، متوقعا نمو اقتصادات الدول العربية بنحو 3.1 في المائة عام 2019، و3.4 في المائة عام 2020.
كما توقع التقرير استمرار الأثر الإيجابي لبرامج الإصلاح المالي في احتواء عجز الموازنة المجمعة للدول العربية عند مستوى 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019، واستقرار الفائض المسجل في موازين المعاملات الجارية للدول العربية عند مستوى يدور حول 1.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عامي 2019 و2020.
أما فيما يتعلق بالأوضاع النقدية، فإن التقرير يتوقع خلال عامي 2019 و 2020، أن تتأثر الأوضاع النقدية في البلدان العربية بتوجهات النشاط الاقتصادي، وبمستويات الطلب الخارجي، وبوضعية السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي. في هذا الإطار، من المتوقع أن يصاحب عودة السياسة النقدية التقليدية في الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو انعكاسات على الأوضاع النقدية في البلدان التي تتبنى نظم أسعار صرف ثابتة، مما سيؤثر على تكلفة التمويل المحلي والخارجي وتدفقات رؤوس الأموال.
أما في البلدان التي تتبنى نظما أكثر مرونة لأسعار الصرف، سيبقى تحسن الأوضاع النقدية في بعضها مرتبط بتحسن مستويات الطلب الخارجي، وهو ما سيدعم صافي الأصول الأجنبية، ويساعد على توفير الائتمان المحلي وخفض أسعار الفائدة، ويساعد على تراجع الضغوط في سوق الصرف الأجنبي.
وتركز الإصلاحات المتبناة في الدول العربية على صعيد السياسة النقدية بحسب التقرير على زيادة مستويات كفاءة السياسة النقدية في تحقيق مستهدفاتها من خلال تطوير بعض أدوات السياسة النقدية القائمة، واستحداث أدوات نقدية جديدة لضمان إدارة السيولة وزيادة مستويات كفاءة الأطر التشغيلية للسياسة النقدية.
كما يرى التقرير أن تدخلات المصارف المركزية قد ركزت على ضمان استقرار أسواق الصرف الأجنبي ومواصلة الجهود الهادفة إلى تعزيز الاستقرار المالي. كاستكشاف آفاق الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة (Fintech) في زيادة كفاءة الخدمات المالية ودعم الشمول المالي. عكس هذا الاهتمام نقلا عن التقرير حرص العديد من البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية مؤخراً، على اعتماد بيئات رقابية اختبارية (Sandboxes)، يتم في إطارها توفير الإطار الداعم لشركات التقنيات المالية. يجري في إطار هذه البيئات دراسة الاستفادة من تقنيات سلاسل الكتل “البلوكشين” في إصدار عملات رقمية صادرة عن بعض البنوك المركزية العربية وتقديم بعض الخدمات المالية للفئات غير المشمولة مصرفيا، وتطوير منصات إلكترونية لخدمات نظم “أعــرف عميلك” (Electronic Know Your Customer (E-KYC) Platforms)، وتشجيع دور منصات التمويل الجماعي (Crowdfunding) في تمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
فيما يتعلق بالأوضاع المالية يتوقع التقرير انخفاض عجز الموازنة العامة المُجمعة للدول العربية كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي إلى 5.5 في المائة عام 2019، وهو ما يعكس الأثر المتوقع لإصلاحات المالية العامة المتبناة خلال أفق التوقع، بالتركيز على تعزيز وتنويع مصادر الإيرادات العامة، وضبط ورفع كفاءة مستويات الإنفاق العام، وتبنى أطر متوسطة الأجل تتضمن مستهدفات لخفض عجوزات الموازنات العامة ووضع الدين العام في مسارات تنازلية، وهو ما يتوقع على ضوئه توازن أوضاع الموازنات العامة في عدد من الدول العربية خلال الأفق الممتد حتى عام 2023.
على صعيد الإيرادات العامة، ذكر التقرير أن الدول العربية النفطية وبالأخص دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال العام الماضي تحرص على تبني تدابير لتنويع إيراداتها العامة من خلال سياسات لحفز الإيرادات غير النفطية عن طريق الاتجاه إلى فرض الضرائب، ومراجعة رسوم تقديم الخدمات الحكومية. كذلك أحرزت الدول المستوردة للنفط تقدماً ملموساً على صعيد الإصلاح الضريبي وتبنت سياسات تعمل على تحسين الإدارة الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي بالإضافة إلى إدخال نظام الفوترة الإلكترونية أو التحصيل الإلكتروني للضرائب.
أما في جانب الإنفاق العام، فقد أوضح التقرير أن الدول العربية تعمل على تنفيذ سياسات إصلاحية تستهدف ترشيد الإنفاق العام وذلك من خلال إعادة ترتيب أولويات الإنفاق بالإضافة إلى إعادة هيكلة الوزارات والمؤسسات الرسمية، فيما تواصل دول عربية أخرى مساعيها لمراجعة سياسات الدعم المتبناة من طرفها بهدف إصلاح نظم الدعم السلعي والتوجه عوضا عنها إلى إصلاح وتقوية شبكات الحماية الاجتماعية والاستهداف النقدي للفئات المستحقة. كما تسعى الإصلاحات إلى زيادة الموارد الموجهة إلى الإنفاق الاستثماري من خلال تنفيذ مشروعات للشراكة مع القطاع الخاص في مجال البنية الأساسية، وتقديم الخدمات الحكومية.
أما على صعيد القطاع الخارجي فإن التقرير يتوقع استقرار الفائض في ميزان المعاملات الجارية عند مستوى يدور حول 1.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامي 2019 و2020